من الثورة إلى الأمل.. جهاد عبدو: رؤية جديدة لسينما الإنسان والمستقبل

مدة القراءة 6 دقيقة/دقائق

الحرية – ميسون شباني:

يشهد القطاع السينمائي السوري انطلاقة جديدة تحت قيادة الفنان والمخرج جهاد عبدو، الذي تولى منصب مدير عام المؤسسة العامة للسينما، بعد عام من التحرير، هذا التغيير جاء ليؤكد أهمية الدور الثقافي للسينما في سوريا، في وقت تتجدد فيه الآمال بإنعاش هذا القطاع الذي تعرض لتحديات جسيمة خلال السنوات الماضية.

خطوة نحو استعادة الهوية الثقافية

منذ توليه منصبه، عمل الفنان جهاد عبدو على وضع خطة إستراتيجية لتمكين السينما السورية من استعادة حضورها، سواء على الساحة المحلية أو العالمية.
وفي هذا السياق، تحدث الفنان عبدو لـ” الحرية” عن ثلاث محطات بارزة شكلّت لحظات فارقة في مسيرة إعادة بناء المؤسسة، كانت البداية إطلاق تظاهرة أفلام الثورة السورية التي شكلّت نقطة انطلاق مهمة، حيث أعادت تسليط الضوء على تجربة الشعب السوري خلال سنوات الثورة، مقدمةً للمشاهدين فيلماً سينمائياً يعكس ملامح المعاناة والصمود.
ويؤكد عبدو أن هذا الحدث لم يكن مجرد عرض أفلام، بل كان منصةً للتعبير عن الذاكرة الوطنية للشعب السوري، بما في ذلك الأفلام التي تم تصويرها باستخدام كاميرات بسيطة لكنها محمّلة برسائل إنسانية عميقة.
وبين عبدو أن هذا الحدث أظهر أن الثورة السورية أكثر من مجرد حدث سياسي، فهي لحظة إنسانية تتجسد في شكل سينمائي يتجاوز الحدود.
وأضاف الفنان عبدو أنه بصدد إعادة استئناف مشروع حفظ الذاكرة السينمائية فبعد سنوات من التحديات التي أثرت على البنية التحتية للسينما السورية، بدأت المؤسسة العامة للسينما مشروعاً للرقمنة وحفظ الأرشيف السينمائي السوري، وهو ما يُعد خطوةً أساسية للمحافظة على التاريخ السينمائي السوري للأجيال القادمة.
وأشار عبدو إلى أنه فتح باب المشاركة للمواهب السينمائية الشابة من خلال الإعلان عن مسابقة لكتابة السيناريوهات القصيرة عبر موقع المؤسسة العامة للسينما، وهذا يمثل دعوة مفتوحة لجميع الشباب والمواهب الجديدة للمشاركة في تطوير السينما السورية. وشدد الفنان عبدو بأن هذا التوجه يعكس رغبته في إفساح المجال أمام جميع الأصوات السينمائية، فهو في تشكيل سينما أكثر تنوعاً.

السينما كأداة للعدالة الإنسانية

في حديثه عن أهمية السينما في سوريا بعد التحرير، أكد عبدو أن السينما ليست مجرد وسيلة للترفيه أو التجميل السياسي، بل هي أداة لفهم الجراح والاعتراف بها، من خلال تقديم أفلام تحترم التعددية السورية بكل مكوناتها.
وشدد على ضرورة أن تكون السينما وسيلة لتعزيز الهوية الوطنية الجديدة، التي تعتمد على العدالة والصدق، بعيداً عن أي محاولة لاستخدامها لخدمة السلطة أو تهميش الهويات.
وبينما تتطور الصناعة السينمائية في سوريا، يواصل عبدو التأكيد على أن الفيلم السوري يجب أن يكون أداةً لنقل صوت الشعب السوري، وأداةً لمشاركة قصصه وآماله وتطلعاته.
واعداً بدعم الشباب كأحد أولويات العمل داخل المؤسسة العامة للسينما، حيث يرى عبدو أن الشباب يمثلون “عمودها الفقري”، وأنهم سيكونون محركاً رئيسياً للابتكار والتمرد على القوالب القديمة في السينما السورية.

التعاون الأكاديمي والإنتاجي

وفي إطار سعيه لتطوير البنية التحتية السينمائية، أعلن عبدو عن مساعٍ لتعزيز التعاون مع المعهد العالي للسينما، من خلال برامج تدريب مشتركة ومختبرات فنية تجمع بين الخبرات الأكاديمية والإنتاجية، هذا التعاون يستهدف بالدرجة الأولى رفع مستوى الإنتاج المحلي وتوفير منصة حقيقية للمخرجين السينمائيين الشباب.
وأشار إلى أن هذا التعاون يمثل أساساً لبناء جيل جديد من السينمائيين القادرين على النهوض بالقطاع السينمائي السوري.

تحديات وآمال جديدة

ورغم النجاحات التي حققتها المؤسسة العامة للسينما خلال عام من التحرير، لا يزال هناك العديد من التحديات التي تقف أمام تطوير هذا القطاع، أبرز هذه التحديات هي البيروقراطية التي تعوق سرعة تنفيذ المشاريع، بالإضافة إلى ضعف البنية التقنية بعد سنوات من الإهمال، ونقص الكوادر المؤهلة، ولكن الفنان جهاد عبدو يرى في هذه التحديات فرصاً للتطور، حيث يعمل على إعادة هيكلة الإدارة وفتح شراكات مع مؤسسات دولية لاستقطاب الخبرات التقنية والفنية، بما يساعد في بناء بنية تحتية قوية للسينما السورية.

فتح أبواب العالم للسينما السورية

واحدة من أولويات الفنان عبدو التوسع في التعاون مع المؤسسات العالمية، سواء في هوليوود أو أوروبا أو الدول العربية، وذلك لتطوير السينما السورية من خلال اتفاقيات إنتاج مشترك وورش عمل دولية.
يشير عبدو إلى أن السينما السورية تستحق أن تُسمع قصصها على أكبر المنابر السينمائية العالمية، ويعتبر نفسه جسراً للتواصل مع هذه المؤسسات، وهو ما سيعود بالنفع على صناعة السينما في سوريا.

الفنان والمبدع

على الرغم من انشغاله بالأعباء الإدارية التي تفرضها مسؤولياته في المؤسسة، يظل جهاد عبدو الفنان في المقام الأول. فهو يواصل قراءة النصوص وتحضير مشاريع فنية جديدة، ويؤكد أن طموحه لا يزال مستمراً في مجال التمثيل والإخراج. قائلاً: “الفنان بداخلي لم يغادر، ولن يغادر. أنا مستمر في البحث عن أدوار تعكس قيمتي الفنية وتضيف إلى مسيرتي الإنسانية”.
في خضم هذه الجهود، يظل الفنان جهاد عبدو مثالاً على التوازن بين الإدارة والإبداع، مؤكداً أن السينما السورية، برغم كل الظروف، ستظل أداة للتعبير عن الواقع السوري بكل تجلّياته، وستواصل دورها في توثيق الأحداث والمشاعر، لتكون شاهداً حياً على تاريخ سوريا ومستقبلها.
الجدير بالذكر أن الفنان جهاد عبدو سيغادر إلى المملكة العربية السعودية للمشاركة بمهرجان البحر الأحمر السينمائي في جدة.

Leave a Comment
آخر الأخبار