مؤسسة الأسرة السورية للتنمية والتطوير تضع التعافي من العنف في قلب النقاش

مدة القراءة 5 دقيقة/دقائق

الحرية- حسيبة صالح:

يفعل الحوار حين يفتح نافذةً على الأمل، ويفعل الوعي حين يضيء العتمة التي خلفها العنف في النفوس والمجتمعات.

بهذا الفعل بدأت مؤسسة الأسرة السورية للتنمية والتطوير بالتعاون مع جمعية الإسعاف الخيري/ دار السعادة لكبار القدر، ورشتها الحوارية يوم السبت 22 تشرين الثاني في صالة دار السعادة بالمزة، لتضع قضية التعافي من العنف في قلب النقاش المجتمعي، وتجمع الأصوات من مختلف الاختصاصات لتقول إن مواجهة العنف ليست شعاراً، بل مسؤولية جماعية تبدأ من الفرد وتمتد إلى المجتمع والدولة.

في بداية الندوة رحبت رئيس مجلس امناء المؤسسة ريما العمري  بالحضور و شكرتهم على الاهتمام بالمشاركة بهذا الموضوع المجتمعي المهم، وأكدت على أهمية مناهضة العنف  والتعافي منه بكل المجالات.

ثم افتتحت الدكتورة شذى نصار المحور الأول بفيلم قصير جسّد أشكال العنف، لتؤكد أن هذه الظاهرة ليست وليدة العصر، بل ممتدة منذ وأد البنات، وصولاً إلى زواج القاصرات والعنف الاقتصادي والرقمي.

نصار شددت على أن تمكين المرأة نفسياً وعلمياً وعملياً هو الطريق إلى التعافي.

فيما رأت فريال خزنة كاتبي أن إشراك المرأة في السياسة والاقتصاد يعزز حضورها ويكسر دائرة العنف.

من جهتها الدكتورة هالة شاهين دعت إلى التمكين منذ الطفولة المبكرة، عبر تعريف الأطفال بحقوقهم وقوانين تحميهم.

الدين ضد العنف: الرحمة أساس النصوص

في محور الدين، تحدثت الدكتورة ماريا الخاني مؤكدة أن القرآن الكريم نزل لإسعاد البشر، وأن تكرار “بسم الله الرحمن الرحيم” هو دعوة دائمة للرحمة.

وأشارت إلى أن المشكلة ليست في النصوص بل في التفسير الذي قد يقود نحو التطرف أو التشدد.

وفي نفس السياق شدد الأب هاني شقير على ضرورة العودة إلى الله لفهم الحقيقة، مؤكداً أن الدين في جوهره دعوة إلى الخير والرحمة.

العنف ضد الأطفال: الطفولة في مواجهة التنمر

الدكتورة غنى نجاتي أوضحت أن الأطفال أكثر الفئات تعرضاً للعنف، سواء جسدياً أو نفسياً أو عبر التنمر الإلكتروني.

أما مايسة الدقر فقد ركزت على خطورة زواج القاصرات ودور التعليم والإعلام في الحد منه.

وعرض المحامي محمد خير سريول تجربة دوما حيث انخفضت نسبة زواج القاصرات من 90% عام 2018 إلى 10% بفضل جلسات التوعية.

من جانبه أعاد الدكتور أحمد غازي التذكير بدور الأم في التربية على المساواة والمحبة، فالأسرة هي النواة الأولى للإصلاح.

الدراما والإعلام: بين الحقيقة والتزييف

ديانا جبور تناولت دور الدراما في تشكيل الوعي، محذرة من أن بعض الأعمال تنقل رسائل مشوهة تخدم أجندات سياسية واقتصادية.

واقترحت إيجاد مشروع تنويري حداثي تتبناه مؤسسات الإعلام ليكون أداةً لمناهضة العنف ونشر قيم المساواة.

العنف ضد كبار السن: كرامة لا تُهمّش

فريال خزنة كاتبي تحدثت عن ضرورة الاهتمام بكبار السن عبر:

• التأمين الصحي والمعاش التقاعدي.

• توفير مساكن آمنة لمن لا عائل لهم.

• تخصيص مرشدين نفسيين لزيارتهم وإعادة دمجهم في المجتمع.

العنف ضد ذوي الإعاقة: صوت يحتاج إلى إنصات

رنا الزيبق شددت على غياب الدراسات الكافية حول العنف ضد ذوي الإعاقة، خاصة أصحاب الإعاقات الذهنية الذين يعجزون عن التعبير.

وطالبت بـ:

• نشر الوعي حول قضاياهم.

• تعميق الدمج المجتمعي.

• توفير حماية قانونية ومجتمعية تليق بكرامتهم.

كل إنسان رسول حب وخير

أحمد الطبل اختصر الرسالة قائلاً: “لن يتعافى المجتمع من العنف ما لم يبدأ كل فرد بنفسه، فكل إنسان رسول حب وخير.”

وفي ختام الورشة، قدمت ريما العمري باسم مؤسسة الأسرة السورية للتنمية والتطوير درع شكر وتقدير للدكتورة شذى نصار، مؤكدة أن مواجهة العنف لا تقتصر على ثقافة أو دين، بل هي معركة ضد قيم مغلوطة وقوانين تحتاج إلى إصلاح، في ظل ظروف اقتصادية صعبة

هذه الورشة لم تكن مجرد نقاش، بل كانت صرخة جماعية تقول إن العنف ليس قدراً، وإن التعافي منه يبدأ من التربية، من القانون، من الإعلام، ومن كل فرد يقرر أن يكون رسول رحمة لا رسول قسوة.

إنها دعوة إلى أن نعيد بناء مجتمعنا على أساس المساواة والرحمة، وأن نمنح لكل إنسان الحق في أن يعيش بكرامة، بعيداً عن أي شكل من أشكال العنف.

Leave a Comment
آخر الأخبار