فخ “الملاذ الآمن” ..!

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية- عمران محفوض:

كثير ما ترددت على مسمعنا عبارة “الملاذ الآمن”، كوجهة استثمارية فضلى لدى جميع المواطنين تحفظ أموالهم من تقلبات انخفاضات قيمة الليرة، وزيادات معدل التضخم، وارتفاعات أسعار المواد والسلع غير المفهومة في معظم الأحيان، وللأسف اقتنع بعض السوريين بهذه العبارة، وسعوا بكل ما يملكون إلى ترجمتها كحالة اقتصادية واجتماعية تحمي أولادهم من ” غدرات الزمن” وتجنبهم متاعب “الأيام السوداء” القادمة، من دون تفكير بأن هذه “الوجهة الاستثمارية” المزعومة ليست كما يُروّج لها البعض، خاصة أن الكثير منّا جرّبها ولم يجد فيها الملاذ الآمن المأمول، وتحديداً خلال سنوات الحرب، فالجميع يعلم أن معظم من كنز الذهب والدولار في عام 2011 وما قبله صرف مدخراته بعد عدة سنوات على شراء الغذاء والدواء وتكاليف الإيجارات والتنقلات.. بعد أن التهم التضخم فارق السعرين السابق واللاحق لهما “وكأنك يا زيد ما غزيت”.
بمعنى أن “الملاذ الآمن” لم يكن في يوماً من الأيام فردياً، وعبر اكتناز الذهب والدولار؛ ولا حتى الماس والفضة أو امتلاك العقارات، ومن يروّج لهذا الاكتناز على أنه نوع من أنواع الاستثمار؛ ما هو إلا ذرّ للرماد في العيون، وتحويل الأنظار عن الاستثمار الحقيقي المولّد للدخل الوطني والنمو الاقتصادي عبر زيادة الإنتاج وتكثير إيرادات الخزينة العامة للدولة إلى محاولات فردية تعتمد على الادخار وربما الاحتكار المالي؛ ولكن “المشرعن والمقونن”؛ لا فرق عند الآخرين؛ طالما الغاية من تعميم هذه المحاولات هي إقناع العامة من الناس أنها “ملاذاً” للخلاص من ما يخفيه لهم “الزمن الأسود “، بعيداً عن إيضاح تبعات ما يفعلون على الاقتصاد الوطني، وما هي المخاطر التي ستحلق بهم بسبب ذلك ..
– الوقوع ضحية شبكات الاتجار بالعملة المزورة، والذهب المغشوش.
– أسعار الذهب يمكن أن تتأثر بعوامل عدة، مثل العرض والطلب، وارتفاع أو انخفاض سعر الصرف، والأزمات الاقتصادية.
– صعوبة التخزين والحماية وارتفاع تكاليف التأمين؛ وربما الحراسة.
– يمكن أن يكون من الصعب بيع الذهب في بعض الأوقات دون خسارة كبيرة.
– تؤثر تقلبات سعر صرف الدولار بشكل مباشر على التجارة الخارجية والداخلية والاستثمارات وأسعار السلع في الأسواق.
باختصار علينا أن ندرك جميعاً، أفراد ومؤسسات، أن الملاذ الآمن الوحيد ليس عبر ادخار أو اكتناز الذهب والدولار، بل هو بإخراج هذا المال المدفون في خزائن المواطنين إلى مجالات الاستثمار والإنتاج بعد منحهم ميزات وحوافز تغريهم لتقبّل فكرة إنشاء شركات مساهمة أو إقامة مشروعات استثمارية ناجحة، وعدم ترغيب الناس بأهمية اكتناز المال وتوريطهم أكثر في فخ الادخار تحت مسمى “الملاذ الآمن”، فالخلاص من نوائب الدهر لم يكن يوماً من الأيام فردياً، بل هو نتيجة تعاون مجتمعي أساسه العمل الدؤوب، وهدفه النمو الاقتصادي الشامل، وغير ذلك ليس سوى سراب في بيداء ما أن تقترب لحظة الحقيقة حتى نستفيق على خيبات ماجنت أيدينا، وطبعاً مسؤولية تأجيل أو منع قدوم لحظات الندم لا تقع على عاتق الأفراد والمؤسسات الحكومية لوحدهم، بل هي مسؤولية مجتمعية متضامنة ومتكافلة تلتقي نجاحاتها في توجيه مسارات الاستثمار نحو الاتجاهات الأفضل للبلاد كخلاص جمعي واحد ووحيد يفضي إلى مستقبل مزدهر على المستويات والصعد كافة دون تفضيل أو تمييز بين فرد أو مجموعة أو مجال على آخر.

Leave a Comment
آخر الأخبار