الحرّية – هبا علي أحمد:
بعد اجتماع الرئيس أحمد الشرع مع مديري المصارف الخاصة، بحضور حاكم مصرف سورية المركزي السيد عبد القادر الحصرية، لبحث أوضاع القطاع المصرفي ودوره في المرحلة الاقتصادية المقبلة، والفرص المتاحة أمامه، طرح السؤال حول ماذا يحتاج القطاع المصرفي السوري كي يستعيد ثقة السوريين بمختلف تصنيفاتهم؟
المصارف هي الأداة التنفيذية لأي قرار نقدي سواء تعلق الأمر بتبديل العملة أو إدارة السيولة أو تثبيت سعر الصرف
الأداة التنفيذية
يرى الخبير الاقتصادي والمصرفي، الدكتور إبراهيم نافع قوشجي، أن إعادة هيكلة المصارف العامة والخاصة في سوريا لا يُمكن فصلها عن السياسات النقدية لمصرف سورية المركزي، إذ إن المصارف هي الأداة التنفيذية لأي قرار نقدي، سواء تعلق الأمر بتبديل العملة، أو إدارة السيولة، أو تثبيت سعر الصرف، فالمصرف المركزي يحتاج إلى مؤسسات مصرفية قوية وشفافة كي يتمكن من ضبط السوق النقدية وتحقيق الاستقرار المالي.
ويستعرض الخبير قوشجي في تصريح لـ”الحرّية” العلاقة بين إعادة الهيكلة للمصارف وتبديل العملة على النحو التالي:
• إدارة الثقة: أي عملية لتبديل العملة تتطلب وجود مصارف قادرة على إدارة عمليات الاستبدال بكفاءة وشفافية، وإلا ستفقد العملية مصداقيتها أمام المواطنين والمستثمرين.
• ضبط السيولة: إعادة هيكلة المصارف تتيح لها إدارة تدفق النقد الجديد بشكل منظم، بما يمنع التضخم أو المضاربة.
• توحيد المعايير المحاسبية: عند إدخال عملة جديدة أو تعديل الإصدار النقدي، يصبح من الضروري أن تكون المصارف مجهزة بأنظمة مالية حديثة قادرة على التعامل مع التغيير بسلاسة.
استقرار سعر الصرف لا يتحقق عبر التدخلات الظرفية فقط بل عبر مصارف قوية قادرة على إدارة النقد الأجنبي وفق سياسات واضحة
استقرار سعر الصرف
استقرار سعر الصرف لا يتحقق عبر التدخلات الظرفية فقط، بل عبر مصارف قوية قادرة على إدارة النقد الأجنبي وفق سياسات واضحة، وتطوير أدوات التحوط وإدارة المخاطر داخل المصارف لتقليل الضغط على السوق السوداء.
لذلك وبناء على ما سبق، لفت الدكتور قوشجي أن إعادة هيكلة المصارف الخاصة والعامة يجب أن تتكامل مع إصلاحات داخل المصرف المركزي نفسه، عبر:
• تحديث أنظمة إدارة النقد وإدخال تقنيات حديثة لمراقبة تدفق العملة وضبط الكتلة النقدية.
• تعزيز التنسيق مع المصارف التجارية بحيث تصبح المصارف أذرعاً تنفيذية لسياسات المركزي، لا مجرد مؤسسات منفصلة.
• ويمكن إطلاق أدوات مالية جديدة مثل شهادات الإيداع والسندات الحكومية، لتوجيه السيولة بعيداً عن المضاربة.
الأثر الكلي على الاقتصاد السوري
وأوضح قوشجي أن نجاح عملية تبديل العملة عبر مؤسسات مصرفية حديثة وموثوقة، سوف يؤدي إلى استقرار سعر الصرف نتيجة ضبط السيولة والحد من المضاربات، وتعزيز الثقة المجتمعية في النظام النقدي والمصرفي، ما يحفز الاستثمار والإنتاج عبر بيئة مالية مستقرة.
من هنا فإن إعادة هيكلة المصارف العامة والخاصة في سوريا، ليست مجرد إصلاح داخلي، بل هي جزء من مشروع وطني متكامل يشمل سياسات النقد، تبديل العملة، واستقرار سعر الصرف.
ووفقاً لقوشجي فإن نجاح هذه العملية يتطلب تكامل الرؤية بين المصرف المركزي والمصارف التجارية، بحيث تتحول المؤسسات المصرفية إلى أدوات فاعلة لإدارة النقود وبناء الثقة الاقتصادية، وهو ما يشكّل أساساً لإعادة إطلاق عجلة التنمية في سوريا.