مشاركة سوريا في “مبادرة الاستثمار” انتقال من مرحلة الصراع إلى الانفتاح وإعادة الإعمار

مدة القراءة 6 دقيقة/دقائق

الحريّة – ميليا اسبر:

أوضح الباحث بالشأن الاقتصادي إيهاب اسمندر في تصريح لصحيفة “الحريّة” أن تقييم المشاركة السورية بمبادرة (مستقبل الاستثمار) تتجاوز الحدث الدبلوماسي نفسه، ويمكن تحليلها من خلال أبعاد مترابطة (وضع سوريا من ناحية، ثقل المبادرة بحد ذاتها، شعار المبادرة، رؤية السعودية 2030).

خطوة لإعادة بناء الجسور

وبيّن اسمندر أنه فيما يتعلق بحالة سوريا، لابدّ أن المبادرة سيكون لها تأثير من خلال:
-إعادة دمج سوريا في المحيط العربي، فدعوة سوريا ومستوى تمثيلها يمثل تحولاً محورياً في مسارها من العزلة نحو إعادة الإندماج في المحيط الجيوسياسي العربي، أي أن الجهد المبذول في المبادرة ومشاركة سوريا فيها، هو خطوة لإعادة “بناء الجسور” والاعتراف بأن المستقبل المشترك يتطلب تجاوز سنوات القطيعة، مؤكداً أن تمثيل سوريا من خلال السيد رئيس الجمهورية مع قادة أكثر من 20 دولة هو إشارة على عودة دمشق إلى الساحة الدولية من بوابة الاقتصاد والاستثمار، إضافة إلى إحياء الاقتصاد من الدمار إلى إعادة الإعمار والشراكة، فمشاركة سوريا هي انتقال “من مرحلة الصراع إلى الانفتاح وإعادة الإعمار”، لأن (مبادرة مستقبل الاستثمار) ليست مجرد مؤتمر، بل هي منصة عالمية تربط رأس المال بالأفكار الابتكارية والاتجاهات العالمية الكبرى، وأن الهدف بالنسبة لسوريا الهدف هو جذب الشراكات الاستراتيجية، منوهاً إلى أن الأثر الاقتصادي الإيجابي المباشر على سوريا سيكون مرتبط إلى حد كبير بقدرة الحكومة السورية على جذب الاستثمارات في قطاعات حيوية مثل البنية التحتية والطاقة والتكنولوجيا والصناعات المستدامة، وهي أساسية لبناء “سوريا جديدة”.

استقرار إقليمي

ويرى اسمندر أن “مبادرة الاستثمار” ستؤدي إلى الاستقرار الإقليمي، فالسعودية دولة كبيرة وتشكل ركناً للأمن في المنطقة من خلال نجاحها بالبقاء كواحة أمان في محيط مضطرب، وهذا يعطيها فرصة لتلعب دوراً أكبر في إعادة الاستقرار لدول المنطقة، وإدارة الأزمات المعقدة فيها، وتهيئة بيئة ملائمة للتنمية الاقتصادية، وبالتأكيد يمكن للسعودية، المساهمة باستعادة سوريا إلى الفضاء العربي، ولو عبر بوابة الاقتصاد، فالأدوات الاقتصادية تستخدم لتحقيق أهداف استراتيجية، مشيراً إلى أن مبادرة السعودية لإدماج سوريا عبر منصة الاستثمار هي تطبيق عملي لهذا النهج، فهي تستخدم منصة الاستثمار الاقتصادي كوسيلة لمعالجة صراع طويل الأمد بهدف خلق الاستقرار من خلال المصالح الاقتصادية والتنمية المشتركة، حيث إنه في حال التوصل لصفقات كبيرة لتشكيل شراكات اقتصادية يكون لها تأثير ملموس على مجمل الوضع السوري.

