الحرية – نهلة أبو تك:
بعد أعوام من العزلة الاقتصادية والقيود المشددة، تشهد الموانئ السورية، وفي مقدمتها ميناء اللاذقية، تحولاً لافتاً مع رفع قيود قانون قيصر، مما يبشّر بمرحلة جديدة من الانتعاش التجاري والصناعي.
فالموانئ، التي كانت تشكّل الشريان الحيوي لحركة التجارة الخارجية، عانت خلال السنوات الماضية من تراجع كبير في قدراتها التشغيلية، ما انعكس سلباً على حركة السفن وتكاليف النقل والتخزين، وأثّر بشكل مباشر على الصناعيين والتجار في الساحل السوري.
فرصة تاريخية لتحريك عجلة الاقتصاد
يصف رئيس غرفة تجارة وصناعة اللاذقية، أنس جود، رفع القيود بأنه فرصة تاريخية لإعادة تنشيط الاقتصاد الوطني، مؤكداً أن الغرفة بدأت بالفعل بتوجيه التجار والصناعيين نحو استثمار المرحلة الجديدة بأعلى درجات الكفاءة.
وأشار جود إلى أن الجهود تتركز حالياً على تحسين الإجراءات التجارية واللوجستية في الموانئ، لضمان عودة النشاط البحري تدريجياً واستعادة موقع الموانئ السورية كمراكز رئيسية للتجارة الإقليمية.
آفاق جديدة للنشاط التجاري والصناعي
يرى جود أن إزالة القيود ستتيح تحسين تدفق المواد الخام والسلع، مما ينعكس إيجاباً على القدرة الإنتاجية وجودة المنتجات المحلية. كما أن فتح قنوات تصدير جديدة سيساعد في توسيع الأسواق الخارجية وإعادة بناء سلاسل التوريد التي تعطلت خلال سنوات الركود.
وأضاف أن خفض التكاليف اللوجستية سيمنح المشاريع الصغيرة والمتوسطة فرصة أكبر للنمو، بما يسهم في خلق فرص عمل جديدة وتعزيز النشاط الاقتصادي المحلي. وأوضح أن هذه الخطوة تمثل تحولاً عملياً للقطاع الخاص نحو استعادة الثقة بالسوق السورية.
تحديات المرحلة المقبلة
يشدد جود على أن المرحلة القادمة تتطلب إدارة مرنة واستراتيجية واضحة، إذ ما تزال التحديات قائمة في مجالات تحديث البنية التحتية للموانئ، وضمان استقرار سلاسل التوريد، وتبسيط الإجراءات الإدارية.
كما أشار إلى أهمية تقدير حجم الاستثمارات المطلوبة بعناية، مع تحقيق التوازن بين سرعة الانفتاح وواقعية التنفيذ، باعتباره العنصر الحاسم في نجاح المرحلة المقبلة.
مؤشرات أولية على التعافي
ورغم أن المؤشرات الاقتصادية المباشرة لم تتبلور بعد، إلا أن حالة الاستعداد والتحفّز التي تشهدها الأوساط التجارية والصناعية تعكس تحوّلاً واضحاً في المزاج الاقتصادي.
فقد بدأ التجار بإعادة تقييم خطط التوريد، وأبدت بعض شركات الشحن الدولية اهتماماً أولياً بإعادة تشغيل خطوطها إلى ميناء اللاذقية، ما يُعدّ إشارة مبكرة إلى عودة النشاط التجاري تدريجياً.
نحو اقتصاد أكثر مرونة واستدامة
يؤكد جود في ختام حديثه أن الموانئ السورية ستكون ركيزة أساسية لإعادة ربط الاقتصاد الوطني بشبكات التجارة العالمية، عبر تطوير قطاع النقل البحري والخدمات اللوجستية.
ويضيف أن التخطيط المرن والإدارة الذكية للموارد يمكن أن يحوّلا رفع القيود من مجرد إجراء سياسي إلى زخم اقتصادي فعلي، يمهّد الطريق نحو اقتصاد أكثر قوة واستدامة في الساحل السوري.