الحرية – سمر رقية :
يشكل إنتاج الحمضيات دعامة للإنتاج الزراعي في الساحل السوري، وتعطي نحو 60 بالمئة من مجموع إنتاج الفاكهة في سوريا، ويمتاز مزارعوها بخبرة جيدة، بعدما أصبحت زراعة تقليدية متوارثة، رغم الصعوبات التي تواجهها، وتهدد بقاءها، نتيجة السياسات التسويقية الخاطئة على مدى عقود طويلة سابقة .
واقع مرير
والمفارقة التي أفقدت المزارعين صوابهم كما أكد جميع من التقيناهم من مزارعي الحمضيات، أن الحمضيات السورية مطلوبة عالمياً، لاعتمادها على نظام الإدارة المتكاملة للآفات، وبالتالي خلوها من الأثر المتبقي إلا أن هذا لم يغفر لها بفتح قنوات تسويقية تلبي الطلب .
وهذا الموسم كان الوضع استثنائياً بسبب التغير المناخي وارتفاع درجات الحرارة، وقلة الأمطار والذي أدى لانخفاض الإنتاج، كما ساهمت الزيادات الكبيرة في أسعار المحروقات والأسمدة واليد العاملة في رفع تكاليف الإنتاج، وانخفاض هامش الربح، بل وانعدامه في بعض الحالات.
إضافة إلى عدم إنشاء معامل للعصائر في الساحل السوري التي من المفروض أن تستوعب إنتاج الحمضيات مهما كان رغم مناشدات مزارعي الحمضيات والمسؤولين المعنيين على مدى سنوات عديدة خلت، وقد وضع حجر الأساس لمعمل حمضيات في اللاذقية منذ أكثر من عقد دون المباشرة في تشييده.
سياسة إنقاذ
رئيس اتحاد الفلاحين بطرطوس المهندس رائد مصطفى أكد لـ”الحرية” أن زراعة الحمضيات هي من الزراعات الأساسية والتقليدية في الساحل السوري، وقد شكّلت لسنوات طويلة مصدر رزق رئيسي لآلاف الأسر الريفية، واليوم مع ارتفاع تكاليف الإنتاج من أسمدة ومحروقات وأيدٍ عاملة، إضافة إلى انخفاض أسعار البيع، أصبح المزارع يعاني فعلاً من عبء هذه الزراعة.
وبين مصطفى أن اتحاد الفلاحين في طرطوس يتابع هذا الملف باهتمام، ويعمل بالتنسيق مع وزارة الزراعة والمؤسسة السورية للتجارة على تنظيم عملية التسويق والتسعير بما يضمن تحقيق سعر منصف للمزارع، كما يقوم الاتحاد برفع المقترحات الدورية للحكومة لدعم مستلزمات الإنتاج وتخفيض تكلفتها، سواء عبر دعم المحروقات الزراعية أو الأسمدة أو النقل، حتى يتمكن المزارع من الاستمرار بجدوى اقتصادية مقبولة.
قنوات تسويقية
وأضاف مصطفى: يجري العمل على تفعيل قنوات تسويقية بديلة كالبيع المباشر ضمن صالات السورية للتجارة والأسواق الشعبية لتقليص دور الوسطاء الذين يضغطون على الأسعار.
وأكد مصطفى أن غياب معمل لعصير الحمضيات في الساحل السوري شكّل مشكلة حقيقية أمام المزارعين، إذ تتكدس المحاصيل ويضطر المزارع لبيعها بأسعار لا تغطي التكاليف.
إزاء ذلك نوه مصطفى بأن اتحاد الفلاحين في طرطوس لم يقف مكتوف اليدين، حيث تابع مع الجهات المعنية موضوع إنشاء معمل للعصائر كأولوية وطنية، وقد تم رفع أكثر من دراسة ومقترح بهذا الخصوص.
أما بالنسبة لهذا الموسم، فيعمل الاتحاد على تنسيق عمليات التسويق المباشر عبر الجهات العامة، ويُتابع تنفيذ اتفاقيات التصدير مع بعض الأسواق الخارجية لتخفيف الفائض المحلي.
إضافة إلى ذلك، يتم السعي لإيجاد آلية دعم عاجلة لتعويض المزارعين المتضررين أو المتعثرين بالديون من خلال المصرف الزراعي والتعاونيات الفلاحية، لضمان استمرارهم بالزراعة وعدم خسارة هذا القطاع الحيوي.