الحرية- ثناء عليان:
تحت عنوان “سورية ما بعد الثورة” أقام قصر الثقافة في بانياس ندوة حوارية شارك فيها كلٌّ من الناشط السياسي عبد الوهاب عليوي والمحامي محمود باكير بحضور جمع من أفراد المجتمع المدني والمثقفين من مدينة بانياس.
شكل سوريا بعد الثورة
في البداية تحدث الناشط السياسي عبد الوهاب عليوي عن سورية ما بعد الثورة وعن متطلبات المرحلة الحالية، خاصة أن هذه المتطلبات كثيرة لكون الشعب السوري خارجاً من مخاض دام 14 عاماً، لافتاً إلى أن سورية تحتاج إلى استتباب الأمن وإنعاش الاقتصاد بأي طريقة ولو بالحد الأدنى وخاصة أن المواطنين منهكون، وأشار إلى وجود استحقاقات خارجية واصطفافات جديدة غير التي كانت في حكم النظام البائد، منوهاً بأن شكل سورية بعد الثورة سيكون كما يتطلع الشعب السوري وهي دولة مدنية فيها تعددية سياسية وهامش كبير للحرية والعدالة والمساواة.
أهداف الثورة
وتساءل عليوي: هل الثورة انتصرت بمجرد هروب الأسد وانهيار نظامه ودخول الثوار إلى دمشق؟ ليجيب بأن الثورة قامت على مبادئ وأسس وأهداف، ولكي تنتصر الثورة تحتاج إلى حواضن وحوامل من جميع أطياف الشعب السوري من “مفكرين وأكاديميين ومبدعين وفنانين وفعاليات اجتماعية ومدنية”، من أجل تحقيق أهدافها.
شعب ولاّد حضارات
فالشعب السوري – يضيف عليوي- مبدع يواكب ثقافة الشعوب وولاّد حضارات في جميع أصقاع الأرض، ولكن أدوات القمع التي اتبعها النظام البائد جعلته يلهث وراء لقمة عيشه وتربية أطفاله، لافتاً إلى أن الشعب السوري أبدع بعد انطلاقه إلى أوروبا، ومعروف أن الطالب السوري متفوق دائماً بكل الاختصاصات، فلو أراد الأطباء السوريون الذين يعيشون في ألمانيا العودة إلى بلادهم اليوم سيسبب هذا نقص بالأطباء في المانيا، ونحن بحاجة لهذه القوى من أجل تحقيق أهداف الثورة السورية.
ويرى أن أي خوف وقلق عند الإنسان يزول عندما تكون هناك عدالة وقانون وقضاء مستقل، وأول ما يطلبه الإنسان بفطرته البشرية هو الأمن والأمان وهذا مطلب حق، والحكومة الجديدة تسعى جاهدة لتوفيره في جميع المناطق.
الوعي السياسي
وفيما يخص منح الموظفين إجازة مأجورة بيّن أنه إجراء مؤقت حتى تتعافى سورية وتبدأ الحركة الاقتصادية التي تفسح المجال لعودة الموظفين أو إعادة تعيينهم في الأماكن الصحيحة، مؤكداً أنّ الشكل السياسي للدولة يُبنى بالوعي السياسي عند الشعب، لذلك يجب أولاً بناء الإنسان.
ردم الهوة والخنادق
بدوره بيّن المحامي محمود باكير أن سورية ما بعد الثورة، تحتاج إلى تحول السوريين من العُقد التي راكمها النظام على مدار مرحلة مستبدة طويلة الأمد تجاوزت نصف القرن، إلى الانفتاح وردم الهوة التي حصلت أثناء العقد الأخير، وردم الخنادق التي حفرها النظام البائد بين فئات الشعب السوري، وإعادة تأهيل هذا المجتمع للانطلاق نحو بناء دولة وطنية للجميع بهدف الحفاظ على سورية، وأكد باكير أن الأمنَ ضرورة حياتية وشرط للانطلاق نحو الأفق الأرحب، لبناء الاقتصاد وبناء العلاقات الاجتماعية وترميمها، ولبناء الانطلاقة السياسية الصحيحة أيضاً بعيداً عن الفوضى والانتقامات والثأر، وتكريس ثقافة الأمن المجتمعي وتوفير الشروط الصحية لهذا المجتمع، بحيث نتجاوز مرحلة الخوف ومرحلة الامتدادات السلبية وهذا من مهام السوريين ككل.
الحراك السوري
وأضاف: أي حراك سوري مطلوب حالياً مع وجود الكثير من الملاحظات والانطلاقات المتعثرة والانتقادات التي ممكن أن توجه، ولكن نحن مجتمع تركنا النظام البائد أقرب للتصحر، وفكرة الحوار الوطني فكرة جيدة للوصول إلى صيغ سورية مشتركة بحيث تكرس المشترك وتنبذ المختلف عليه، مؤكداً ضرورة العمل على ردم الهوة الكبيرة والجرح الغائر الذي حصل وهذه مهمة ثقافية.
أدبيات السوريين
ونوه بأن سورية ولّادة انجبت مبدعين في السياسة والقانون والثقافة، وقال: كلنا تربينا على مقولات سعد الله ونوس “أننا محكومون بالأمل”، وتربينا على أشعار ممدوح عدوان، وتعلمنا التمرد من روايات حيدر حيدر “وليمة لأعشاب البحر، مرايا النار”، هذه هي أدبيات السوريين التي حاولت الثورة أن تكرسها في البداية. وسورية لها معنى تاريخي يحصّنها دائماً، صحيح أنها تمر أحياناً بأطوار قد تفشل بالإنجاز، وقد تتضرر الثوابت، ولكنها مصرة على لقاء السوريين مع بعضهم لأن الشعب السوري واحد.