الحرية- سامي عيسى:
شكل القرار الرئاسي بصرف منحة مالية للعاملين في الدولة من المدنيين والعسكريين بما يعادل راتب شهر واحد، وتصرف لأصحاب المعاشات التقاعدية بما يعادل معاش شهر واحد. وتشمل العاملين الدائمين والمؤقتين والعاملين بالأجر اليومي انتعاشاً لذوي الدخل المحدود وحركة أوسع في الأسواق ..فالأزمة الاقتصادية التي تتفاقم بسبب استمرار العقوبات ليست خافية على أحد ..
وضع معيشي صعب، كيفما كانت حساباته، أو اختلفت طرق الحساب، وحتى بعض المفاهيم المرتبطة بسلوك المواطن قد تغيرت، بفعل هذا الضغط تحت وقع ضعف الدخل، وارتفاع الأسعار، رغم انخفاضها الملحوظ، إلا أن ضعف القوة الشرائية، وتراجع مستويات الأجور أفقدها إيجابية هذا الانخفاض والإحساس به، والشعور بترجمة إيجابية تتلقفها جيوب المواطنين..!
أصوات كثيرة تعالت تطالب بحلول سريعة لردم الفجوة بين مستويات الدخل، وما هو مطلوب لمعيشة أفضل، حيث لايكاد يخلو مجلس، إلا وحديث المعيشة، وسبل تحسينها، القاسم المشترك في كل الآراء، وعبارات التعبير عن الاستياء وضرورات المعالجة، أفراداً كانوا، أم أهل رأي ومسؤولين أيضاً..!
واليوم الأصوات تتعالى أكثر، تنادي بضرورات التحسين، والبحث في كيفية اتخاذ الإجراءات والحلول المثلى لإحداث تغيير في مكونات المعيشة، يتوافق مع هوية التغيير الجديدة في الدولة، مع الأخذ بعين الاعتبار الضغوطات الكبيرة في هذه المرحلة، في مقدمتها قلة الموارد الداعمة للخزينة، وتراجع مصادر الدخل، مقابل كثرة الآراء، وتعدد وجهات النظر, حيث تنوعت الاجتهادات, واختلاف أهل الرأي فيها على الطريقة، وكيفية صياغة الحلول، دون الوصول إلى صيغة توافقية تفتح الطريق نحو تحسين في المستوى المعيشي وتعزيز مصادر الدخل.
ونحن لا نريد التقليل من أهمية ما يطرح، باعتبار كل ما يطرح يقارب الواقع من جوانب مختلفة، لكن غالبيتها تجمع على تحسين المعيشة، من خلال زيادة الرواتب والأجور, وتخفيض أسعار المواد الأولية المتعلقة بالمنتجات الرئيسية، وكثير من الآراء يراها في محاربة الفساد، والقضاء على أهله في القطاعين العام والخاص..
وليس هذا فحسب، بل هناك آراء كثيرة تستحق الوقوف عندها، متوقفة عن البوح في تقديم الرأي والمشورة في كثير من المشاكل وإيجاد الحلول، التي يسعى الجميع لها، وهذه تكمن في فئات يتم تجاهلها عمداً، من قبل الفئات الأولى، وبالتالي هي الأقدر على توصيف المشكلات، واقتراح حلولها، كونها ملاصقة للواقع، والتي تكمن في خبرات الفئات الثانية وما بعدها، والتي يقع على عاتقها الشغل الأكبر في خطوات العمل، في كل المواقع الإنتاجي منها والإداري، والخدمي أيضاً..
وبالتالي تجاهل هؤلاء يفقدنا القدرة على التحكم في الأمور المصيرية، وترك “الجمل بما حمل” للصفوف الأولى التي مازالت تتخبط حتى تاريخه في الدراسات وتقديم المقترحات، والحلول التي تتماشى مع مستجدات الواقع..!
وهنا لا نريد تجاهل أية خبرات، أو التحامل على خبرات وكفاءات الصفوف الأولى، بقدر ما نريد الانتباه إلى خبرات ما بعدها لأنها قادرة على المساعدة، وتقديم الرأي الصحيح في مشاكل وصعوبات العمل، وحتى مقترحات الانتقال إلى واقع معيشي أفضل، وخاصة لجهة محاربة مواقع الفساد، والسيطرة على الأسواق والأسعار، ومكافحة الرشوة في ميدان الوظيفة وغيرها من الآراء، التي من شأنها تعزيز خطوات تحسين مستويات معيشة المواطنين.
ونحن مع هذا التوجه في عدم تجاهل هذه الفئات لأنه ينطبق عليها المثل القائل “عند جهينة الخبر اليقين” ونحن نقول عند كفاءات وخبرات ما بعد الصفوف الأولى كل الحلول..؟
Isaa.samy68@gmail.com