فوائد كبيرة ومردود للفلاح والاقتصاد الوطني… استثمار النباتات الطبية والعطرية يحتاج إلى الدعم ونشر ثقافة الطب البديل

مدة القراءة 7 دقيقة/دقائق

طرطوس- نورما الشّيباني:
تمتاز سوريا عموماً وطرطوس خصوصاً بطبيعة جميلة ومناخ ملائم لنمو النباتات الطبية والعطرية، التي ذاع صيتها في كل الأصقاع لما تمتاز به من مواد فعالة مفيدة، حيث نجدها في البراري والأحراش أو مزروعة ضمن الأراضي الزراعية، وقد ازداد الاهتمام بهذه النباتات وتسليط الضوء عليها ككنز طبيعي، يسهم بالإضافة إلى فوائدها الطبية والتجميلية في تأمين دخل إضافي للمزارعين، مع انخفاض تكاليف إنتاجها، إضافة إلى دعم الاقتصاد الوطني عن طريق تصدير المنتجات إلى الخارج.

الخطيب: إعادة زراعة النباتات الطبية في أماكن الحرائق إلى جانب الأشجار الحراجية

نشر ثقافة الطب البديل

وللحديث عن النباتات الطبية ودورها في الطب البديل التقت “الحرية” رئيس مجلس إدارة الجمعية العلمية السورية للأعشاب الطبية والطب التكميلي والتجانسي والتغذية د.شادي الخطيب، حيث أوضح أن الجمعية أسّست عام 2014 في حلب، وتمتد أنشطتها لتشمل جميع المحافظات السّورية، بهدف نشر ثقافة الطّب البديل، والتّكميّلي بطريقة علميّة، وتطوير صناعة الأعشاب والمستحضرات الطّبيعيّة، وفي محافظة طرطوس، قامت الجمعيّة بتجهيز حديقة نباتات طبيّة في غابة تلّة بمنطقة القدموس بريف طرطوس، بالتّعاون مع السّيد فائز حسن ممثل الجمعيّة في المنطقة، وهذه الحديقة تضم أهم النباتات الطّبيّة الّتي تنمو في جبال السّاحل السّوري، ما يعزّز الوعي بأهميّتها، كما نظّمت الجمعيّة العديد من النّدوات العلميّة، والمحاضرات، وورشات العمل التدريبيّة سواءً في طرطوس، أو في محافظات أخرى لتأهيل الكوادر، ونشر ثقافة استخدام النباتات الطبيّة، وتسهم الجمعيّة في إبراز التّنوع النّباتي الفريد في سوريا من خلال أبحاث منشورة في مجلات عالميّة محكمة، كما تسلّط الضّوء على الكنوز الطّبيعيّة في المناطق الجبليّة، والساحلية وجميع الأرياف السّورية.

تطوير صناعات محلية

وأكدّ الخطيب أنّ الاستفادة من القيمة المضافة للنباتات الطّبية تتطلب استراتيجيات متعددة، ومنها تطوير صناعات محليّة تعتمد على الموارد الطّبيعية السّورية، مثل إنتاج الزّيوت العطريّة، والمستحضرات التّجميليّة، والمتمّمات الغذائيّة، مع ضمان الجودة، وفق معايير هيئة المواصفات والمقاييس السورية.
وتعزيز البحث العلمي بالتعاون مع القطّاعين العام والخاص، لتطوير منتجات مبتكرة، مثل مستحضرات علاجيّة وغذائيّة تعتمد على الأعشاب المحليّة.
وتدريب الفلّاحين، وأصحاب المشاريع الصّغيرة على تقنيات جمع، وتصنيع النّباتات الطبيّة بطرق مستدامة.

الترويج للمنتجات السورية

وكذلك، وفقاً للخطيب، التّرويج للمنتجات السّورية في الأسواق الدوليّة من خلال المشاركة في معارض عالميّة، ما يعزّز تصدير المنتجات ذات الجودة العاليّة مثل زيت الزّيتون العضوي، والعسل الطّبيعي، وهناك تجارب ناجحة لدعم الأسر الرّيفية لتصنيع المنتجات يدويّة الصّنع ذات القيمة المضافة من الأعشاب، والنباتات الطبيّة، ومنها الزّيوت المعصورة على البارد، والمُقطّرات والصّوابين التقليديّة، ومزائج التّوابل السّورية، ووصفات الزّعتر التقليديّة، وغيرها من المنتجات التقليديّة.

مورد اقتصادي مهم

وأكد الخطيب أن النّباتات الطّبية والعطريّة تمثّل مورداً اقتصاديّاً مهمّاً للفلاح، والاقتصاد الوطني، وبالنسبة للفلاح، توفر هذه النّباتات مصدر دخل مستداماً، وخاصة في المناطق السّاحلية، والجبليّة مثل طرطوس، ومناطق أرياف إدلب، وحماة، وحمص، وحلب، ودمشق، وغيرها من الأرياف الغنيّة بالنباتات الطبية، حيث تنمو أنواع فريدة بفضل التّنوع المناخي، كما تتيح فرصاً لإنشاء مشاريع صغيرة لتصنيع المستحضرات الطّبيعية.

