الحرّية- هبا علي أحمد:
لا يُعدّ الحضور السوري في منتدى مستقبل الاستثمار ومشاركة الرئيس أحمد الشرع مجرد حضور رمزي، بل إشارة سياسية واقتصادية تُخفض من طابع العزلة وتفتح قنوات للحوار مع مستثمرين ومؤسسات مالية وخبرات إدارية إقليمية ودولية.
الحضور السوري رفيع المستوى في منتدى الاستثمار يُخفض جزءاً من المخاطر السياسية في تقييم المستثمرين
وهذه الديناميكية تتيح فرصة استثنائية لتحويل احتياجات إعادة الإعمار والتنمية إلى مشاريع قابلة للاستثمار، من هنا فإن المنتدى والمشاركة السورية يمثلان نقطة تحول في مؤشر الانفتاح الاقتصادي السوري نحو الفضاء الإقليمي والدولي.
دلالات اقتصادية وسياسية
ويرى الخبير الاقتصادي والمصرفي الدكتور إبراهيم نافع قوشجي، أن الحضور السوري رفيع المستوى في الملتقى يُخفض جزءاً من المخاطر السياسية في تقييم المستثمرين ويجعل التكلفة الرأسمالية لبعض الصفقات أكثر قبولاً ، وأضاف الخبير في تصريح لـ “الحرّية”: المشاركات واللقاءات الثنائية، اقتصادياً تهيئ الأرضية لتفعيل شراكات تمويلية وتقنية في قطاعات أساسية، أما على المستوى السياسي، فالانخراط في منتدى إقليمي يوسع قائمة الشركاء ويمنح دمشق مجالاً للتفاوض بعيداً عن تبعيات أحادية.

الفرص القطاعية للمستثمرين
وفي حديث الاستثمار والفرص القطاعية للمستثمرين، فإن الطلب الهائل على مشاريع البنية التحتية يجعل قطاع الإنشاءات والإسكان هدفاً جوهرياً للمستثمرين المهتمين بعوائد متوسطة إلى طويلة الأجل، كما إن قطاع الطاقة والتحوّل نحو مصادر متجددة يقدم فرصاً لتمويل مشاريع شبكات وتوليد طاقة، وفقاً للدكتور قوشجي، مع إمكانية مشاركة تقنيات وخبرات خارجية، كذلك توفر الزراعة وتصنيع الأغذية فرصاً استثمارية ذات أثر اجتماعي مباشر وقيمة مضافة سريعة.
تهيئ الأرضية لتفعيل شراكات تمويلية وتقنية ويوسع قائمة الشركاء ويمنح دمشق مجالاً للتفاوض بعيداً عن تبعيات أحادية
قيود ومخاطر يجب معالجتها
ومن الطبيعي أن يبحث المستثمر عن عوامل الأمن والاستقرار وتوفر البيئة للاستثمار، فالمستثمرون سيقيسون درجة حماية الملكية، قابلية تحويل الأرباح، واستقرار الإطار القانوني والضريبي قبل الالتزام برأس المال.
وأوضح الدكتور قوشجي أن غياب معايير شفافة للحوكمة والإفصاح سيزيد من علاوة المخاطرة ويدفع بعض الصناديق لتأجيل قراراتها، من هنا، فالتعاطي مع هذه القيود يتطلب حزمة تدابير تنظيمية وقانونية واضحة لضمان قابلية العقود والتنفيذ.
توصيات استراتيجية
ولجذب استثمارات مستدامة التي تحتاجها سوريا، يقترح الدكتور قوشجي جملة من التوصيات الاستراتيجية:
•خريطة مشاريع قابلة للتنفيذ: إعداد محفظة مشاريع جاهزة مع دراسات جدوى معتمدة وجداول زمنية تنفيذية.
•حوافز وضمانات مؤقتة: تقديم حزم ضريبية وتحفيزات مالية وضمانات جزئية للتعويض عن مخاطر الدخول المبكر.
•آليات شراكة معيارية: اعتماد نماذج عقود شراكة عامة خاصة موحدة مع متطلبات حوكمة وإفصاح.
•منصة تسويق واستقطاب مستثمرين: مكتب مركزي لإدارة علاقات المستثمرين والمتابعة بعد توقيع العقود.
•توافق مع معايير التمويل الدولي: تهيئة بيئة متوافقة مع المعايير المصرفية الدولية لتسهيل اندماج الصناديق الإقليمية والدولية.
بالمحصلة، فإن ملتقى الرياض وفرصة الانفتاح تتطلبان ترجمة الإشارات السياسية إلى مشاريع ملموسة وآليات حماية واضحة للمستثمرين، إلى جانب تنفيذ حزمة متوازنة تجمع بين الحوافز والضمانات والشفافية، الأمر الذي سيزيد من فرص استقطاب رؤوس الأموال اللازمة لمرحلة إعادة الإعمار والتنمية المستدامة.