الحرية- وداد محفوض:
تُشكل المشاريع متناهية الصغر في محافظة طرطوس العمود الفقري الكثير من الأسر في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، إذ تساهم بشكل كبير في تخفيف الأعباء المالية عن الأسر والأفراد، وتحسين الوضع المعيشي، فضلاً عن توفير فرص عمل وتنمية المهارات الشخصية والمهنية، ما يعزّز القدرة على مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية.
عبير إبراهيم “أم شعيب”، وهي في العقد الخامس من عمرها من ناحية الصفصافة، استطاعت أن تُحوّل مشروعاً صغيراً في مجال الألبان والأجبان إلى مصدر رئيسي لدخل أسرتها.
وفي لقاء لصحيفة “الحرية” بينت إبراهيم أن عائلتها مؤلفة من ثلاثة شبّان وبنت، عانوا كثيراً من قلة فرص العمل، إضافة إلى أن راتب زوجها لم يكن يكفي ثمن الخبز، فقررت البدء بمشروع متواضع، مؤكدةً أن الطموح والإرادة قادران على صناعة النجاح حتى في أصعب الظروف.
ولفتت أنه بعد بلوغ زوجها سن التقاعد بدأت العائلة تواجه تحديات كبيرة، فبدأت مشروعها الخاص في مجال الألبان والأجبان، وهو مجال تمتلك خبرة فيه من خلال عملها كربة منزل. محولة منزل العائلة إلى مكان للعمل، فبدأت بكميات صغيرة وتعلّمت تقنيات جديدة من قريبة لها تعمل في المجال نفسه.
ومع مرور الوقت، بدأ العمل ينمو تدريجياً، وأصبحت منتجاتها تحظى بقبول كبير في قريتها والمناطق المجاورة، وبفضل التزامها بالجودة والنظافة اكتسبت سمعة طيبة جعلت مشروعها أكثر استدامة.
وأشارت إبراهيم إلى أنها لم تقتصر على صناعة الألبان والأجبان فقط، بل وسّعت نطاق عملها ليشمل المؤونة البيتية مثل المكدوس، الزيتون، المخللات، الكشك، الزعتر، المربيات، والحلويات الخاصة بالأعياد، وبذلك استطاعت تلبية احتياجات السوق المحلية بشكل أكبر، ما ساعد على زيادة الطلب على منتجاتها.
وأضافت: إنه رغم التحديات التي واجهتها، مثل انقطاع الكهرباء وارتفاع أسعار المحروقات، تمكنت من تجاوزها، حيث اقترضت مبلغاً لتركيب نظام طاقة شمسية لضمان استمرار عملية التبريد.
وذكرت أنه بعد مرور خمس سنوات على بدء المشروع، تمكنت من بناء قاعدة عملاء واسعة في قريتها ومناطق أخرى في المحافظة، بفضل جودة منتجاتها والتزامها بالنظافة، كما بدأت باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي لتسويق منتجاتها والوصول إلى شريحة أوسع من الزبائن.
وأكدت أنها رغم النجاح الكبير الذي حققته، لا تزال تطمح إلى توسيع مشروعها أكثر، من خلال إنشاء معمل حديث يحتوي على معدات متطورة لتسهيل الإنتاج وتقليل الجهد البدني. وهكذا أصبح مشروعها الذي بدأ صغيراً، حجر أساس لاستمرار العائلة ووسيلتها لتحقيق الاستقلال المالي.
وختمت حديثها بتشجيع النساء اللواتي يُعلن أسرهن، مؤكدة أن المشاريع المتناهية الصغر يمكن أن تكون أداة قوية لمواجهة التحديات الاقتصادية، وتحقيق الاستقلال المالي، وأنه بالإصرار والابتكار والالتزام بالجودة يمكن تحويل أي مشروع صغير إلى قصة نجاح تلهم الآخرين وتساهم في بناء اقتصاد محلي قوي ومتنوع.