شتاء كشف المستور

مدة القراءة 3 دقيقة/دقائق

 الحرية – علام العبد:

فصل الشتاء الجميل الذي يحمل معه أمطار الخير والعطاء للأرض والإنسان، هو أيضاً فصل يكشف الكثير من عيوب خطط الاستعداد والافتقار إلى الواقعية في مواجهة الطوارئ. إنه يميط اللثام عن غياب خطط العمل الحقيقية ويظهر ذلك جلياً عند مواجهة التحديات، حيث إن الاستعداد المسبق للظروف الجوية غير المتوقعة أمر ضروري لتجنب الكثير من المشكلات.

كثيراً ما يفاجئ الشتاء مجالس المدن والبلدان والبلديات بنتائج لم تكن في الحسبان، وإن كانت طارئة بسبب الأمطار الغزيرة التي تشكّل في بعض الأحيان السيول والفيضانات وتغلق الشوارع والعبّارات، وتصيب تلك الأحداث المجالس البلدية بالإحباط الشديد نتيجة ما يحدث، في حين أن نتائج الأمطار يجب أن تكون ذات فوائد جمة للزرع والضرع والبشر، ولا يسرّنا أن تكون لها آثار جانبية ضارة سببها غياب خطط العمل البلدي لمواجهة التحديات والاستعداد للمستجدات والحدث الطارئ.

في كل فصل شتاء، حين تهطل الأمطار على مدننا، فإنها تكشف المستور وتظهر أصحاب المصالح والمنفعة الشخصية على حقيقتهم، الذين يعتقدون أنهم يمتلكون القدرة على الإخفاء والسيطرة، وما هي إلّا قطرات تتساقط من السماء لتعري شوارع هذه المدينة أو تلك، فتكشف سوء التنفيذ وغياب الإشراف على عمليات تنفيذ المشاريع التي من المفترض متابعتها بدقة متناهية من قبل المؤتمنين. إلّا أنّ الواقع المزري للعديد من المشاريع يكشف حقيقة أولئك الذين أعطوا لضمائرهم إجازة طويلة الأمد، فهطول الأمطار يعني مزيداً من الحفر والمطبات وبرك المياه والمستنقعات والشوارع المغلقة، وحدّث ولا حرج.

كثيراً ما تستدعي الأعطال الطارئة في شبكات الصرف الصحي أعمال حفر مفاجئة، فتقوم البلديات أو شركات الصرف الصحي بإصلاح وصيانة بعض الخطوط من دون إعادة ما تم حفره بشكل لائق، وهذا يؤدي إلى تعطيل الشوارع وزيادة الطين بلة بسبب عدم ترحيل الأنقاض وتلال الأتربة التي تتحول فيما بعد، ومع أول هطلة مطر، إلى اختناقات مرورية كبيرة.

باختصار، البلديات وإلى جانبها مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات المتنوعة، عليها واجبات تجاه الأحداث الطارئة، فلا يعقل، ومن غير المقبول، فصل الواجبات عن الحقوق، فهما وجهان لعملة واحدة، الأمر يستدعي الهمة في توسيع قاعدة المشاركة في مواجهة التحديات والحيلولة دون وقوع الضرر، ويؤكد الحاجة إلى تشكيل وتفعيل لجان الأحياء في البلديات حتى لا يبقى الأهالي متفرجين. كما يستدعي تغيير نمط سلوكنا والحفاظ على البيئة، وعدم رمي الأنقاض حيثما كان، فلا يجوز أن نبقى نلهث وراء الحدث، بل علينا صناعة الحدث وتلافي أسباب الأضرار المتوقعة، ومن الجميل أن نقتدي بالحديث الشريف القائل: «خير الناس أنفعهم للناس».

Leave a Comment
آخر الأخبار