كيف نستثمر رفع العقوبات الاقتصادية لتطوير الحالة الزراعية السورية..؟!

مدة القراءة 6 دقيقة/دقائق

الحرية– مركزان الخليل:

قادمون على فتح الأسواق برحابة “صدر أو بدونه” وربما “بدأنا بالفعل” تماشياً مع التطورات السياسية والاقتصادية، التي باشرت بها سورية منذ الخطوات الأولى للتحرير، بعد واقع يحمل الكثير من القساوة، والظروف الصعبة الضاغطة على مكونات الدولة، ما شكل واقعاً صعباً، فرض الكثير من المعادلات، التي تعبر عنه، سواء الاقتصادي منها، أم الخدمي وغيرها من المكونات، التي تحمل صفات مشتركة ساهمت في تشكيلها الظروف والمعوقات الكبيرة، فرضتها سنوات الحرب والحصار الاقتصادي، اللذان مازالا مستمرين رغم حالات الانفتاح التي يسعى الجميع في “الداخل والخارج” لتسجيل حالة خروج من هذا الواقع، لواقع أفضل، لكن ذلك يحدث ببطء شديد، والخطر فيه معيشة المواطن التي مازالت مستهدفة، وذلك من خلال الاستهدافات المباشرة لمكونات، ومخرجات هذه المعيشة، لاسيما الإنتاجية منها..! وهنا نخص القطاع الإنتاجي والذي حظي بالقسم الأكبر من هذا الاستهداف، من أجل شل “الحركة بكل أبعادها” وتشكيل حالة نقص في الموارد، لإحداث شرخ كبير بين متطلبات المعيشة، وقدرة الدولة بأجهزتها على تأمين المطلوب..

وبالتالي الواقع الحالي فرض على الدولة السورية، في ظل هذا الانفتاح نحو السوق الخارجية، وضع سلم أولويات، يتضمن بناء “ترتيبة اقتصادية” يكون قوامها الأساسي الإنتاج المحلي بكل أبعاده, وإعطاء الأولوية للإنتاج الزراعي لأنه يشكل القوة الأساسية في بنية الاقتصاد الوطني..

مجرد قلق

هذا التوجه أثار الكثير من “القلق” في ظل سياسة الانفتاح، وكثير من الأسئلة حول كيفية توفير الحماية لمنتجاتنا المحلية، في ظل عملية الانفتاح المتسارعة، وإغراق السوق المحلية من منتجات مختلفة، تنافس منتجنا بالسعر والجودة، تدخل من دول الجوار وغيرها..؟
والأهم إمكانية تقديم الدعم للمنتج الزراعي وتعزيز قوة البقاء في الأسواق وتسجيل منافسة قوية من حيث الجودة والسعر..؟

لكن السؤال الذي حمل نقاطاً كثيرة من حالة الجدل بين أهل الخبرة، والاقتصاديين والمهتمين بالشأن الزراعي، يكمن في كيفية استثمار رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا لتطوير الحالة الزراعية السورية بكل جوانبها..؟!

وهنا يؤكد الخبير الاقتصادي في مجال الإنتاج الزراعي المهندس أكرم عفيف في تصريحه لـ”الحرية” وجود منتجات مختلفة ومنافسة، ويشجع تواجدها أكثر الحالة الاجتماعية الفقيرة، وضعف القوة الشرائية، الأمر الذي يدفع المستهلك للبحث عن المنتج الرخيص، مهما كانت جودته، وابتعاده عن المنتج الوطني بغض النظر عن جودته العالية وهذا مايبدو واضحاً في كل الأسواق..!

عفيف: حالة مناخية تنفرد بها سورية لإنتاج المنتجات العضوية “الشمس” والتي تحمل ميزات خاصة تُترجم من خلال تحسين نوعية المنتج وتخفيض قيمة التكاليف..

شجون مختلفة

لكن عملية دعم المنتج المحلي، حتى يحقق شروط المنافسة هذه، تحمل شجوناً كثيرة ومختلفة، معظمها ينحصر في تعزيز قوة المنتج المحلي، وتخفيف الأعباء عن المنتجين، والتي تبدأ بتخفيف الأعباء عن طريق الدعم المادي والذي يبدأ بتقسيط التكاليف، من حيث استخدام الأسمدة العضوية، وإنتاج المنتجات العضوية المميزة، التي تؤمنها الحالة المناخية، لاسيما الشمس التي تتمتع سورية بميزة خاصة فيها، وكل ذلك يترجم من خلال تحسين نوعية المنتج من جهة، وتخفيض التكاليف من جهة أخرى، إضافة إلى جوانب مهمة، منها تأمين التمويل اللازم للعملية الإنتاجية، وخاصة أن المنتج السوري يفتقد هذا المكون العام، نذكر على سبيل المثال الفلاحين في سهل الغاب، لم يستطيعوا تأمين ” بدون المازوت” من أجل أعمال السقاية، وحتى المبيدات والأدوية لمعالجة الأعشاب الضارة..

