الحرية – سامي عيسى:
بات العنوان العريض لاقتصاد السوق الحر الذي تبنه سوريا الجديدة عامل محفز للنمو والانتاج والتفكير خارج الصندوق ,وفي هذا السياق يأتي تنظيم عمل المصارف الاستثمارية، وفق أفضل الممارسات والمعايير الدولية لتمكين القطاع المالي من أداء دور فاعل في تمويل مشاريع التنمية وإعادة الإعمار وتطوير القطاع الاقتصادي في سورية، ليكون في مقدمة الاهتمام الحكومي، وفي سلم الأولويات، التي تسعى الدولة السورية بكل مكوناتها، إلى استثمار الإمكانات المادية والبشرية المتوافرة لتعزيز قوة الاقتصاد الوطني، وزيادة إنتاجيته، وتحقيق عوائد اقتصادية تستهدف بناء حالة من الرخاء الاقتصادي، وتحسين مستويات الدخل للأسرة السورية، وفق منظور الاقتصاد الحر.
وبالتالي من المؤكد اليوم أنّ جميع الإجراءات التي تقوم بها الحكومة، تتجه نحو تأمين بيئة مناسبة للانتقال إلى اقتصاد السوق، وتوفير حاضنة أكثر أمناً وأماناً لرأس المال الوطني والأجنبي، تسمح بزيادته وتوسيع دائرة الاستثمارات لتشمل قطاعات أوسع، إلى جانب تعزيز الحالة الإنتاجية التي تسمح للمنتج السوري، إعادة رسم خارطة جديدة، يدخل من خلالها الأسواق العالمية من أوسع أبوابها.
المصارف الاستثمارية “طموح” قريب المنال.. يمنح الاقتصاد استقراراً وتذليلاً للعقبات أمام المصارف الخارجية
تمكين القطاع المالي في دعم مشروعات التنمية
نجح مصرف سوريا المركزي عبر العمل على تثبيت خطوات التحول الاقتصادي الحر بتنفيذ قانون المصارف الاستثمارية، وتحويلها إلى حقيقة تلامس الواقع، من خلال إصدار التعليمات التنفيذية خلال المرحلة المقبلة، حيث أكد حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر حصرية أن القانون وتعليماته التنفيذية، يهدف إلى تنظيم عمل المصارف الاستثمارية، وفق أفضل الممارسات والمعايير الدولية، وتمكين القطاع المالي من أداء دور فاعل في تمويل مشاريع التنمية وإعادة الإعمار، وتحقيق التوازن بين تشجيع الاستثمارات الخاصة وضمان الرقابة العامة والشفافية المؤسسية، وتعزيز حماية المستثمرين، وترسيخ مبادئ الحوكمة الرشيدة والمسؤولية المؤسسية.
من هنا جاء تأكيد الخبير المصرفي عامر شهدا بأن تفعيل دور بنوك الاستثمار في سوريا، والذي يهدف إلى النهوض بالاقتصاد الوطني، يرتبط بشكل وثيق بالاستقرار مشيراً إلى أنه أكبر مشجع لدخول رؤوس الأموال الأجنبية.
طموح لم يكتمل
وأوضح “شهدا” أن المرسوم 56 لعام 2010 صدر بهدف تشجيع دخول المصارف الاستثمارية إلى سوريا، والنهوض بالاقتصاد،
جانب مهم أكد عليه “شهدا” خلال حديثه لصحيفتنا “الحرية” وهو أنّ المصارف الاستثمارية، بحاجة إلى علاقات مع المصارف الخارجية، ووجود مراسلين لها، مبيناً أنه توجد مساع من المصرف المركزي لقبول المصارف الخارجية للتعامل مع المصارف السورية، وهو ما صرّح به حاكم مصرف سوريا المركزي لتفعيل بنوك الاستثمار، وأكد أن موضوع تمويل الاقتصاد عبر هذه المصارف يرتبط أيضاً بالرفع الكامل للعقوبات بشكل أكبر من كونه ورقة اقتصادية بحتة.
