من الإعمار إلى الابتكار.. سوريا تفتح أبوابها للاستثمار العالمي.. وخبير: نقطة تحول استراتيجية

مدة القراءة 5 دقيقة/دقائق

الحرية– لوريس عمران:

بدعوة رسمية للمشاركة في النسخة التاسعة من مبادرة مستقبل الاستثمار (FII) المقرر عقدها في الرياض عام 2025، تدخل سوريا مرحلة جديدة من الانفتاح الاقتصادي والتعاون الإقليمي.
حيث تُعد هذه المشاركة محطة مفصلية في مسار إعادة بناء الاقتصاد السوري، وتمثل تحولاً جوهرياً في موقع سوريا السياسي والاقتصادي على المستويين الإقليمي والدولي.

الدكتور علي ميا، الأستاذ الجامعي والخبير الاقتصادي في جامعة اللاذقية، في حديث لصحيفة «الحرية» يقدم قراءة تحليلية معمقة لهذه المشاركة وما تحمله من دلالات سياسية واقتصادية.

سوريا تتحول إلى شريك إقليمي في التنمية

أكد الدكتور ميا أن مشاركة سوريا في مبادرة مستقبل الاستثمار 2025 تأتي ضمن سياق تحول استراتيجي مهم، حيث تنتقل من كونها دولة خارجة من صراع طويل إلى دولة تعيد اندماجها في مسار التنمية والاستثمار الإقليمي، وأشار إلى أن هذه الزيارة تمثل خطوة نوعية كبيرة نحو تعزيز التعاون بين سوريا والمملكة العربية السعودية، فضلاً عن استعادة سوريا لدورها الإقليمي كعنصر فاعل في دعم الاستقرار الاقتصادي بالمنطقة.
ويرى ميا أن اللقاءات المرتقبة مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وكبار المستثمرين والشركات العالمية، تعكس استعداد سوريا لتفعيل شراكات استراتيجية مع الدول العربية والمؤسسات الدولية، وهو ما يمثل تحولاً نوعياً في السياسة السورية التي باتت تركز على الانفتاح الاقتصادي والتنمية المستدامة.
وأضاف الدكتور ميا: إن عملية إعادة الإعمار لم تعد مجرد خطة نظرية، بل تحولت إلى حركة اقتصادية فعلية مدعومة بإصلاحات محلية وتعاون دولي متنامٍ.

فرص استثمارية واعدة في ظل تحديات السيادة

ويشير الدكتور ميا إلى أن القطاعات الأكثر جذباً للاستثمارات في سوريا اليوم تُعد محورية في عملية إعادة الإعمار والتحديث، مؤكداً، أن البنية التحتية تأتي في مقدمة هذه القطاعات، نظراً لحجم الدمار الذي طال مناطق واسعة من البلاد، ما يستدعي إعادة بناء الشبكات الأساسية مثل المرافق العامة، الطرق، والمباني السكنية.
ولفت إلى أن الطاقة المتجددة تُعد من أبرز القطاعات الواعدة، موضحاً أن سوريا تمتلك إمكانيات كبيرة في مجالي الطاقة الشمسية والرياح، ما يجعلها مؤهلة للتحول نحو الطاقة المستدامة وتقليل الاعتماد على المصادر التقليدية.
وفي السياق ذاته، يرى الدكتور ميا أن القطاع الصحي والتكنولوجيا يمثلان مجالات استثمارية حيوية، في ظل الطلب المتزايد على تحديث النظام الصحي، والحاجة الملحة لتطوير قطاع تكنولوجيا المعلومات والتحول الرقمي.
أما فيما يتعلق بالسيادة الاقتصادية، فقد أشار ميا إلى التحدي الذي تواجهه الحكومة السورية في تحقيق التوازن بين جذب الاستثمارات الأجنبية والحفاظ على السيطرة الكاملة على مقدرات الاقتصاد الوطني، مبيناً أن الحكومة أمام خيارين صعبين: إما استقطاب رؤوس الأموال الأجنبية لإنعاش الاقتصاد، أو الحفاظ على الاستقلال الاقتصادي وحماية الصناعات الوطنية من الهيمنة الخارجية.

التحول الرقمي ورأس المال البشري.. ضرورة ملحة

وفي حديثه عن المستقبل، شدد الدكتور ميا على أن التحول الرقمي يجب أن يكون شرطاً أساسياً لتعزيز قدرة سوريا التنافسية في الاقتصاد العالمي، مؤكداً أن هذا التحول يجب أن يكون جزءاً من استراتيجية النمو المستدام، لما له من دور في رفع الإنتاجية وتحسين الكفاءة في مختلف القطاعات.
وحول أهمية الاستثمار في رأس المال البشري، أوضح الخبير الاقتصادي أنه هذا يتم من خلال دعم الحكومة السورية للتعليم والتدريب الفني والمهني، بما يضمن تأهيل الكوادر الوطنية لتلبية احتياجات السوق العالمية.

سوريا على أعتاب مرحلة جديدة من النمو والتعاون الدولي

ويرى الدكتور ميا أن مشاركة سوريا في مبادرة مستقبل الاستثمار 2025 تمثل رسالة واضحة للعالم بأن سوريا لم تعد مجرد دولة تتلقى المساعدات بعد الصراع، بل أصبحت شريكاً أساسياً في مسيرة التقدم الإقليمي والدولي، موضحاً أنه من خلال التركيز على البنية التحتية الذكية، والابتكار في الطاقة المتجددة، والتحول الرقمي، تستطيع سوريا فتح آفاق جديدة للفرص الاقتصادية.
ويعتقد أيضاً أن التحديات لا تزال قائمة، إلا أن سوريا اليوم تقف على أعتاب مرحلة جديدة من التعاون الإقليمي والدولي، ما يشكل قاعدة متينة للنهضة الاقتصادية والتقدم المستقبلي.
وختم الخبير الاقتصادي ميا حديثه بالقول: أن مشاركة سوريا في مبادرة مستقبل الاستثمار 2025 تمثل انطلاقة نحو مرحلة جديدة في مسار إعادة البناء الاقتصادي، وأنها لم تعد مجرد دولة تتلقى المساعدات، بل هي شريك فاعل في مسيرة التقدم الإقليمي والدولي، كما تُظهر رؤية سياسية واقتصادية واضحة لدمشق في اتجاه التنمية المستدامة والاقتصاد الرقمي.

 

Leave a Comment
آخر الأخبار