الحرية – رنا الحمدان:
تعد فيضانات سهل عكار التي ضربت ريف طرطوس مطلع عام 2024، واحدة من أقسى الكوارث الطبيعية التي خلفت أضراراً جسيمة في الزراعة والمنازل، وأودت بحياة أربعة أشخاص، بعد أن اجتاحت مياه نهري الكبير الجنوبي وأبو الورد مساحات واسعة من الأراضي وتجاوزت السواتر الترابية في عدد من القرى.
حينها، غرقت آلاف الدونمات المزروعة بالقمح والبطاطا والفول الأخضر، وتضررت البيوت المحمية وبساتين الحمضيات، فيما دخلت مياه الفيضان إلى منازل الأهالي في قرى خربة الأكراد، الحسنة، بني نعيم، الكريمة، السودة، الجويمسية، وتل عدس، مخلفة خسائر اقتصادية قُدّرت بملايين الليرات السورية، وحاجة ملحّة للتعويض وإعادة تأهيل البنية التحتية.
وفي محاولة جادة لتفادي تكرار تلك المأساة، أوضح مدير الموارد المائية في محافظة طرطوس المهندس محمد محرز لـ “الحرية” أن الجهات المعنية باشرت بسلسلة من الإجراءات الوقائية، شملت ترميم أكتاف المصارف والأنهار المتضررة جراء فيضان النهر الكبير الجنوبي، وذلك بموجب العقد رقم /22/ لعام 2024 المبرم مع الشركة العامة للطرق والمشاريع المائية، وقد تم تنفيذ الأعمال وفق الخطط الموضوعة.
وأضاف محرز إنه وبقرار من محافظ طرطوس رقم /960/ تاريخ 21 كانون الثاني 2024، تم تشكيل لجنة فنية للكشف على جميع العبارات والأنهار والمصارف المطرية في المناطق المتضررة ضمن سهل عكار، بهدف تقييم الأضرار واقتراح الحلول المناسبة على أسس فنية مدروسة.
وبيّن أن العمل شمل استبدال عدد من العبارات الأنبوبية بعبارات صندوقية حديثة قادرة على استيعاب كميات المياه الكبيرة خلال الشدّات المطرية الشتوية، وذلك بعد دراسات فنية أعدّتها مديرية الموارد المائية، وتنفيذها بالتعاون مع مديرية الخدمات الفنية. وتوزعت هذه الأعمال على عدة مواقع، من بينها الصفصافة، الدكيكة، بني نعيم، الخرابة، الشيخ جابر، سهل ميعار، تل سنون وكرتو، إضافة إلى المصرف MD4-1.
ولم تقتصر الإجراءات على ذلك، إذ أكد محرز استمرار تنفيذ خطة شاملة لصيانة وتعزيل المصارف الرئيسية والثانوية والفرعية ضمن شبكات الري الحكومية، إلى جانب تعزيل مجاري الأنهار في النقاط التي قد تشكّل بؤر خطر في حال ارتفاع منسوب المياه.
وأشار إلى أن نسبة إنجاز أعمال التعزيل بلغت نحو 80% حتى الآن، مع متابعة العمل في المواقع المتبقية بواسطة آليات وكوادر مديرية الموارد المائية، بما يعزز الجاهزية لمواجهة أي ظروف مناخية قاسية خلال فصل الشتاء.
وبينما يترقب الأهالي موسم الأمطار القادم بحذر، تبقى هذه الإجراءات خطوة أساسية نحو تقليل مخاطر الفيضانات، وحماية الأرواح والممتلكات، وضمان استقرار القطاع الزراعي الذي يُعد شريان الحياة لسهل عكار وريف طرطوس.