قصر زين العابدين في درعا شاهد أثري حي على روعة العمارة الحضارية

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية – وليد الزعبي:

تأخذك المعالم الأثرية في رحلة عبر الزمن الموغل في القدم، لتعيش قصص الإرث التاريخي والحضاري التي مرت به بلادنا، وما أكثر هذه المعالم والشواهد الحية في منطقة حوران، حيث تعد بالمئات، ومن بينها قصر زين العابدين الذي بني بالحجر البازلتي الذي يحمل طابع النسيج العمراني السائد بالمنطقة وتميز بروعة طرازه المعماري.

وحول تاريخه وموقعه، أوضح أمين متحف درعا الوطني وائل كيوان أن القصر يعود للفترة الرومانية ما بين القرنين الثاني والثالث الميلاديين، وهو مسجل على لائحة التراث الوطني بالقرار الوزاري رقم /142/آ تاريخ21 /10 /1968م، وبقي مأهولاً حتى عام 1992 عندما تم استملاكه وبدأت أعمال الترميم فيه، وهو يقع في بلدة إنخل في منطقة الجيدور (قديماً) التابعة لمنطقة حوران في جنوب سوريا، وتبعد عن مدينة درعا حوالي 65 كم من جهة الشمال الغربي، وحوالي 60 كم إلى الجنوب من العاصمة دمشق، وهذه المنطقة على ما يبدو كانت منتعشة اقتصادياً وثقافياً وعمرانياً، لهذا تشاهد الكثير من الأبنية الأثرية الغنية بالزخارف الرائعة، وخاصةً خلال العهود الكلاسيكية (الرومانية والبيزنطية).

وذكر كيوان أن مكونات القصر سواءً الواجهة أو من الداخل مزينة بزخارف هندسية ونباتية رائعة نفذت بعناية وتناسق جميل جداً، ومن خلال الدراسات التفصيلية العديدة التي تمت وتضمنت إنشاء مخططات حسب الوضع الراهن لبناء القصر ومقارنته مع المباني الأخرى المماثلة له والمنتشرة في المنطقة، تبين أنه كان مؤلفاً من طابقين، الأول فيه قاعة كبيرة في الوسط سميت بالديوان للاستقبال، وسقفها عبارة عن جوائز حجرية جميلة (ربض) موضوعة على حجارة ناتئة مرتكزة على الجدران (ميزان) وتتجزأ إلى جزأين بواسطة قنطرة كبيرة، إضافةً إلى وجود قسمين شرقي وغربي يحتويان على عدة غرف تخديمية، وأمام المبنى تبدو آثار باحة مبلطة بالحجارة، أما الطابق العلوي فتُظهر الدراسات أنه كان يحتوي على غرف صغيرة وفي الغالب أنها للمنامة، لكن وبما أنه لا تظهر منه إلا بعض أساسات جدرانه فيصعب التوقع تقريباً بمخططه الأساسي.

ولفت أمين المتحف أنه وبعد إخلاء الشاغلين من القصر ومحيطه تكشفت أقسام جديدة تابعة له، حيث تم العثور على جناح منفصل تقريباً عن المبنى الرئيسي، غير أن الواجهة الرئيسة تتصل معه، وهو يضم عدة غرف تحتوي من الداخل على كوى جدارية لإطعام الحيوانات، وهذا يقود للاعتقاد أن هذا الجناح قد يكون الإسطبل التابع للقصر، وبذلك يكون القصر مؤلفاً من قسمين رئيسيين: قسم للسكن والإقامة وقسم آخر إسطبلاً للحيوانات أو مستودعاً للمواد التموينية.

وشهد القصر وفق ما ذكر أمين المتحف لصحيفة “الحرية” أعمال ترميم على مرحلتين للحفاظ عليه، تضمنت الأولى بناء قنطرة من الحجر البازلتي بين غرفتين ووضع ميازين أثرية تحت الربذان من الحجر البازلتي، وبناء أسقف حجرية بالطريقة الأثرية، وكذلك جدران حجرية مطابقة للحجر الأساسي في الواجهة، إضافةً لجدار تدعيمي مثلثي بعرض 2 متر من الأسفل وسماكة 80 سم، وفك وإعادة بناء سقف إحدى الغرف، وبناء جدار أثري في الطابق العلوي، أما المرحلة الثانية من ترميم القصر فتضمنت أعمال حفر وترحيل أتربة وتدعيم لسطح إحدى الغرف، وتنفيذ طينة داخلية وفواصل تمدد وعزل أسطح وفرش طبقة بحص خفان وطبقة كسر حجر بازلتي أسود وتركيب منجور معدني مع الدهان وغيرها من الأعمال.

Leave a Comment
آخر الأخبار