الحرية– آلاء هشام عقدة:
في زمن تتزاحم فيه المهن بحثاً عن لقمة العيش، يختار بعض الشباب طريق الشغف، لا باعتباره ترفاً، بل مشروع حياة يبنى بالإصرار والإبداع. مؤيد حميدة، شاب من ريف جبلة، واحد من هؤلاء الذين آمنوا بأن الموهبة حين تمنح الفرصة تتحول إلى قصة نجاح، حتى وإن انطلقت بإمكانات متواضعة وأدوات بدائية.. مؤيد حميدة، خريج كلية الاقتصاد – قسم إدارة المشاريع، يعمل في مهنة دهان وعزل أسطح المنازل، إلّا أن قلبه كان دائماً مع الخشب، تلك المادة التي وجد فيها مساحة للتعبير الفني وامتداداً لروح الطبيعة.
في حديثه لـ”الحرية” يقول: إن شغفه بالخشب بدأ كهواية بسيطة، من خلال جمع القطع الخشبية وصناعة تصاميم يدوية متنوعة، قبل أن تتحول هذه الهواية تدريجياً إلى حرفة حقيقية، بدعم وتشجيع كبيرين من زوجته. وأضاف: أعمل اليوم على تنفيذ لوحات وديكورات خشبية بتصاميم متنوعة ومتعددة، تمتاز بالجمالية العالية والدقة في التفاصيل، حيث أحاول أن أمنح كل قطعة طابعاً خاصاً يدمج بين البساطة والأناقة، وأبرز جمال الخشب الطبيعي دون تكلف.
وأكد أن كل عمل ينجزه يحمل بصمته الشخصية، سواء كان لوحة حائطية، أو قطعة ديكور منزلية، أو تصميماً خاصاً حسب طلب الزبون.
ولفت مؤيد إلى أنّ مشروعه لم يبدأ كعمل تجاري، بل كان شغفاً شخصياً، إلى أن قرر توثيق أعماله بالصور ونشرها على إحدى المجموعات عبر الإنترنت تحت اسم “موهبتي”، هناك كانت نقطة التحول، تفاعل واسع، تعليقات مشجعة، وإعجاب لافت من المتابعين، تبعه تواصل مباشر عبر الماسنجر والواتس أب لطلب تنفيذ تصاميم خاصة، ولم يمضِ وقت طويل حتى أصبح العمل التزاماً فعلياً، مع شحن المنتجات إلى مختلف المحافظات.وحول التحديات، أشار مؤيد إلى أن بدايته كانت من الصفر تماماً، دون امتلاك عدة نجارة خاصة في المنزل، إذ اعتمد في البداية على أدوات بسيطة جداً، ومع الوقت حاول تأمين ما يحتاجه من معدات، إلّا أن ارتفاع أسعار الأدوات والآلات اللازمة شكل عائقاً حقيقياً أمام تطوير عمله وتوسيع إنتاجه بالشكل الذي يطمح إليه.أما عن التسويق، فأوضح أن اعتماده الأساسي ينحصر في الإنترنت وطلبات الزبائن المباشرة، نظراً لارتفاع سعر الخشب وعدم قدرته على تنفيذ قطع مسبقاً وعرضها للبيع دون طلب مضمون، مبيناً أن الصعوبة الأكبر التي يواجهها حتى اليوم هي نقص المعدات، رغم توافر الطلب والرغبة الجدية بالعمل والتطوير.
ورغم الجهد الكبير الذي تتطلبه هذه الحرفة، يصفها مؤيد بأنها عالم خاص من الذوق والفن والدقة والإحساس، قائلاً: العمل مع الخشب عالم ثانٍ، لأن فيه روح الطبيعة، عبارة تختصر علاقته بهذه المادة التي لم تعد مجرد خامة عمل، بل شريك يومي في الإبداع..قصة مؤيد حميدة تشكل نموذجاً حياً لشباب سوريين حولوا الشغف إلى فرصة، متحدين قلة الإمكانات وغلاء الأدوات، معتمدين على الإرادة والابتكار. وبين تعب المهنة وجمالها، يواصل مؤيد نحت طريقه بثبات، مؤمناً بأن الخشب ليس مادة صماء، بل روح تصاغ بالصبر والفن.