في الجزء الثالث.. أمين الساطي يطلّ بـ«قصص قصيرة مرعبة».. مرايا للواقع وأوهام الذات

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية – أحمد محمود الباشا:

يُعدّ فن القصة من الفنون الأدبية التي تتفاوت أساليب الكتّاب في تناولها، حيث يسعى كل كاتب إلى تقديم عمل مشوّق يرسخ في ذهن القارئ، ويترك صدىً واسعاً من خلال أسلوبه المميز، ومن بين هؤلاء الكتّاب، يبرز القاصّ أمين الساطي، الذي قدّم للقراء العديد من الأعمال القصصية الشيقة، لعلّ أبرزها سلسلة «قصص قصيرة مرعبة» التي صدر جزؤها الأول مطبوعاً، ثم تلاه الجزء الثاني بنشر إلكتروني، والآن، يُعِدُّ الساطي لإطلاق الجزء الثالث إلكترونياً تحت العنوان ذاته، بعد أن نشر قصصه على مواقع إلكترونية عدة ولاقت استحساناً كبيراً.

ونستعرض فيما يلي ملخصاً موجزاً لبعض قصص هذا الجزء:

الرغبة الأخيرة

تتناول قصة رجل مسنّ يعيش وحيداً، يجلس في حديقة السبكي يتأمل خمس بطّات تسبح في البحيرة، بينما تستوقفه نسمات العصر الباردة، تشتدّ عليه الأزمات المادية، فيحاول أن يهرب من وحدته وكآبته بالعودة إلى ذكريات الماضي، مُقارناً حاله بحال طفلين مرّا بجانبه، تتداعى الذكريات: وفاة زوجته، وهجرة ابنه الوحيد إلى ألمانيا، ينتهي به المطاف إلى القول: «عليّ أن أتحرّك الآن نحو بيتي، فأنا بحاجة إلى ساعة من المشي للوصول إليه».

ثمن الشهرة

تدور حول موظف في مديرية المواصلات لا يكترث بالواقع، منغمساً في عالم فيسبوك، حيث يقرأ الأخبار الزائفة ويشاهد الصور، تشعر زوجته بالقلق على الأحوال المادية، فيما هو مهووس بشخصيته الافتراضية، يصل به الهوس إلى حدّ تمنّي أن يلتقط صورة «سيلفي» لوجهه وهو ينزف دماً، لينشرها على صفحته ويكتب: «نبوءتي تحققت».

جلسة فنجان قهوة

بعد أن هاجر ولداه إلى كندا وطلق زوجته، يجد الرجل عزاءً في زيارة بيت أخته، تقترح عليه الأخيرة لقاء حبه الأول، سلمى، التي صارت أرملة وتعيش في بيت أخيها، أثناء الحديث، يستعيد ذكرياتهما الجميلة، ويحاول إثارة اهتمامها بالحديث عن القضية الفلسطينية (كونها من أصول فلسطينية)، بعد انتهاء الجلسة، تعتذر سلمى وتغادر، عندما ينظر إليها من النافذة، يشعر بأنها شخصٌ غريب، ثم تختفي عن نظره.

المقالة الأسبوعية

تتحدّث عن صحفي صار معاوناً لرئيس التحرير بعد 21 عاماً من العمل، يعاني ظروفاً معيشية صعبة بلا أمل في التحسين، مهمته كتابة مقال أسبوعي بعنوان «أحداث العالم في أسبوع»، يستعيد ذكريات فيلم «لمن تقرع الأجراس» للكاتب إرنست همنغواي، ويشعر بتشابه مصيره مع مصير الكاتب الذي انتحر، يفكر في الانتحار هو أيضاً، لكنه يقرر في النهاية بيع المسدس الذي ورثه عن والده، والاحتفاظ بثمنه لأجل مستقبل زوجته وابنه.

زواج على الفيسبوك:

قصة رجل يعتبر فيسبوك عالمه الخاص، يتعرّف عبره على امرأة تضع صورة لها وتعمل مديرة مدرسة، تتطور العلاقة إلى قصة حب، فيتبادلان الصور والمعلومات الحقيقية، يتقدّم الرجل لخطبتها، فيستقبله والدها الذي يُحذّره: «نحن عائلة لا تسمح لأحد أن يمسّ شرفها»، يوافق الرجل، لكن القصة تحمل في طياتها الكثير من الغموض.

هذه القصص، رغم عنوانها «مرعبة»، لا تتعلق بالخوارق فحسب، بل تُعبِّر عن رعب الحياة الواقعية والعزلة والهشاشة النفسية في مجتمعنا، إنها مرايا تعكس حالات يعيشها كثيرون بيننا، وقد نجح الساطي في صياغتها بطريقة تجعل القارئ يشعر بأنها جزء من عالمه القريب.

نتمنى للكاتب أمين الساطي المزيد من العطاء، سواء في القصص التي تعكس واقعنا بمختلف حالاته، أو تلك التي تبحر في الخيال والإثارة، حيث أبدع وأظهر براعةً لافتة.

Leave a Comment
آخر الأخبار