الحرية_ رشا عيسى:
يبرزُ التمثيل الاقتصادي كعامل حاسم في نجاح المرحلة الحالية ، بعد إعلان نتائج انتخابات مجلس الشعب في 6 تشرين أول 2025، والتي شملت انتخاب 119 عضواً ( حيث يأتي الإجمالي 140 منتخباً بعد إكمال الفرز في الدوائر المؤجلة مثل الرقة والحسكة، مع 21 مقعداً فارغاً بسبب الظروف الأمنية في السويداء وأجزاء أخرى، وتعيين 70 عضواً من قبل الرئيس أحمد الشرع).
الخبير في السياسات الاقتصادية والإدارية الدكتور هشام خياط أوضح لـ ” الحرية” أن هذا التشكيل (غير مباشر عبر هيئات ناخبة من أكاديميين وشخصيات مجتمعية) يعكس تركيزاً أولياً على الكفاءة والتنوع الاجتماعي أكثر من التمثيل المهني المتخصص، ما يحدّ من صوت الفعاليات الاقتصادية والاستشاريين في صنع القرار، لكنه يفتح الباب لتعزيزه عبر التعيينات الرئاسية ، إذا تم استغلاله لسد الثغرات الهيكلية في الاقتصاد المنهار، والذي يعاني من انكماش بنسبة 85% منذ 2011، وفقر يصيب 90% من السكان.
تمثيل الفعاليات الاقتصادية
وتُظهر النتائج الأولية (119 عضواً من 11 محافظة) غياباً ملحوظاً لتمثيل مباشر لرجال الأعمال، والاقتصاديين، والاستشاريين المتخصصين في إعادة الإعمار أو التمويل، حيث ركز الانتخاب غير المباشر على شخصيات أكاديمية ومجتمعية محلية (مثل أعضاء هيئات ناخبة في دمشق، حلب، إدلب، ودرعا).
نظام التمثيل الاجتماعي
ويعكس هذا آلية النظام المؤقت (مرسوم 143/2025)، الذي يقتصر الترشح فيه على أعضاء الهيئات الناخبة (1578 مرشحًا على 140 مقعدًا)، ما يفضل التمثيل الاجتماعي على الخبرة الاقتصادية، وتغيب الفعاليات الاقتصادية مثل رجال أعمال من الشتات ،أو القطاع الخاص المحلي ، ربما بسبب التركيز على “الكفاءة للبناء” كما قال رئيس اللجنة الانتخابية الدكتور محمد طه الأحمد، دون محاصصة مهنية، ما يعكس أولوية الاستقرار الاجتماعي على الإصلاح الاقتصادي في المرحلة الأولى كما يشرحها خياط.
والسؤال الذي يُطرح حالياً،هل سيكون صوت الاستشاريين مسموعاً في صنع القرار الاقتصادي؟وهنا يرى خياط أن صوت الاستشاريين الاقتصاديين والفعاليات ضعيف نسبياً في المجلس المنتخب، حيث يركز دوره التشريعي المؤقت (30 شهراً قابلة للتمديد) على المصادقة على الاتفاقيات الدولية والرقابة على الحكومة، لكن بدون خبرة اقتصادية قوية، قد يصبح المجلس أداة تأكيدية لقرارات تنفيذية مركزية، خاصة مع تعيين الرئيس لـ70 عضواً (ثلث المجلس)، الذي يُتوقع أن يُستخدم لـ”سد الثغرات” مثل تعزيز التمثيل الاقتصادي إذا أدرج خبراء في إعادة الإعمار أو التمويل الخارجي.
استشاريون اقتصاديون
و في سياق الاقتصاد السوري الذي يعتمد على إصلاحات مثل الانفتاح على السوق (مؤتمر الحوار الوطني) وجذب استثمارات خليجية، قد يُضعف غياب التمثيل الاقتصادي القدرة على دمج آراء الخبراء في قوانين الاستثمار أو الخصخصة، ما يعرض القرارات لمخاطر التبعية الخارجية أو الفساد، كما في تجارب انتقالية أخرى (مثل العراق أو لبنان). ومع ذلك، إذا عيّن الرئيس استشاريين اقتصاديين (مثل خبراء من الشتات أو البنك الدولي)، يمكن أن يصبح المجلس مسموعاً في قضايا مثل رفع العقوبات جزئياً أو تنظيم المصارف الاستثمارية، ما يعزز الثقة ويسرّع التعافي (توقعات نمو 1-5% في 2025 إذا تحقق الاستقرار) بحسب خياط.
خطوة نحو النجاح
وتمثل النتائج خطوة انتقالية إيجابية نحو الشرعية (نزاهة أعلى من السابق، مشاركة 6 آلاف ناخب من هيئات)، لكنها تكشف عن نقص في الشمولية خاصة الاقتصادية كما يبين خياط، ما قد يؤخر الإصلاحات الحيوية مثل التمويلات الخضراء أو مكافحة التضخم (6.4% في 2025).
ويرى خياط أنه لنجاح صوت الاقتصاديين، يجب على التعيينات الرئاسية إدراج خبراء لتحقيق توازن، وإلّا سيظل المجلس أداة سياسية أكثر من اقتصادية، ما يعوق اندماج سوريا في الاقتصاد الإقليمي.