من مرحلة التعافي إلى مرحلة الاستثمار في منتدى الرياض 2025″

مدة القراءة 7 دقيقة/دقائق

الحرية – ماجد مخيبر:

يُعد منتدى الاستثمار في الرياض 2025 من أبرز الأحداث الاقتصادية على مستوى المنطقة والعالم، حيث يجمع كبار المستثمرين وصناع القرار الاقتصادي من مختلف أنحاء العالم لمناقشة التوجهات المستقبلية والفرص الاستثمارية التي ستشكل ملامح المرحلة القادمة من النمو والتنمية في منطقة الشرق الأوسط ، وفي هذا السياق تأتي مشاركة سوريا لتكون بمثابة نقطة تحول حاسمة في رسالتها العالمية: سوريا ليست فقط في مرحلة التعافي، بل تتجه بخطى ثابتة نحو مرحلة الاستثمار والفرص الاقتصادية الكبرى، ومن خلال هذه المشاركة، تسعى سوريا إلى التأكيد على قدرتها على تجاوز التحديات التي مرت بها وتقديم نفسها كمركز جذب للاستثمار والتعاون الدولي في مختلف المجالات الاقتصادية.

المشاركة السورية تعزيز مكانة سوريا على الخريطة الاقتصادية العالمية

فرصة لتسويق صورة سوريا الجديدة

تعتبر هذه المشاركة حدثًا بالغ الأهمية في توقيته وأبعاده، كونها فرصة لتسويق صورة سوريا الجديدة، المتجددة في مسارها الاقتصادي بعد سنوات من الصراعات، من خلال منصات مثل منتدى الاستثمار بالرياض، تتجلى الفرص التي تقدمها سوريا أمام الشركات والمستثمرين الدوليين، ما يعكس رسالتها القوية بأنها على الطريق الصحيح نحو الإعمار والنمو المستدام.

 مدير مركز الدراسات والأبحاث الاقتصادية في اتحاد غرف التجارة السورية محمد غزال أكد في تصريح لصحيفتنا ” الحرية ” أن مبادرة “مستقبل الاستثمار” التي تنظم في الرياض، وزيارة السيد الرئيس أحمد الشرع إلى المملكة العربية السعودية، تمثل خطوة بالغة الأهمية في هذه المرحلة المفصلية، فالمشاركة السورية في منتدى الرياض 2025 تأتي في وقت حرج يتيح للجانب السوري فرصة لإعادة ترتيب أولوياته الاقتصادية على الساحة الدولية. وأضاف أن هذه المبادرة ليست مجرد مشاركة عابرة، بل هي عملية استراتيجية تهدف إلى تعزيز مكانة سوريا على الخريطة الاقتصادية العالمية، وزيادة تفاعلها مع المبادرات الاقتصادية والمالية التي تُطلق في المنطقة.

سوريا ليست مجرد سوق محتاجة للمساعدات بل هي سوق واعدة مليئة بالفرص

وأوضح غزال أن الهدف الرئيسي من المشاركة السورية في المنتدى هو وضع الملف الاقتصادي السوري على الطاولة في محافل الاستثمار العالمية، بحيث يطلع المستثمرون وصناع القرار على الفرص المتاحة في سوريا، ويشعرون بالأمان والجدوى الاقتصادية من التعاون مع سوريا في مرحلة ما بعد النزاع، وأضاف أن هذه المشاركة تعد بمثابة دعوة مفتوحة لجميع المستثمرين والجهات الفاعلة الدولية لدخول السوق السوري واستكشاف الفرص المتاحة في العديد من القطاعات الاقتصادية الحيوية، بما في ذلك الطاقة، والبنية التحتية، والاتصالات، والتكنولوجيا، وغيرها من المجالات التي تشهد تحولات جذرية في سوريا.

كما أشار مدير المركز إلى أن هذا التوجه في سياسة سوريا الاقتصادية يعتمد على فهم واقع الدول التي تشهد مرحلة ما بعد النزاع. وقال: “الدول التي تخرج من الصراعات تمر عادة بثلاث مراحل أساسية: أولاً، مرحلة الإغاثة العاجلة والمساعدات الإنسانية، ثم مرحلة التعافي التي تركز على استعادة الاستقرار، وأخيرًا مرحلة إعادة الإعمار والنمو المستدام. واليوم، سوريا في المرحلة الثانية من هذا التحول، لكنها تتطلع بالفعل إلى الانتقال إلى المرحلة الثالثة، مرحلة البناء والاستثمار.”
وأضاف غزال : “حضور سوريا في منتدى الرياض 2025 ليس فقط رسالة للعالم بأن سوريا تتعافى، بل هو أيضًا رسالة واضحة بأنها جاهزة للانتقال إلى مرحلة جديدة من التنمية، فحضورنا في هذه المنصات الاقتصادية العالمية يعد اعترافًا بأن سوريا ليست فقط بحاجة إلى مساعدات إنسانية أو إغاثية، بل هي اليوم في مرحلة جديدة تستهدف جذب الاستثمارات، وتعزيز التعاون الاقتصادي مع الدول والشركات العالمية.”