تعزيز الصادرات

وعلى المستوى الوطني، تسهم في تعزيز الصّادرات، وتقليل الاعتماد على الواردات من خلال إنتاج مواد خام طبيعية عالية الجودة.
ولتطوير زراعتها، واستثمارها، يجب توفير برامج تدريبيّة للفلاحين حول زراعة النباتات الطّبية، وتمييز الأنواع الطّبية عن السّامة، بالتّعاون مع وزارة الزراعة، ودعم البحث العلمي لتحسين تقنيّات الزّراعة، والحصاد المستدام، والحفاظ على الغطاء النباتي، إضافة إلى إنشاء مراكز تصنيع محليّة لتحويل النّباتات إلى منتجات ذات قيمة مضافة، مثل العسل العضوي والزيوت العطرية، وتعزيز التّعاون مع المنظمات الدّولية، والأكاديميّات لتبادل الخبرات، وتطوير معايير الجودة.
وتشجيع الاستثمار في البنية التّحتية لتصنيع، وتسويق المنتجات الطّبيعية، مع التّركيز على المناطق الغنيّة بالنباتات مثل جبال الساحل السّوري.

التعاون مع مختصين

وأشار الخطيب إلى أن الجمعيّة مستمرّة في العمل مع مختصّين في الطّب والصيدلة والزراعة، وفي الآونة الأخيرة تم التّعاون مع جامعة حلب، وتحديداً مع كليّتي الصّيدلة، والعلوم بإجراء ورشات تدريبيّة سواء للمختصين وغير المختصّين للتّعريف بالنباتات الطّبيّة، وطرق تحضير منتجات تقليديّة منها ذات جودة عالية بإشراف متخصصّين بصناعة المستحضرات الطّبيعية من أجل دعم الاستدامة في استخدام الموارد الطّبيعية، وصناعة منتجات صديقة للبيئة ذات بصمة كربونيّة محدودة، وذلك تماشياً مع استراتيجيّات منظمة الصّحة العالميّة في الطّب التّقليدي، وتطبيقاً لأهداف التّنمية المستدامة التي أطلقتها الأمم المتحدة.

الحفاظ على ما تبقى من كنوزنا الخضراء

ولفت الخطيب إلى أنه الآن، ومع انتشار الحرائق للأسف في العديد من مناطق الغابات الطّبيعيّة في جبال السّاحل السّوري، وتكاملاً مع الدّور الكبير الذي قامت به وزارة الطّوارئ في مواجهة هذه الحرائق مع العديد من الجهات ذات الاختصاص والصلة – مشكورة جهودهم– لا بد من العمل على الحفاظ على ما تبقى من الكنوز الطبيعية الخضراء، والعمل على إعادة زراعة النباتات الطبية في أماكن الحرائق، جنباً إلى جنب مع الأنواع الأخرى من الأشجار والنباتات، وفقاً لخطة وزارة الزراعة لإعادة إحياء هذه المناطق بعد السيطرة على الحرائق إن شاء الله.

علاج للأمراض

بدوره خبير الأعشاب والنباتات الطبية وعضو الجمعية العلمية للأعشاب الطبية فايز حسن أنّ الطّبيعة تزخر بالكنوز والمدخرات، ومن أهمها النباتات الطّبية، فمنذ القدم اهتم الإنسان بالنباتات الطبّية وعرف فوائدها وطرق استخدامها كعلاج للأمراض أو الاستخدامات تجميلية.

حسن: الأعشاب الطبية تصدّر إلى الخارج وتعود إلينا أدويّة مصنّعة بأسعار مضاعفة علماً أننا نمتلك الكفاءات العلميّة لتصنيعها

العودة إلى الطبيعة

ونصح حسن بالعودة إلى الطّبيعة، وتناول الأعشاب الطّبية الموجودة في بلدنا، فهي تدعم الصّحة، وتبعد المرض، وكما يقال درهم وقاية خيرٌ من قنطار علاج.
ولفت حسن إلى أنّ الأعشاب الطبية تصدر إلى الخارج لعدم توافر هذه المواد الأوليّة عندهم، وتعود إلينا أدويّة مصنّعة بأسعار مضاعفة، علماً أننا نمتلك الكفاءات العلميّة لتصنيعها، وكل ما نحتاجه هو الإرادة، والتّصميم ولاسيما أن هذه النباتات الطبية تنمو في بلدنا بشكل طبيعي لا تحتاج إلى الري، ولا التسميد، وهي مقاومة للأمراض، ولا تتأثّر بالعوامل الجوية، وإن وجد لها سوق تصريف تتحول إلى مشاريع اقتصاديّة مهمّة لريفنا الجميل، ودخل إضافي دون مجهود وتكاليف كبيرة.

Leave a Comment
آخر الأخبار