بنوك الاستثمار والتمويل
أما فيما يتعلق بتمويل المشاريع، فقد أوضح “شهدا” أن بنوك الاستثمار تقوم بدراسات جدوى اقتصادية، وتقسيم القطاعات، لوضع إستراتيجيات لتمويل المشاريع المتوسطة والكبيرة، في القطاعات الصناعية والزراعية والتعليمية وغيرها، أما المشاريع المتناهية الصغر، فغالباً ما ترتبط بمهام الحكومة والمصارف التجارية والتقليدية، حيث تحتاج إلى إعفاءات من الفوائد وتسهيلات في الضمانات، لعدم قدرة أصحابها على تقديمها، لضمان عدم رفع تكاليف الحصول على القروض.
منافسة وتعاون مع المصارف المحلية
وبالتالي فان دخول المصارف الاستثمارية وفق رأي ” شهدا” إلى سوق العمل السورية، ستعمل كمصارف مكملة، لا تلغي دور المصارف الأخرى الموجودة، مشيراً إلى إمكانية وجود تعاون فيما بينها في مجال التمويلات وغيرها.
توجيه إستراتيجيات التمويل
وأشار إلى أنّ تمويل المصارف يخضع لسياسات مصرف سوريا المركزي والسياسة النقدية، بالإضافة إلى إستراتيجية الحكومة التي توجه المصارف نحو القطاعات التي ترى ضرورة لتمويلها والنهوض بها، سواء كانت زراعية، سياحية، صناعية، أو خدمية، وذلك بحسب الخطة الاقتصادية الموضوعة لإنعاش وتنمية الاقتصاد.
تناغم مع السياسات النقدية
بعد هذه الخطوات التي تمّ ذكرها فقد أكد “شهدا” أن نجاح عمل المصارف الاستثمارية في سوريا، يتطلب تناغماً مع السياسات النقدية، والشفافية في الإجراءات والتطبيق هي أساس جذب الاستثمارات الخارجية.
وحتى تستكمل خطوات نجاح المصارف الاستثمارية في سوريا، وتحقيق العائد الاقتصادي منها، لابدّ من تناغم وثيق بسياساتها وتوجهاتها مع سياسات وتوجهات مصرف سوريا المركزي، وأن هذا التناغم بدوره مرتبط بالرؤية الاقتصادية للحكومة تجاه القطاعات الاقتصادية المختلفة.
شق قانوني وأخلاقي وحكومي
من دون تجاهل أمر في غاية الأهمية في رأي “شهدا” بأن نجاح المصارف يرتبط بشق قانوني وأخلاقي وحكومي، مشيراً إلى أن المصارف لا يمكن أن تعرض رؤوس أموالها لمخاطر عالية، وأن قرار قبول ملفات التمويل يتطلب خبرة عالية وأسباباً موجبة وأكد أن مصرف سوريا المركزي ملتزم بالقوانين والمعاهدات الدولية مثل اتفاقيتي بازل 1 و 2، التي تُعنى بدرء المخاطر عن الأموال.
الشفافية.. مفتاح جذب الاستثمارات
وشدد شهدا على أن الشفافية، المرتبطة بإصدار البيانات السنوية، والربع سنوية والنصف سنوية، تعطي مؤشرات مهمة لتوجيهات الكتلة النقدية، وموضوع التحوط، ومدى الالتزام باتفاقيات بازل، وأكد أن هذه البيانات تشجع المصارف الخارجية، وصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي على التعامل مع الحكومة السورية، ما ينعكس إيجاباً على التصنيف الائتماني السيادي للدولة.
دور الحكومة في دعم وتسهيل عمليات الإقراض
وفيما يتعلق بالمشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر، أوضح شهدا أن المصارف الاستثمارية لا تتدخل في تمويلها ، وأن هذا الأمر يرتبط بمهام الحكومة، مع الاشارة إلى ضرورة إنشاء مصارف متخصصة لتمويل المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر، مع إعفائها من الفوائد وتسهيلات في الضمانات لعدم قدرة أصحابها على تقديمها، لضمان عدم رفع تكاليف الحصول على القروض.
اقرأ أيضاً:
ملف «الحرية».. قوننة “حماية المستهلك” في الخدمات المالية… منطقة أمان مصرفية تحت “حماية” المركزي