وبالتالي البحث عن أسواق خارجية تحقق تنافسية عادلة، وهذا مرتبط بسياسة دعم التصدير، التي كانت تفتقدها منتجاتنا في عهد النظام البائد، حيث إن معظم دول العالم، تدعم صادراتها، وتقدم لها المحفزات، إلا النظام البائد كان يحاربها، ويقدم كل أشكال الدعم للمستوردات، من خلال صنادق خاصة، مهمتها فقط دعم المستوردات، وهذا مخالف للفكر الاقتصادي في كل بلدان العالم، وهذا بدوره يفرض قلب المعادلة والاهتمام بمكون التصدير، وتقديم الدعم والمحفزات، لاسيما ما يتعلق بالمنتجات الزراعية بشقيها النباتي والحيواني..

سياسة معكوسة

ويرى عفيف أن ما حدث في سوريا سابقاً، من سياسات الحكومات المتعاقبة، كان خلافاً لما يحصل في العالم، فالسياسة المعتمدة لصالح المستوردين، مع ممارسة الضغوط على المنتجين المحليين بوسائل مختلفة، “لقتل روح المبادرة” لديهم وخروجهم من ميدان الإنتاج، وخلو الساحة للمستوردين والمدعومين أصلاً من قبل أهل السلطة والفاسدين في كل المواقع، التي تشجع ظاهرة الاستيراد، ولو على حساب المنتجات الوطنية، الأمر الذي يعكس حالة سلبية مدمرة للمزارع، نذكر على سبيل المثال” كيس السماد يشتريه المزارع من المصرف الزراعي بـ450 ألف ليرة” ما يدل على مسؤول شريك في الربح، وما يؤكد ذلك ثمنه بالقطاع الخاص أقل من 250 ألف ليرة، مع هامش ربح كبير للقطاع الخاص، والمنافس له سعره مرتفع، لهذا السبب يبقى هامش الربح كبيراً، أيضاً لدى الخاص، على حساب المزارع وسعر السلعة المحلية وتكاليفها المرتفعة.

لكن كل ذلك سيزول مع التوجهات الجديدة، وسياسة الانفتاح المعقولة والمنضوية، وفق القوانين المرعية، والإجراءات التي تحمي سوقنا المحلية ومنتجاتها..

عفيف: سورية تمتلك 3300 نوع من النباتات العطرية والطبية، تؤمن 36 مليون فرصة عمل، من خلال الزراعات التعاقدية وانفتاح الحكومة نحو الاستثمار الخارجي..

حل بديل ومجدٍ

وهنا يطرح “عفيف” حلاً جديداً باتجاه الزراعات التعاقدية، المرتبطة باحتياجات السوق الخارجية، وفق عقود مدروسة تحقق مصلحة الجميع، مع إمكانية تفعيل ذلك بصورة مباشرة، وخاصة بعد رفع العقوبات الاقتصادية، لاسيما الزراعات النباتية العطرية والطبية، فعلى سبيل المثال سورية تمتلك على أكثر من 3300 نوع، وبالتالي كل نوع من هذه النباتات، “شغل” ما بين تجهيز الأرض، وزراعة المحصول وقطافه، واستخراج المادة الفعالة، ووضعها في منتج طبي وتجميلي ودوائي وعطري، وتصديرها إلى السوق الداخلية والخارجية، أكثر من عشرة آلاف فرصة عمل، وبالتالي بحساب الرقم السابق، وفق مؤشر التشغيل فإن عدد فرص العمل التي يوفرها نظام التعاقد تفوق 36 مليون فرصة عمل، وهذا بالتأكيد سيؤدي إلى ازدهار القطاع الزراعي، وخاصة أن الحكومة الجديدة منفتحة على الأفكار الجديدة، والاستثمار وغير ذلك من خطوات.

Leave a Comment
آخر الأخبار