الحرية – محمد زكريا:
كثير من الأحيان ينظر للمرافق المرورية ومنها ” إشارات المرور” على أنها ليست حاجة ضرورية، نظراً لكثرة أوجاع وهموم الناس، وتبقى مثل هذه القضايا حسب رأيهم هي تحصيل حاصل ليس إلّا، لكن في واقع الأمر المرفق المروري هو عنوان لحضارة الدول بحيث كلما كان هذا المرفق مضبوطاً ومنظماً ، اعتبرت الدولة حضارية.
تخلف الواقع المروري
وهنا أستحضر ما رواه لي أحدهم عندما زار دولة غربية لديها صناعة ثقيلة وتجارة كثيفة، لكن شوارعها تتسم بالازدحام الناتج عن عدم وجود إشارات مرور أو ممرات طرقية صحيحة، ولا توجد أرصفة لمرور المشاة، ومما لا شك فيه هذا المنظر يؤثر على المشاهد ونفسيته بعدم الارتياح والنفور من تواجده في هذا البلد، ولعلّ الأمثلة حاضرة على ذلك، منها على سبيل المثال لا الحصر، جمهورية الهند هي دولة نووية وتمتلك صناعات ثقيلة مهمة، بالمقابل ترى الفوضى المرورية فيها، وحتى مرافقها الأخرى في حالة تخلف وتراجع، وبالتالي هذا التخلف في المرفق المروري ينعكس على الحياة العامة للشعب، فكلما كان المرفق المروري منظماً ومريحاً وآمناً، يكون ذا مرود إيجابي لجهة توفير وقت الوصول، وهذا ينعكس على الناتج الوطني الاقتصادي.
دون المستوى المطلوب
أما الحال لواقع البنى المرورية في سوريا فهي دون المستوى المطلوب، ولهذا قررت الإدارة الجديدة للمرور وبعض الجهات المعنية الأخرى، البدء بوضع خطة لتطوير العمل المروري ومن بينها الإشارات المرورية، ولعلّ من ضمنها حسب ما أوردته بعض الجهات المعنية من إنشاء ما يسمى الإشارات الذكية التي تعمل عن طريق الرادارات، فهي تقوم بحساب عدد السيارات المارة، مع توقيتها المروري، وحسب الازدحام المروري في المكان المحدد، بحيث هذه الإشارة تحدد كم من الزمن يجب أن تفتح عليه الإشارة، وذلك لكل محور، من دون التقيد بزمن متساوٍ للمحاور الأخرى، مع ذكر أن هذه الإشارات تحمل مواصفات عالمية فهي مجهزة برادار و كاميرا، ويبقى وجود عنصر المرور على إشارة المرور هو رمزي، ومتابع لأي خطأ غير محسوب، أو للتدخل السريع في حال حصول أي خلل.
تقنيات حديثة
رئيس الجمعية السورية للوقاية من حوادث الطرق المحامي أحمد جهاد نجيب أشار إلى أن تطوير المرفق المروري اليوم يمر عبر التقنيات الحديثة مستخدماً برمجيات الذكاء الصناعي الذي يحدد غزارة عبور السيارات فيحدد زمن فتح وإغلاق إشارات المرور لتسيير حركة السيارات بانسيابية آمنة ، كما أن الذكاء الصناعي المروري يأخذ بالحسبان فترات الذروة وأزمنتها التي يسجلها في ذاكرته ويحدثها بحسب الظروف، فمثلاً حركة المرور صباحاً تكون إلى داخل المدينة ولذلك ترى الشارع الواصل لداخل المدينة مزدحماً بعكس الحارة المرورية المعاكسة التي تتجه لخارج المدينة ولكن هذه الحال تتغير بعد الظهيرة، فتصبح الحارة المرورية لخارج المدينة مزدحمة أكثر من الحارة المرورية لداخل المدينة، وعليه تزود إشارات المرور الحديثة بنظام قياس وقراءة يعتمد على الذكاء الصناعي لمراقبة عدد السيارات التي تمر بمقطع محدد من الشارع فإذا مرت مثلاً ثلاث سيارات خلال خمس ثوانٍ على مقطع طوله ثلاثة أمتار فهذا يعني وجود غزارة مرورية و بالتالي يقوم المعالج بجعل مدة الإشارة الخضراء لمرور السيارات أطول وإذا كان عدد السيارات خلال دقيقة واحدة سيارتين مثلاً فهذا يعني عدم وجود غزارة وبالتالي توجه فتح الإشارة الخضراء لمقطع آخر من شارع مزدحم آخر وتصبح الإشارة الحمراء على المقطع غير المزدحم أطول وبالتالي فإن الذكاء الصناعي يربط الشوارع عبر كاميرات المراقبة المنصوبة عليها بمعالج مركزي لا يتحكم به العنصر البشري.
تشكيل لجنة
وأوضح نجيب لـ الحرية أنّ الجمعية تعمل عبر تواصلها مع الجهات المختصة على تطوير المرفق المروري، حيث شكلت لجنة بهذا الخصوص تسمى لجنة تطوير المرفق المروري والسلامة تهتم بنشر آخر ما توصل إليه العالم بخصوص وسائل السلامة المرورية لكون الجمعية عضواً بالاتحاد العربي للسلامة المرورية وعضواً بالاتحاد الدولي للسلامة المرورية.