الحرية – وليد الزعبي:
لاقى بدء صرف زيادة الرواتب الارتياح لدى عامة الموظفين والمتقاعدين، لكونها المرة الأولى التي تتم بهذه النسبة الكبيرة، والتي تمكنهم من سداد جزء ليس بقليل من لائحة احتياجاتهم المعيشية الأساسية، على أمل أن لا تترافق مع زيادات في أسعار السلع في الأسواق، كما أن الزيادة كفيلة بتحريك الأسواق التي كانت تعاني إلى حد ما من الركود، وبالتالي زيادة الطلب على السلع ومن خلفها زيادة الإنتاج لتلبية ذلك الطلب.
وزيادة الرواتب ٢٠٠٪ حالياً تعد خطوة إيجابية تنعكس على تحسين الواقع المعيشي للموظفين وزيادة القدرة الشرائية، وفق ما ذكرت لصحيفتنا “الحرية ” الدكتورة منال الشياح نائب عميد كلية الاقتصاد الثانية ونقيب الاقتصاديين في درعا، حيث أصبح بإمكان الموظف الحصول على احتياجاته الأساسية، خاصة وأن هذه الزيادة تعد كبيرة نسبياً بالقياس للزيادات سابقاً، وهناك وعود بأن تزيد مرة أخرى خلال الأشهر المتبقية من هذه السنة ما يشكل حافزاً حقيقياً لسوق العمل من خلال ضخ السيولة بالسوق، وينعكس على قطاعات متعددة دون أن يتسبب ذلك بالضرورة في حدوث ضغوط تضخمية، خاصة وأن أسعار الطاقة أصبحت ثابتة نسبياً.
وأشارت د.الشياح إلى أن هذه الزيادة تسهم أيضاً في جذب الكفاءات، ورفع الإنتاجية، وتحسين الأداء الوظيفي، فضلاً عن تشجيع الادخار والاستثمار، ولكن ذلك مرهون بتخلي الدولة عن سياسة حبس السيولة، فما فائدة الزيادة إن لم يتمكن الموظف من سحب راتبه كاملاً وشراء ما يلزمه ما ينعكس على الواقع الاقتصادي ككل، إذ إن سحب الراتب من المصارف بشكل ضعيف يبقي الموظف حبيس قرارات البنك المركزي في كيفية سحب السيولة، وبالتالي ستكون القوة الشرائية ضعيفة، لذلك لن يكون هناك ارتفاع أسعار طالما هذا هو الإجراء المتبع.
ولفتت إلى أن ارتفاع رواتب القطاع العام سيدفع بموظفي القطاع الخاص لطلب زيادة رواتبهم، ما يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج، وهذا الارتفاع يؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع، لكن بالمقابل فإن ارتفاع أسعار السلع المحلية لا يمكنها من منافسة أسعار السلع الأجنبية التي تدخل البلد برسوم مخفضة أو شبه معدومة، ما يتسبب باحتمال خروج هذه المنشآت المحلية من السوق، لذلك لا بد من قرارات تحمي المنتجات المحلية وبقاؤها في السوق، من خلال ضبط الرسوم الجمركية للسلع المستوردة.
وترى نائب عميد كلية الاقتصاد أن زيادة الرواتب سيرافقها زيادة في أسعار سلعتين أساسيتين، وهما الخبز حيث إن الخبر يباع بسعر أقل من تكلفته على الدولة، والكهرباء التي هي أيضاً مدعومة من الدولة سنشهد مستقبلاً ارتفاعاً بأسعارها حتى يخفف العبء على الدولة، وعندها سيكون الموظف قادراً على مواكبة هذه الزيادة بأسعار هاتين السلعتين، ولكن لغير الموظفين ستكون الأمور صعبة إن لم تترافق بزيادة الإنتاج ودعم الصادرات للمنتجات المحلية، حيث إن استمرار المنشآت المحلية مرتبط بقدرتها على تحمل تكاليف الإنتاج والمحافظة على بقائها في السوق مع منافسة السلع الأجنبية التي دخلت الأسواق المحلية.