فتح أبواب التعاون مع المستثمرين الذين قد يترددون في دخول السوق السوري

وأوضح غزال أن زيارة الرئيس أحمد الشرع للمملكة العربية السعودية تعد بمثابة نقطة انطلاق هامة على صعيد فتح آفاق جديدة للعلاقات الاقتصادية بين سوريا والدول العربية والدولية، وأضاف أن اللقاءات التي ستجمع السيد الرئيس مع كبار المسؤولين والشركات العالمية تمثل فرصة ذهبية لعرض المشاريع الاستثمارية والفرص الاقتصادية في سوريا، وهو ما يشكل حافزًا كبيرًا لجذب رؤوس الأموال الأجنبية التي تتطلع إلى الدخول في أسواق الشرق الأوسط، وخاصة السوق السوري الواعد.
كما لفت مدير مركز الدراسات إلى أن وجود سوريا في مثل هذه المنتديات يسهم في كسر الحواجز النفسية والاقتصادية التي كانت قد نشأت بسبب سنوات النزاع. وقال: “نحن اليوم أمام فرصة كبيرة لفتح أبواب التعاون مع المستثمرين الذين قد يترددون في دخول السوق السوري. هذا المنتدى يمكن أن يكون نقطة تحول، حيث يعرض السيد الرئيس فرص الاستثمار المختلفة أمام الشركات العالمية، مما يتيح لهم فهم الوضع الراهن في سوريا بشكل أكثر دقة، وتقديم الدعم الفني والمالي اللازم لتحقيق التنمية المستدامة.”
وأكد أن هذا التحول لا يتعلق فقط بالمستوى الاقتصادي المحلي، بل هو أيضًا جزء من رؤية أوسع لتقوية مكانة سوريا في الاقتصاد الإقليمي والعالمي. وأوضح: “نحن نعمل على تغيير الصورة النمطية عن سوريا، حيث كنا في الماضي نتحدث عن مساعدات إنسانية وإغاثية، أما اليوم فنحن نتحدث عن استثمار، شراكات استراتيجية، وتنمية مستدامة. سوريا ليست مجرد سوق محتاجة إلى مساعدات، بل هي سوق واعدة مليئة بالفرص.”

كما شدد غزال على أن هذا الحضور السوري في المنتدى الاقتصادي في الرياض يعكس التوجه العام للقيادة السورية في فتح أبواب البلاد للاستثمار والشراكة مع العالم الخارجي. وأضاف أن “سوريا اليوم ليست بيئة طاردة للاستثمار، بل هي بيئة مشجعة ومفتوحة على المستقبل، نحن بحاجة إلى شراكات دولية تعتمد على الربح المتبادل والمصلحة المشتركة، لدينا اليوم استقرار نقدي ومالي، ولدينا بيئة خصبة للنمو الاقتصادي في مختلف القطاعات.”
وأضاف أن الرسالة التي تود سوريا إيصالها إلى العالم من خلال مشاركتها في هذا المنتدى هي أن البلاد على أعتاب مرحلة جديدة، مرحلة من الشراكات الاقتصادية العميقة والمستدامة. وقال: “نحن لا نريد إعانات إنسانية ولا مساعدات عاجلة، سوريا اليوم بحاجة إلى شراكات حقيقية، قائمة على الاستثمار والتعاون الفعّال، بحيث نتمكن معًا من إعادة بناء ما دُمر، والمضي قدمًا نحو النمو والازدهار.”
وختم حديثه بالقول: “وجود سوريا في منتدى الرياض 2025، في هذا الزمان والمكان، ليس مجرد حضور عابر، بل هو شهادة حية على أن سوريا تتعافى وتتجه بثبات نحو المستقبل. فنحن نفتح الأبواب للمستثمرين العالميين لأن سوريا ليست فقط مكانًا لإعادة الإعمار، بل هي بيئة مزدهرة للاستثمار والنمو، ومستقبلها سيكون مشرقًا بفضل هذه الشراكات الجديدة.”

نقطة فاصلة:

يُعد منتدى الرياض 2025 نقطة فاصلة في مسيرة سوريا نحو بناء مستقبلها الاقتصادي. من خلال المشاركة الفعّالة في هذه الفعالية الدولية، تؤكد سوريا على استعدادها للانخراط في منظومة الاقتصاد العالمي من خلال استقطاب الاستثمارات والشراكات التي تساهم في عملية التنمية المستدامة. وهذا الحضور، إلى جانب الرسائل الواضحة التي تبعثها القيادة السورية، يبشر بمرحلة جديدة من النمو والازدهار لاقتصاد البلاد في السنوات القادمة.

Leave a Comment
آخر الأخبار