صيادو الأسماك يواجهون الشتاء بين تقلبات البحر وغياب الدعم والنتظيم

مدة القراءة 5 دقيقة/دقائق

الحرية- سناء عبد الرحمن:

تنجح بعض المهن التي تعيل الأسر في التكيف مع قسوة فصل الشتاء عبر تقليل ساعات العمل أو تغيير نمطه، تبقى مهنة صيد الأسماك رهينة البحر وتقلباته، حيث لا يملك الصياد رفاهية التوقف الطويل عن العمل، ولا خياراً بديلاً يعوض أيام العواصف والرياح وارتفاع الأمواج. وفي ظل هذه الظروف، يتحول الشتاء إلى موسم محفوف بالمخاطر، يهدد مصدر رزق أسر تعتمد بشكل كامل على ما يجود به البحر، ما يضع الصيادين أمام خيارين أحلاهما مرّ: المخاطرة بأرواحهم أو التوقف القسري عن العمل.

اختلاف أساليب الصيد شتاءً

يوضح الصياد ربيع نزهة، الذي يعمل في مهنة صيد الأسماك منذ أكثر من 10 سنوات إلى جانب والده، أن طبيعة العمل خلال فصل الشتاء تختلف باختلاف أسلوب الصيد، ويقول لصحيفة «الحرية» إن الغواصين يخففون من عملهم بسبب تراجع صفاء مياه البحر، ما يصعّب الرؤية تحت الماء ويحد من القدرة على الصيد، في حين يعتمد أصحاب الشباك على عكارة المياه التي تمنع الأسماك من ملاحظة الشباك بسهولة.

الأوساخ والأعشاب… تحدٍّ إضافي

وأشار نزهة إلى أن العامين الماضيين شهدا تحديات غير معتادة، تمثلت بالازدياد الكبير في كميات الأوساخ والأعشاب داخل البحر، الأمر الذي انعكس سلباً حتى على الصيد بالشباك. وقال: «أصبحت الشباك تمتلئ بالأوساخ بسرعة، وغالباً ما تتعرض للتلف، كما أن تنظيفها بات صعباً جداً»، موضحاً أن معظم هذه الأوساخ عبارة عن أعشاب طبيعية كانت تخرج سابقاً إلى الشواطئ بفعل العواصف الشتوية.

وأضاف أن غياب العواصف المعتادة خلال السنتين الماضيتين أدى إلى بقاء هذه الأعشاب داخل البحر وتراكمها، ما حولها من ظاهرة طبيعية موسمية إلى عائق دائم أمام الصيادين، وزاد من كلفة العمل والمخاطر المرافقة له.

نافذة عمل ضيقة

وحول حالة البحر شتاءً، أوضح نزهة أن اشتداد الأمواج يستمر غالباً ليومين أو 3 أيام متتالية، يعقبها يوم واحد فقط من الهدوء النسبي. وبين أن هذا اليوم يشكل الفرصة الوحيدة للصيادين للنزول إلى البحر وتأمين دخلهم، بينما يضطر بعضهم، في حال عدم تحسن الأحوال الجوية، إلى العمل وسط أمواج عالية وخطرة لتأمين لقمة العيش.

غياب الدعم

وتنعكس هذه الظروف بشكل مباشر على استقرار الأسر التي تعتمد على الصيد كمصدر دخل أساسي، إذ يرتبط دخلها اليومي بعوامل طبيعية متقلبة لا يمكن التنبؤ بها بدقة، في ظل غياب أي دعم مالي أو تعويض عن فترات التوقف القسري، ما يزيد من هشاشة الواقع المعيشي للصيادين خلال فصل الشتاء.

لا تحذيرات بحرية رسمية

وأشار نزهة إلى غياب أي جهة رسمية توفر تحذيرات بحرية أو نشرات جوية مخصصة للصيادين، ما يدفعهم للاعتماد على اجتهاداتهم الفردية ومتابعة نشرات الطقس عبر الإنترنت لاتخاذ قرار النزول إلى البحر من عدمه، رغم ما يحمله ذلك من مخاطر محتملة.

فصل كارثي

من جهته، وصف رئيس جمعية الصيادين في طرطوس وسام شاحوط فصل الشتاء بأنه «فصل كارثي» بالنسبة للصيادين، مؤكداً أن الرزق يكون شبه معدوم خلال هذه الفترة بسبب التيارات البحرية القوية والرياح الشرقية، وقال: من النادر أن يتمكن الصياد شتاءً من تأمين مورد رزقه، لافتاً إلى أن نسبة الدخل لا تتجاوز 5% من الوضع الطبيعي.

المرافئ الصغيرة… خطر إضافي

وأوضح شاحوط أن سوء حالة المراسي، أو ما يُعرف بالموانئ الصغيرة، يشكل عائقاً كبيراً أمام حركة الصيد، نتيجة انخفاض منسوب المياه فيها وعدم تأهيلها لاستقبال المراكب خلال العواصف.

وأشار إلى أن ذلك يؤدي إلى تكسر الموج والتعرض لحوادث عند الدخول إلى هذه المرافئ أو الخروج منها، سواء في مرسى المارينا أو غيره.

وأضاف أن الصيادين يضطرون في كثير من الأحيان إلى السهر ليلاً لإصلاح «اللينكات» التي تتقطع بسبب صغر المرافئ وقربها من البر، مؤكداً أن هذه المشكلة تطال جميع طرق الصيد، رغم أن الصيد بالشباك قد يتحسن نسبياً بعد العواصف، إلا أن كمية الإنتاج تبقى قليلة عموماً حتى في الأيام الهادئة نسبياً.

مطالب ملحة

وأوضح شاحوط أن الصيادين يعتمدون على نشرات أجنبية خاصة بحركة البواخر عبر الإنترنت، في ظل غياب أي جهة رسمية تقدم تحذيرات بحرية، مشيراً إلى أن هذه النشرات غالباً ما تكون دقيقة بنسبة تصل إلى 90%.

وختم شاحوط بالتأكيد على أن العوائق الأكبر التي تواجه الصيادين تتمثل في غياب الدعم المباشر، مطالباً بتأمين مازوت مدعوم للمراكب، وتحسين واقع المرافئ الصغيرة ووصفها بأنها لاترقى لهذا الإسم ، وأضاف أنه من الضروري إيجاد منظومة حماية والحد من تهريب الأسماك التي تأتي من مصادر غير معرفة غالباً ماتكون عن طريق تركيا ولبنان وتتوفر بكميات كبيرة وأسعار زهيدة وغير مراقبة صحياً ، وهذا يوثر سلباً في المنتج المحلي، مشيراً إلى ضرورة تنظيم فوضى سوق السمك في طرطوس لأنها تشهد عدم وجود ضوابط فيها ، وبالتالي ضمان استمرارية هذه المهنة وحماية مصدر رزق آلاف الأسر الساحلية.

Leave a Comment
آخر الأخبار