الحرية – عمار الصبح:
على الرغم من استحواذها على النصيب الأكبر من المنشآت الصناعية القائمة في درعا، لا تزال غالبية الصناعات الغذائية تدور في فلك “الموسمية”، كمعاصر الزيتون ومعامل الكونسروة والألبان والأجبان ومنشآت الخزن والتبريد، إذ إن العمل في أكثر هذه المنشآت يكاد لا يتجاوز بضعة شهور فقط تزامناً مع المواسم الزراعية. ولعل ما فاقم من مشكلات هذه الصناعة، التي قطعت أشواطاً طويلة في مجال الجودة خلال العقود الماضية، هو ارتفاع تكاليف الإنتاج وضعف فرص التصدير، ما حدّ من جدوى هذه المشروعات، وجعل من ضرورة البحث عن فرص استثمارية جديدة لمشاريع مبتكرة تبتعد عن التقليدية وعن الموسمية، مطلباً ملحاً حسب ما يرى كثيرون.
وفي هذا السياق يرى الصناعي ونائب رئيس غرفة تجارة وصناعة درعا المهندس عبد الرحمن الحريري، أن ثمة الكثير من الأفكار لمشاريع تخص الصناعة الغذائية على وجه الخصوص، ولكن المشكلة تكمن في أن تكاليف الإنتاج لا تزال مرتفعة وهو ما انعكس سلباً على المنتج السوري في الأسواق المحلية والخارجية، لافتاً إلى مشكلة ضعف القدرة الشرائية للمواطن السوري والذي لن يكون قادراً على مجاراة المنتجات عالية التكلفة حتى ولو كانت جديدة، وذلك في وقت امتلأت فيه الأسواق بالمنتجات المستوردة التي سحبت البساط (رغم تدني جودتها) من تحت أقدام المنتج السوري، حسب وصفه.
صناعي: “خلال السنوات الماضية استطاع الآخرون الوصول إلى الأسواق الخارجية وثبتوا أقدامهم فيها، فيما ظل المنتج السوري يرزح تحت وطأة ارتفاع التكاليف وشح حوامل الطاقة
ولجهة تحديث مجالات الصناعة الغذائية، يشير الحريري إلى أن المشكلة الأبرز في هذا السياق، أنه وخلال الـ١٥ سنة الماضية فقدّ المنتج السوري الكثير من الأسواق الخارجية والتي لن يكون من السهل استعادتها في ظل منافسة شرسة تشهدها هذه الأسواق، فخلال السنوات الماضية، يقول الصناعي: “استطاع الآخرون الوصول إلى الأسواق وثبتوا أقدامهم فيها، فيما ظل المنتج السوري يرزح تحت وطأة ارتفاع التكاليف وشح حوامل الطاقة”.
ويؤكد الحريري إلى أن الكثير من الدول المصدرة للمنتجات الغذائية حصلت على إعفاءات ضريبية لمنتجاتها، وعلى سبيل المثال لا الحصر، فالمنتجات الغذائية المصدرة من مصر إلى دول الاتحاد الأوروبي معفاة بالكامل من الرسوم الجمركية، فيما تفرض دول الاتحاد رسوماً تصل إلى ١٤٪ على المنتجات الغذائية السورية.
وأضاف الصناعي: “إن الانقطاع شبه الكامل عن العالم خلال العقد والنصف الماضي، انعكس على كل أوجه النشاط الاقتصادي وهو ما أدى إلى تأخر الصناعة السورية في مجال التكنولوجيا وحرم أصحاب المنشآت من تحديث خطوط إنتاجهم، هذا إضافة إلى التراجع في التعاملات المصرفية والتحويلات البنكية التي يحتاجها الصناعيون، والذين ظل أغلبهم مرغمين على اعتماد الطرق التقليدية في التعاملات البنكية لتسهيل أعمالهم.
واختتم الصناعي حديثه بالتأكيد على ما تتمتع به المنتجات الغذائية السورية من جودة عالية، ولكنها بالمقابل تحتاج إلى بعض الوقت للعودة مجدداً إلى الأسواق الخارجية، مع ما يتطلبه الأمر من العمل على التخفيف من حجم التكاليف وتوفير حوامل الطاقة ومنح هذه المنتجات ميزات تفضيلية وإعفاءات تصديرية كي تستطيع المنافسة.
تبقى الإشارة إلى أنه وحسب الأرقام المتوافرة، يتجاوز عدد منشآت الصناعة الغذائية نصف العدد الإجمالي لكل الصناعات القائمة في المحافظة، فمن أصل ما يقارب ٨٥٠ منشأة صناعية قائمة، هناك حوالي ٤٥٠ منشأة متخصصة بالصناعة الغذائية.