الحرية – رفاه نيوف:
في ظل التحولات الدولية المتسارعة، تسعى سوريا إلى إعادة تموضعها على الساحة العالمية عبر خطوات دبلوماسية مدروسة، كان أبرزها زيارة الوفد السوري إلى الولايات المتحدة الأميركية، هذه الزيارة تحمل في طياتها رسائل سياسية واقتصادية وإنسانية، تعكس رغبة دمشق في كسر العزلة واستعادة حضورها الدولي.
وفي هذا السياق أكد المحلل السياسي فراس علاوي لصحيفتنا “الحرية” أن الرسائل الوطنية التي تحملها زيارة الوفد السوري إلى الولايات المتحدة الأميركية تتمثل في دعم روابط الجالية السورية المقيمة هناك بالوطن الأم، والاستفادة من حضورها الفاعل على المستويين الاقتصادي والسياسي، بما يعزز مواقف سوريا في المحافل الدولية ويدعم جهود الحكومة السورية في هذه المرحلة الدقيقة.
وأشار علاوي إلى أن الجاليات في مختلف دول العالم تؤدي عادة دوراً محورياً في دعم قضايا أوطانها، والجالية السورية في الولايات المتحدة ليست استثناءً، فهي قادرة على أن تكون صلة وصل بين الحكومة السورية من جهة، والولايات المتحدة والمجتمع الأميركي من جهة أخرى، من خلال نقل الصورة الحقيقية عن حاجة سوريا إلى إعادة بناء علاقات طبيعية وإيجابية مع واشنطن، بما ينعكس على المصالح المشتركة للطرفين.
أما على الصعيد السياسي، فقد أوضح علاوي أن الرسائل السورية التي عبّر عنها الرئيس أحمد الشرع تركز على أن دمشق تسعى إلى إعادة العلاقات الدولية على أسس صحيحة وسليمة، وتطالب المجتمع الدولي بإنهاء حالة الحصار المفروض عليها ورفع العقوبات الاقتصادية والسياسية، وقد شددت هذه الرسائل على استعداد سوريا للتعامل مع جميع دول العالم بشكل متوازن ومتكافئ، بعيداً عن أي ضغوط أو إملاءات، سواء أكانت على شكل عقوبات دولية أو حصار اقتصادي.
وفي هذا السياق، تأتي أهمية زيارة الوفد السوري إلى الولايات المتحدة من حيث رمزيتها السياسية والعملية في آنٍ واحد، فهي تعكس رغبة واضحة في استعادة العلاقات السورية–الأميركية، أو على الأقل فتح الباب أمام عودة سوريا إلى المجتمع الدولي من بوابة واشنطن، ويكتسب الأمر أهمية إضافية بالنظر إلى ما تتمتع به الولايات المتحدة من قوة دبلوماسية وحضور دولي مؤثر، وهو ما من شأنه أن يشكل رافعة للدبلوماسية السورية والحكومة السورية في حال تحقق توافق أو توصل إلى تفاهمات معينة.
من جانب آخر، تحمل الزيارة بعداً أممياً لافتاً، حيث تأتي بالتزامن مع مشاركة الرئيس أحمد الشرع في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهنا تكمن أهميتها الرمزية الكبرى، إذ لم يسبق أن ألقى رئيس سوري كلمة أمام الأمم المتحدة منذ ما يقارب نصف قرن، وبالتالي، فإن هذه المشاركة المنتظرة تمثل محطة تاريخية في السياسة الخارجية السورية، وتعبر عن عودة تدريجية للحضور السوري على المسرح الدولي.
إلى جانب البعد السياسي، فإن حضور الجالية السورية في الولايات المتحدة يشكل إضافة نوعية لهذه الزيارة؛ فالجالية التي بنت عبر سنوات طويلة علاقات اقتصادية واجتماعية وثقافية مع المجتمع الأميركي، قادرة على أن تكون رافعة مهمة في دعم التنمية وإعادة الإعمار في سوريا، كما أن حضورها يسهم في تعميق البعد الفكري والثقافي في العلاقات بين البلدين، الأمر الذي يوسع من دائرة الفوائد السياسية والاقتصادية المنتظرة.
ويخلص علاوي إلى أن هذه الزيارة، في حال التوصل إلى تفاهمات مع الولايات المتحدة، قد تفتح الباب أمام نتائج سياسية بارزة تتمثل في رفع العقوبات وتخفيف الحصار، فضلاً عن نتائج اقتصادية واجتماعية نابعة من التواصل مع الجالية السورية في أميركا، ومن خلال قنوات العمل مع المؤسسات السياسية الأميركية والدولية عبر الأمم المتحدة، وبذلك، فإن الزيارة تمثل خطوة متكاملة على الصعيدين الوطني والدولي، تحمل في طياتها رسائل سياسية واضحة وأبعاداً عملية تصب في مصلحة سوريا وشعبها.