ليس فقط أداة تنموية.. استثمار الكفاءات والخبرات البشرية المحرك الأعمق لأي نهضة اقتصادية مستدامة

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية– سامي عيسى:

لاشك أن الاستثمار في العقل البشري ومنتجاته هو أرقى أنواع الاستثمار، ومنه وإليه تعود سلسلة الابتكارات والاختراعات، التي تم تسخيرها لخدمة البشرية، تلبية لحاجاتها المتنوعة، ونركز هنا على الحالة الاقتصادية والاجتماعية، لتحقيق متطلباتها الحياتية، وبناء قواعد تنموية تكون الأساس في تحقيق تنمية مستدامة، يستفيد منها الجميع، مواطن وحكومة، وفعاليات اقتصادية خاصة وغيرها.

يوسف: وزارة التنمية تتحمل مسؤولية استثمار العنصر البشري لتحقيق عمل نوعي يستفيد من مخرجات العقل البشري لتطوير الحالة الاجتماعية والاقتصادية

لكن كيف يكون شكل هذا الاستثمار، وبالتالي كيفية الاستثمار في العنصر البشري وخبراته وكفاءاته لتطوير الحالة الاقتصادية العامة في سوريا، الخبير الاقتصادي الدكتور مظهر يوسف خلال حديثه “للحرية” قدم إحاطة أكد فيها أنه من المعروف أن العنصر البشري هو جوهر التحول الحقيقي الذي تحتاجه سورية حالياً، لأن الاستثمار في العنصر البشري ليس فقط أداة تنموية، بل هو المحرك الأعمق لأي نهضة اقتصادية مستدامة.

معاناة إدارية

وهذا بدوره يفرض سؤالاً ملحاً على أرض الواقع، يتعلق بالوسائل الواجب استخدامها لتطوير هذا الجانب وانعكاسها بصورة مباشرةً على أداء الإدارة من الناحية الإدارية والاقتصادية في سورية، وخاصة أن هناك تراجعاً ومعاناة كبيرة في هذا المجال، وهنا يرى الباحث الاقتصادي “يوسف” في هذا المجال مسؤولية كبيرة تقع على عاتق وزارة التنمية الإدارية، يتطلب منها استنفار كافة كوادرها وإمكانياتها من خلال التركيز على مجموعة قضايا وإجراءات تستطيع من خلالها تحقيق عمل نوعي على صعيد الاستثمار المعقول في مخرجات العقل البشري، وفي مقدمة هذه الاجراءات:

التعليم وسوق العمل

التعليم والتدريب المهني من خلال إصلاح المناهج التعليمية وربطها بسوق العمل، خصوصاً في مجالات التكنولوجيا، إضافة إلى برامج تدريب مهني مرنة تُعاد هيكلتها لتأهيل الشباب في الصناعات الناشئة (كالزراعة الذكية، التصنيع المحلي، تقنيات البرمجيات).

يوسف: إنشاء حاضنات أعمال محلية تُحتضن فيها أفكار الشباب لإعادة بناء الاقتصاد من القاعدة.. وهذا يحتاج إصلاح بيئة العمل الإداري في القطاع العام وتعزيز مفاهيم الشفافية والمسؤولية داخل المؤسسات

إلى جانب خطوات لا تقل أهمية عما سبق تتعلق بإنشاء حاضنات أعمال محلية تُحتضن فيها أفكار من الشباب لإعادة بناء الاقتصاد من القاعدة، وهذا بدوره يتطلب إصلاح بيئة العمل الإداري في القطاع العام، من خلال تعزيز مفاهيم الشفافية والمسؤولية داخل المؤسسات، وإدخال أدوات إدارة إلكترونية حكومية تقلل من البيروقراطية وتزيد من إنتاجية العنصر البشري، أيضاً إصلاح الرواتب بحيث تكون كافية للعيش الكريم وحافزاً لتطوير الفرد لمهاراته وكفاءاته، وما الزيادة الأخيرة إلا خطوة مهمة في هذا الاتجاه، وترجمة فعلية لما تريده الحكومة على صعيد الاقتصاد وتحسين مستوى معيشة الناس.
وبالتالي كل ذلك سينعكس على رفع الكفاءة المؤسسية، واستعادة الثقة بالوظيفة العامة، كما أن وجود بنية بشرية مؤهلة، هو حافز قوي لجذب رأس المال وتشجيع الاستثمار الداخلي والخارجي.

إعادة توزيع المسؤوليات

ولتحقيق ذلك لابد من توافر آليات للتنفيذ ووسائل مساعدة، لإعادة توزيع المسؤوليات وتكامل الأدوار الوظيفية، لضمان توافق العمل مع هوية المرحلة الجديدة، والتي يرى فيها الباحث الاقتصادي “يوسف” ضرورة العمل على إعادة هيكلة المؤسسات من جديد، وفق رؤية تنموية تناسب المرحلة الجديدة، بحيث تتضمن التقليل من تداخل المهام، وتحديد الوصف الوظيفي بوضوح، وتشكيل فرق عمل متعددة التخصصات في كل قطاع، وغير ذلك من إجراءات نستطيع من خلالها تحقيق نتائج أفضل، وتساهم في استثمار فعلي للإمكانات البشرية، ومخرجات العقل البشري، للمساهمة في عملية التنمية المستدامة، وبكافة مجالاتها الاقتصادية والخدمية، وحتى الاجتماعية والعلمية، خاصة أن العقل السوري مرن وقادر على التأقلم مع كافة التطورات، والمستجدات العلمية، وتسخيرها لمحاكاة الواقع بكل مفرداته.

 

Leave a Comment
آخر الأخبار