الحرية- محمد فرحة:
أطلقت نقابة الأطباء البيطريين / فرع حماة/ بالتعاون مع فرع النقابة بحمص حملة من المتطوعين مكونة من أطباء بيطريين إلى مناطق الحرائق في جبال الساحل، انطلقت الدفعة الأولى منها يوم أمس الأول، وذلك بهدف إنقاذ الحيوانات المتضررة جراء الحرائق وتقديم الرعاية البيطرية لها.
خطوة جيدة لكن السؤال الكبير الذي يطرح نفسه في هذا السياق مؤداه، هل هذه الحيوانات منتظرة هذه الرعاية؟ وهل هي ثابتة في مكانها وبكل سهولة يمكن تقديم الخدمات الطبية لها؟
ومن المعروف أن النار لا تترك وراءها كائناً حيّاً مرَّت عليه فتحوله إلى رماد، إلاَّ إذا كان رجال الإطفاء وعناصر الدفاع المدني قد أمسكوا هذه الكائنات ووضعوها في حظائر خاصة بها بانتظار من يعالجها، وكلنا شاهد أسراب هذه الحيوانات عبر مقاطع فيديو وهي تلوذ بالفرار جماعة وفرادى.
فعن أي خدمات طبية بيطرية وأي معالجة ستقدم؟ خطوة تثير تساؤلات حقيقية، وكيف انطلت على فروع النقابة والحمد لله لم تكن فخاً، فالصور التي تتناقلها مواقع التواصل الاجتماعي، لهذه الحيوانات تظهر طريقتين فقط، واحدة توضح وتبيّن كيف تهرب، والثانية كيف احترقت ونفقت، ولم يقدم لنا أحد بعضاً منها بأنها بحوزته أو موضوعة بحظيرة تنتظر من يعالجها.
لا شك بأن خطوة نقابة الأطباء البيطريين فرع حماة تستحق التقدير فيما لو تم العثور على عدد من الحيوانات منها، فهذه الكائنات الحية دوماً ما كانت بين نارين، إما نار بنادق الصيادين وإما نار الحرائق.
ومن نافل القول أشير هنا إلى أنه في أواخر التسعينيات ومطلع الألفية الثانية قد عثرت طبيباً بيطرياً وهو في طريقه من حماة إلى الساحل عبر طريق الغابات الواقعة ما بين سهل الغاب غرباً وبين غابات السلسلة الجبلية الساحلية على غزال أسمر وهو من النوع النادر، وقد تعرض لطلق ناري من بنادق الصيادين، فأحضره ذلك الطبيب إلى كلية الطب البيطري في حماة / مشروع حماية الحيوان “اسبانا”، وقاموا بمعالجته حتى شفي تماماً فحملوه إلى المكان الذي عثر عليه، وتم إطلاق سراحه ففر هارباً..
فلماذا يرى البعض أن قتل هذه الحيوانات والطيور هواية ومتعة، رغم أنها تسهم إلى حدٍ كبير في إيجاد التوازن البيئي، بل الكثير منها مفيد..
فإن بقي الإنسان معادياً لمكونات الطبيعة الحية سواء أكانت حيوانات أم غابات وحراج، فهنا ستنتهي بنا الأمور إلى الخراب والمهانة.
الخلاصة: نتمنى من نقابة الأطباء البيطريبن ودعاة البيئة أن يعمّموا ثقافة الاهتمام بالواقع البيئي والتركيز على الكائنات الحية بمختلف أنواعها وصنوفها، لا تدميرها، ففي دول العالم المتحضر محميات خاصة بالحيوانات لا للفرجة بل لأهمية جعلها فعالة في عملية التوازن البيئي، كما في محمية ماساي مارا في كينا.
رئيس فرع نقابة الأطباء البيطريين في حماة الدكتور جابر الخالد أوضح وفي اتصال هاتفي أجرته معه صحيفتنا “الحرية” أدق التفاصيل، حيث قال: القصة بدأت بخبر يفيد بأن هناك مجموعة من الحيوانات قد تعرضت للأضرار، وأنها موجودة ويمكن معالجتها، وتم تشكيل فريق طبي مكوَّن من مجموعة أطباء من فرع حمص ومن فرع أطباء حماة، والتقينا هناك بمجموعة أطباء بيطريين من فرع حلب ..
وأردف يقول: لكن كانت المفاجأة بأنه لم نعثر على شيء إطلاقاً، رغم أنني بحثت طويلاً وطويلاً في الغابات هناك لعليِّ أجد شيئاً، فلم أجد، حتى إنني قد تعرضت لطلق ناري من حولي وكنت في حالة مخيفة جداً .. بعد أن قطعت مسافات طويلة سيراً على الأقدام وسط الركام والرماد ..
وفي كل الأحوال نقدر عالياً خطوة نقابة الأطباء البيطريين هذه، لكن كان ممكناً منذ البداية أن يدركوا بأن القضية لا تتعدى ذلك، فلا أحد استطاع أو يستطيع الإمساك بالحيوانات التي تأذت جراء الحريق وأنه يمكن أن يقدم لها العلاج، فكل الاعتقاد هذا من الخيال.