الحرية – عثمان الخلف:
نشأت في وسط عائلي عاشق للموسيقى، فتعلّمت العزف على آلاتها المختلفة وأتقنته، سحر إسماعيل، ابنة دير الزور، هي الأنثى التي اعتلت منصات العزف كأول سيدة في محافظتها، متغلبةً على نظرة محيطها الاجتماعي المتحفظ تجاه الفنون، لتتابع بهذا الفن تدريساً وتدريباً وحضوراً مميزاً.
أنثى الموسيقى
لم تُعر سحر إسماعيل نظرة مجتمعها بالاً تجاه هواياتها التي أحبّت، إذ ولدت بين الآلات الموسيقية وكتبت نوتاتها وتسجيلاتها الصوتية، تقول لـ«الحرية»: تعلمت على يد والدي الفنان الراحل محمود إسماعيل، الذي أسس أول فرقة موسيقية في دير الزور عام 1955، كما صقلت موهبتي على يد أخي زياد إسماعيل – وهو كفيف البصر ويقيم حالياً في ألمانيا – وأيضاً ابن عمي رشيد إسماعيل، وأكثر من تأثرت به كان جدي لوالدتي عبدالله إسماعيل، وهو أول من أدخل آلة العود إلى دير الزور.
وتضيف: نظرة المجتمع لهذا الفن سيئة، فما بالك أن امرأة تهواه، ثم تتعلمه وتصعد منصاته، بالتأكيد يبدو الأمر صعباً وسط نظرات نجدها في كثير من مجتمعاتنا العربية.
تجيد سحر العزف على آلات عدة منها: العود، الأورغ، الأكورديون، الغيتار، والفلوت، تقول ضاحكة: بالرغم من أنني ولدت في هذا الوسط، كانت رغبتي الدراسية العلوم الجيولوجية، بعد نجاحي تقدمت بأوراق التسجيل لمعهد العلوم، لكنني فوجئت بقبولي في معهد الموسيقا، إذ حصلت على علامة عالية جداً في فحص القبول، لاحقاً علمت أن خطأً في تنظيم الأوراق بسبب اسم عائلتي الموسيقي جعلني في خانة المعهد الموسيقي، فتابعت الدراسة فيه بمحافظة حلب وتخرجت عام 1985، ثم حصلت على شهادة الدبلوم.
مسيرة تعليمية وفنية
مارست سحر التدريس بعد تخرجها، فدرّست مواد مثل: الصولفيج الغنائي الإيقاعي، النظريات الموسيقية، القواعد الموسيقية، الأداء الجماعي، والأداء الفردي على الأكورديون والعود، وذلك حتى عام 2009، كما تولت بين عامي 2008 – 2009 رئاسة قسم الموسيقا في المعهد ذاته بدير الزور، ودربت كورال المسرح المدرسي، إضافة إلى عملها في التدريب بالتقييم والقياس والتعلم الوجداني، وعملت مدربة (كورال + عزف) في معهد النور للمكفوفين بدير الزور.
شاركت في مختلف الفعاليات والمهرجانات التي أقامتها مديريتا الثقافة والتربية، فنالت درع مهرجان المرأة الفراتية عام 2009، وشهادة تقدير من وزارة الثقافة في عيد الطفل العالمي عام 2007، وأخرى من نقابة المعلمين عام 2017، ومن ألحانها المعروفة: لحن قصيدة الفرات الخالد للشاعر الكبير محمد الفراتي، ونحن النور للشاعر محمد الحدو.
شهادة الشعراء
يقول الشاعر الغنائي مازن علوش عنها: هي مثابرة من نوع فريد، لا تحلو الأمسيات إلا بعزفها الذي يأخذ مكانه طواعية وسط أرواحنا المتعبة، فيمنحها الأمل رغم الأوجاع، حضورها المميز يضفي نكهة تجعلنا نحلّق مع عزفها، فتعلّمنا أن للموسيقى كلاماً أيضاً، فهي تحاكينا في كل حالاتنا: آلامنا، آمالنا، أفراحنا وأحزاننا، سحر هي أنثى الموسيقى المتمردة على رواسب الجهل والتخلف.
أعمال وأفكار
ترى العازفة الفراتية سحر إسماعيل أن “لا حياة بلا جديد”، فالموسيقى مثل الفنون الأخرى تعيش إضافات يوماً بعد يوم، تقول: أعمل حالياً على دراسة مقارنة بعنوان (استنتاجات المقامات السبعة من مقام واحد وألوان الطيف)، وأتمنى أن أوفق فيها، أريد أن أنقل ما تعلمته لجيل آخر أرى نفسي فيه، وأسعى منذ فترة إلى تشكيل فرقة كورال مع عزف مؤلفة من 100 عنصر، أعلم بوجود مواهب فنية تحتاج فقط إلى الدعم والرعاية من الجهات التربوية والثقافية.