شاهدة على البهاء.. مواكب رمضان وخُطَبِه الاحتفالية

مدة القراءة 3 دقيقة/دقائق

الحرية- رنا بغدان:
اهتم الخلفاء المسلمون على مدى التاريخ الإسلامي بشهر رمضان المبارك فمجدوه وعظموه وجعلوه موسماً للبر والإحسان والزهد عن متاع الدنيا وغرورها والتقرب من الله تعالى بالعمل الصالح والطاعة وتقديم الصدقات والحث على الفضائل.
ووصف المؤرخون الاحتفالات والمواكب الرمضانية التي رافقت الخلفاء الفاطميين في مصر، وكان أول موكب احتفالي رمضاني يقام عند رؤية هلال الشهر الكريم وهو ما كان يعرف بموكب “ليلة الرؤية” وعند حلول الشهر المبارك وفي أول أيامه كان السلطان أو الوالي يركب في موكب فخم تشيعه حاشيته المقربة. أما أشهر مواكبهم الاحتفالية فكانت في عيد الفطر وكانوا يسمونه “الموسم الكبير”.
أما الموسيقا المصاحبة للموكب فكانت تصدح بأنغام قوية وتحوي بين آلاتها أبواقاً خاصة لا تعزف إلا بمصاحبة الخليفة، وقد انتشرت في كل مكان الأعلام التي تحمل عبارات النصر على أسنة الرماح، وكان الناس يحتشدون على جانبي الطريق لمشاهدة موكب الخليفة منذ انطلاقه من القصر وذهابه إلى المصلى وعودته والتي كانت ترافقه معها الألعاب البهلوانية.
ويروي التاريخ عن الخلفاء الفاطميين أن الخليفة كان يخطب في هذا الشهر ثلاث خطب في أيام الجمعة الثانية والثالثة والرابعة، أما الجمعة الأولى فكان يستريح فيها وتسمى عندهم “جمعة الراحة”، وعندما يحل يوم الخطبة تفرش المقصورة المعدة لصلاة الخليفة بالسجاجيد ويفرش سائر الجامع بالحصر، ثم يركب الخليفة في موكب حافل وفخم كالذي ركبه في أول الشهر الكريم، وما أن يصل إلى المسجد حتى يهب الناس لاستقباله والاحتفاء بطلعته، ثم ينزل عن دابته ويدخل المسجد يحيط به رئيس وزرائه وكبار رجال الدولة والأمراء والقادة، وإذا حان وقت الصلاة أذّن مؤذنو القصر على باب مجلس الخليفة وأذّن سائر المؤذنين في المآذن ووقف إمام الجامع على المنبر، عند ذلك يسير قاضي القضاة حتى يصل إلى المنبر ثم يتبعه متولي بيت المال يحمل المبخرة، ثم يصعدان إلى المنبر ويصلان إلى ذروته فيبخران المنبر وينزلان. عند ذلك يخرج الخليفة والمقرئون بين يديه يرتلون آيات من الذكر الحكيم ترتيلاً محموداً، فإذا نزل الخليفة ووقف على الدرجة الأولى من المنبر جهر المقرئون بالقراءة وكبر المؤذنون وأخذ القراء يتلون الفاتحة حتى يضج المكان بتلاوتها, بعد هذا يبدأ الخليفة في إلقاء خطبته وعندما ينتهي منها ينزل إلى المحراب ويصلي بالناس، وبعد انتهاء الصلاة يأخذ الخليفة في توزيع الصدقات والهبات على موظفي المسجد. ‏
وكان الخليفة يسير على هذا النظام في الجمع الثلاث ابتداء من موكب الركوب إلى توزيع الهبات. وكانت تقام من باب القصر إلى المسجد الذي سيصلي فيه مظاهر الزينة وكان لا يمر بمسجد في طريقه إلا نفح موظفيه بالمال على الرغم من كثرة المساجد، وكان كرم الخلفاء والسلاطين ووزرائهم وكبار رجال الدولة يتجلى في الشهر المبارك ليكون “رمضان كريم” بكل ما تعنيه العبارة من معنى.‏

Leave a Comment
آخر الأخبار