الحرية – مركزان الخليل :
جملة القرارات والإجراءات المهمة، التي اتخذتها الحكومة منذ بداية عهد التحرير وحتى تاريخه، بقصد تحريك عجلة الاقتصاد الوطني، التي توقفت مثقلة بكثير من الصعوبات والمشكلات، وقضايا فساد، امتدت في جذورها لسنوات طويلة، إلا أن سنوات العقد الأخير، كانت أرضاً خصبة لنمو هذا الفساد على حساب الشعب، وخاصة الطبقة العاملة، التي تراجع مستوى معيشتها، إلى مستويات متدنية، تحاول الحكومة اليوم إنقاذها بصور مختلفة، في مقدمتها تحسين الرواتب والأجور، حيث كان آخرها، ولن تكون الأخيرة، بل هناك خطوات جديدة تعقبها تصب في تحسين مستوى المعيشة، وهذه الخطوة، تمثلت في تطبيق زيادة الرواتب والأجور التي أصدرها السيد الرئيس في حزيران الماضي، وبدأت مفاعيلها اليوم تترجم على أرض الواقع، بما يتلاءم مع الإمكانات المادية المتوافرة لدى الحكومة، وسياسة تنفيذ تتماشى مع ماهو متوافر من أموال، وبالتالي هذه الزيادة، جاءت تتويجاً لهذه الجهود، وتلبية لحاجات المواطنين، لتحسين مستوى معيشتهم، وتوفير مداخيل جديدة تسهم في تعزيز القدرة الشرائية لتأمين المطلوب نحو حياة أفضل..
شعيب: الزيادة حالة إنعاشية هدفها رسم خارطة طريق مكوناتها تحسين مستوى المعيشة وتأسيس لقوة إنتاج جديدة تسمح بتسريع عجلة الإنتاج المحلي..
الفائدة مزدوجة
وهنا يمكن القول إن تطبيق الزيادة، وترجمتها على أرض الواقع فائدتها، لا تنحصر فقط بجهة الموظفين والعاملين بالدولة، فهي فائدة عامة، يستفيد منها الجميع “أي كافة أطراف العملية الاقتصادية والاجتماعية والخدمية”، باعتبارها قوة محركة لعجلة الاقتصاد، تفرد إيجابيتها على كافة حلقاته، وخاصة ما يتعلق بالقوة الشرائية وتحريك الأسواق التي أصابها الجمود منذ فترة طويلة، وذلك وفق “رأي الخبير الاقتصادي المهندس جمال شعيب” مؤكداً أن تطبيق الزيادة الحالية، يأتي ترجمة فعلية للقرارات التي اتخذتها الحكومة لتحسين ظروف المعيشة، والتي شكلت مطلباً ملحاً لشريحة واسعة من الموظفين والعاملين في الدولة، منذ سنوات في ظل ظروف اقتصادية كانت ومازالت الأكثر صعوبة على الجميع، بسبب الحرب التي دمرت الكثير من قوى الإنتاج، واليوم هذه الزيادة شكلت أولى خطوات مشوار سجلت فيها الحكومة ترجمة فعلية لخطة اقتصادية تسمح بتحقيق مستوى معيشة أفضل، إلى جانب تعزيز قوة الإنتاج الوطني، بما يكفل استمراريته، وتحقيق زيادات متلاحقة، يمكن ترجمتها على أرض الواقع بما يتناسب، ويتلاءم مع طبيعة كل مرحلة.
جامعة أهداف
أما فيما يتعلق بالأثر الإيجابي الذي تحدثه كتلة الزيادة النقدية، والتي يمكن أن تضخ في الأسواق فقد أكد “شعيب”، أنها حالة أكثر من إيجابية جامعة لأهداف كثيرة، منها على سبيل المثال: زيادة حجم السيولة النقدية المطروحة في الأسواق، وتحريك قوة المتاجرة فيها، والتي ترتبط بصورة مباشرة بالكتلة النقدية التي وفرتها هذه الزيادة في يد المواطنين، والمساهمة في تأمين حاجاتهم المعيشة، على نطاق واسع يمكن من خلال تحقيق بعض الرفاهية، وتأمين مستلزماتها، بعد تعثرها خلال السنوات الماضية، واقتصارها لقلة من أبناء المجتمع.
