عودة اللاجئين السوريين.. أرقام مشجعة وخطوات منتظرة

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية – دينا الحمد:

من البديهي القول إنه لا يمكن تحقيق عودة اللاجئين والمهجرين السوريين إلى قراهم ومدنهم ومزارعهم، والنجاح بإعادة إدماجهم إلا بتحقيق جملة من الخطوات العملية، وهذا الأمر ينسحب على السوريين الذين لجؤوا إلى دول أخرى أو الذين هجروا من مناطقهم إلى مناطق أخرى داخل بلدهم.
أولى هذه الخطوات التي ستجلب التعافي إلى المناطق التي دمرها النظام البائد، وبالتالي تصبح صالحة لاستقبال أهلها، هي حث المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية والدول الصديقة على حفاظها على الزخم الذي شهدناه بعد التحرير لضمان التعافي المطلوب.
وثاني هذه الخطوات هي تكاتف السوريين أنفسهم قبل الدول الصديقة والشقيقة لجعل الاستثمارات موجهة بشكل أكبر إلى مناطق العودة وليس فقط في مراكز المدن الرئيسية، وهذا الأمر ينطبق على السوريين المغتربين وبالأخص رجال الأعمال الوطنيين قبل غيرهم.
العامل الثالث في هذا الإطار هو التعاون الإقليمي بين سوريا ودول الجوار التي تحتضن اللاجئين السوريين، فالتنسيق بكل شاردة وواردة سيكون عاملاً أساسياً في التعافي وتحقيق العودة، وهنا رأينا استعداد العديد من الجيران على تحقيق ذلك وتصريحات المسؤولين الأتراك والأردنيين في هذا الجانب تؤكد المساهمة في معالجة المشكلات المتجذرة التي تواجه اللاجئين، وخاصة أن معظم اللاجئين يتركزون في هذين البلدين إضافة إلى لبنان.
العامل الرابع هو ضرورة إسراع المجتمع الدولي، ولاسيما الغربي، بإلغاء العقوبات أحادية الجانب عن سوريا لضمان تحقيق إعادة البناء والإعمار فيها وعودة اللاجئين، فلا تكفي التصريحات الإيجابية في ذلك، أو الرفع الجزئي للعقوبات، بل المطلوب إلغاؤها نهائياً لأن مبرر وجودها ذهب أدراج الرياح، وهو سقوط النظام البائد.
وفي خامس الشروط المطلوبة لابد من الزخم والاستمرار بتوفير الدعم لمخيمات النزوح في سوريا، وإيصال المساعدات الإنسانية إليها ريثما تفكك تلك المخيمات ويعود النازحون إلى بيوتهم.
العامل السادس المطلوب هو إجراءات من قبل الجميع، (منظمات ودول)، لتسهيل العودة الطوعية، وأولها إعادة تأهيل المنازل المتضررة نظراً للدور الرئيسي للمأوى الآمن في مجال ترسيخ العودة، ولا ننسى هنا توفير مواد الإغاثة الأساسية لدعم سبل العيش، وعلى مؤسسات الدولة السورية المساعدة في الحصول على الوثائق المدنية، وخدمات الحماية، والصحة النفسية والدعم النفسي والاجتماعي.
وفي الأرقام المشجعة التي أعلنت عنها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين منذ أيام وجدنا عودة مليون سوري إلى بلادهم في غضون تسعة أشهر فقط، بالإضافة إلى عودة 1,8 مليون شخص آخرين من النازحين داخلياً إلى مناطقهم الأصلية.
ولكن بالتوقيت ذاته أعلنت المفوضية أن العائدين يواجهون تحديات هائلة، لأن منازلهم مدمرة والبنية التحتية مدمرة، والخدمات الأساسية ضعيفة ومتضررة، وهناك نقص في فرص العمل، وأن ذلك كله يشكل تحديات كبيرة في وجه العودة والتعافي، وأنه مع وجود أكثر من 7 ملايين سوري من النازحين داخل البلاد، وأكثر من 4.5 ملايين لاجئ خارجها، فإنه من الواجب تحقيق الشروط الستة السابقة لتقديم الدعم لهم.
قصارى القول: فإن ما قاله المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين السيد «غراندي» مؤخراً يجب أن يكون منهاج عمل، وهو أن هناك فرصة لحل إحدى أكبر أزمات النزوح في العالم ويجب على المجتمع الدولي والسوريين في الشتات أن يرصوا الصف، ويكثفوا جهودهم لدعم جهود التعافي، وضمان عودة طوعية ومستدامة وكريمة للمهجرين، وأن الدعم المستمر للدول المضيفة يعد أمراً بالغ الأهمية لضمان العودة الطوعية والآمنة والكريمة، فهل نطوي هذه الصفحة المأساوية من دفاتر شعبنا التي سببها النظام البائد.

Leave a Comment
آخر الأخبار