سوريا أمام فرصة كبيرة

يقول اسمندر إذا نظرنا إلى أهمية المشاركة السورية من خلال مستوى المبادرة نفسها، فسنصل إلى قناعة بأن سوريا أمام فرصة كبيرة، لأن عدد المشاركين أكثر من 8000 مشارك، وسيتحدث منهم أكثر من 600 شخص وسيحضر أكثر من 40 وزيراً، وستتمثل 20 دولة من خلال رؤسائها، وبلغت صفقات الاستثمار الفعلية العام الماضي ما يزيد على 60 مليار دولار، إذاً المبادرة حدث كبير ومن دواعي التفاؤل أن تكون سوريا مدعوة إليها.

اسمندر: المشاركة خطوة لإعادة “بناء الجسور” والاعتراف بأن المستقبل المشترك يتطلب تجاوز سنوات القطيعة

أما فيما يتعلق بشعار المبادرة (إطلاق العنان للازدهار) الذي يعني أن الأفق مفتوح أمام الإنجازات المبنية على المبادرة، وهنا لا بد من إطلاق العنان لإصلاح الاقتصاد السوري ومؤسساته وتشريعاته، ليتحقق فيه عامل الاستقطاب المناسب للوصول إلى حد الازدهار الذي تمهد له مبادرة مستقبل الاستثمار..

خطة تحول شاملة

وأضاف اسمندر: إذا تطرقنا للمبادرة من خلال رؤية السعودية 2030، فهذا يعمق تحليلنا، لأن الرؤية المذكورة هي خطة تحول شاملة تتجاوز الجانب الاقتصادي لتصبح أداة رئيسية للسياسة الخارجية والتأثير الإقليمي، ونقل الاقتصاد السعودي من اقتصاد الريع إلى اقتصاد المعرفة لخلق فائض مالي واستثماري يمكن توجيهه لدعم الاستقرار في مناطق أخرى من سوريا، وهذا يقتضي تعزيز الأمن الإقليمي كشرط أساسي لازدهار الاستثمارات السعودية، ومبادرة (مستقبل الاستثمار) وفق الصيغة المطروحة هي الذراع الاستثماري للرؤية، وهي منصة لجذب واستثمار رأس المال في المشاريع عالية التقنية والمربحة.

تحويل التحدي إلى فرصة

مشاركة سوريا هي دعوة لـ”تحويل التحدي إلى فرصة”حيث يمكن لرأس المال السعودي والتقنيات العالمية أن تلعب دوراً في إعادة إعمار سوق كبيرة ومتعطشة للخدمات والبنية التحتية حسب ما قاله اسمندر، لافتاً أنه يمكن للاستثمارات الأجنبية أن تجد فرصاً كثيرة داخل سوريا (إعادة تأهيل البنية التحتية المدمرة في البلد من طرقات وجسور ومطارات و قطاع الطاقة المتجددة الشمسية والريحية حيث إن السعودية تعتبر قطاع الطاقة المتجددة جزءاً من “رؤية 2030″، أيضاً قطاع الاتصالات والتكنولوجيا نشر شبكات الجيل الخامس ( 60% من الشعب السوري تحت 25 سنة وهذه الفئة تنسجم مع تطوير الاتصالات)، كذلك القطاع الزراعي والري الحديث كان يشكل حوالي 20% من الناتج المحلي الإجمالي قبل الأزمة، مبيناً أن السعودية في رؤيتها تريد ضمان الأمن الغذائي في المنطقة، إضافة إلى قطاع الفوسفات، حيث تمتلك سوريا احتياطيات كبيرة يمكن أن توفر مدخلات للصناعات السعودية والعالمية) وغير ذلك من قطاعات يمكن الاستثمار فيها في سوريا .
وذكر اسمندر أن استفادة سوريا من مبادرة (مستقبل الاستثمار) قد تواجهها تحديات وعوائق مثل (الوضع الأمني الذي لم يستقر حتى الآن -العقوبات الدولية- صعوبات تحويل الأموال من وإلى سوريا- البنية التشريعية وتشريعات تحفيز وحماية المستثمرين- فجوة التمويل) أي إن المطلوب لتصبح سوريا بلداً مواتياً للاستفادة المثلى من مبادرة (مستقبل الإستثمار) كثير جداً، ويعتمد على جهود داخلية وتعاون مع دول مهتمة كالسعودية وغيرها.

Leave a Comment
آخر الأخبار