قوة شرائية
وهذه النتائج لن تبقى محصورة بهذا الجانب، أو فائدتها تتركز في فئة الموظفين، بل لها الانعكاس الأكبر على الحالة الاقتصادية العامة للدولة، لطالما انتظرناها جميعاً، حيث يرى فيها “شعيب” القوة الجديدة التي تحرك كافة مفردات الاقتصاد الوطني، من فعاليات تجارية وإنتاجية وتسويقية، وخدمية أيضاً، وذلك من خلال زيادة دوران عجلة الانتاج، وتحسين نوعية الخدمات، وكل ذلك مرتبط بالكتلة النقدية التي توفرها الزيادة، والتي هي أشبه بدم جديد، أخرج الاقتصاد الوطني من حالة الركود التي كان يعيشها، إلى جانب الخلاص من حالة الضعف في القوة الشرائية، والانطلاق بها نحو تحقيق المزيد من فرص النجاح، سواء على مستوى الإنتاج، أم الخدمات، وقبل هذا وذاك حالة انعاش جديدة لأصحاب الدخل المحدود، تؤسس لزيادة قادمة يمكن من خلالها تحقيق التوازن بين طرفي المعادلة التي تحكم حالة الإنفاق ما بين الدخل والمصروف، وهذا ما تسعى الحكومة لإنجازه، وتوفير حياة حرة كريمة للمواطن.
علي: الزيادة خطوة في الاتجاه الصحيح لرفع الرضا الوظيفي وتحفيز العمال ورفع مستوى استعدادهم لتحسين الإنتاجية والكفاءة
رفع للرضا الوظيفي
وضمن هذا الإطار معظم الآراء، مهما اختلفت مستويات أهلها، وشرائحهم الاجتماعية، إلا أن الجميع متفقون على أهمية الأثر الإيجابي الذي تحدثه الزيادة، بهذه النسبة والتي لم تحدث منذ عقود من الزمن، رغم مطالبات الجميع، على امتداد تلك السنوات بنظام عادل من شأنه تعزيز القوة الشرائية التي تترافق مع تطورات الحالة الاقتصادية العامة، واليوم تولد هذه الخطوة ضمن ظروف أيضاً صعبة، حيث يرى الباحث الاقتصادي الدكتور عمار علي أن هذه الزيادة تشكل خطوة في الاتجاه الصحيح، لرفع الرضا الوظيفي،
وتحفيز العمال، ورفع مستوى استعدادهم لتحسين الإنتاجية والكفاءة، ولكن لابدّ أن يترافق هذا الأمر، أو يسبقه عملية تحليل تفصيلي، فيما يخص المقاربة الإستراتيجية للحكومة، في المجال الصناعي، ولابد من دراسة المنظومات الصناعية القطاعية، وتحديد مدى جدواها بالنسبة للاقتصاد السوري، بالإضافة إلى كيفية الانتقال أو العبور الاقتصادي من مرحلة تعتمد الاقتصاد السياسي، إلى مرحلة الاقتصاد التنافسي من دون إيجاد “صدمة اجتماعية” أو شلل للدورة الاقتصادية الداخلية، وبمعنى آخر؛ وضع سلة من السياسات تضبط إعدادات البيئة الاقتصادية، بما يضمن الانسيابية خلال مرحلة العبور الاقتصادي، والمضي قدماً لتحقيق إستراتيجية اقتصادية واضحة المعالم.
بحاجة لبعض الوقت
ويقول “علي”: إن الزيادة بحجمها الحالي، تسمح بتعزيز انعكاسها الإيجابي، والذي يظهر بقوة على القطاعات الخدمية والتعليمية غير الاقتصادية، وبعض القطاعات الاقتصادية الخدمية مثل الكهرباء و المياه وغيرها، لكن على المستوى الصناعي والإنتاجي، أعتقد أننا نستطيع رؤية الأمر بهذه الصورة، على اعتبار أن الأمر بحاجة لمزيد من الوقت حتى تظهر إيجابية على واقع الإنتاج والتصنيع، لكن مرور الزمن، وليس بالفترة البعيدة، يمكن أن نلمس الكثير من الإيجابيات، على صعيد زيادة الإنتاجية، وتوسيع القدرة الشرائية في كافة اتجاهاتها، وخاصة المواطن والمؤسسات الاقتصادية.