الحرية – نهلة أبو تك :
اتجهت وزارة الاقتصاد إلى اتخاذ خطوة جديدة تهدف إلى حماية المنتجات الزراعية المحلية، عبر منع استيراد مجموعة من المحاصيل الزراعية خلال فترة الذروة الإنتاجية، في محاولة لإعادة التوازن إلى السوق الداخلية ودعم المزارعين الذين طالما عانوا من تقلبات الأسعار ومنافسة السلع المستوردة.
القرار شمل محاصيل رئيسة تشهد الأسواق السورية وفرة منها في الوقت الراهن، مثل: البندورة ، الخيار، البطاطا، الباذنجان، الفليفلة، الكوسا، بالإضافة إلى عدد من الفواكه الصيفية كالكرز، الدراق، العنب، التفاح، التين، البطيخ الأحمر والأصفر، وغيرها من المنتجات الطازجة والمجففة، إلى جانب الفروج والبيض.
فرصة لإنعاش الزراعة السورية
الخبير الزراعي الدكتور مازن فريج يرى أن توقيت القرار جاء متناغماً مع الواقع الزراعي المحلي، ويمنح المزارعين فرصة لاستعادة حيويتهم الإنتاجية والتسويقية بعد سنوات من الانكماش، موضحاً في حديثه لـصحيفتنا “الحرية “؛ لسنوات طويلة كان المنتج السوري يُباع بأقل من تكلفة إنتاجه، نتيجة منافسة منتجات مستوردة مدعومة في دول المنشأ، ما أضعف القطاع الزراعي وأفقده القدرة على الاستمرار، أما اليوم فنحن أمام إجراء يعيد الاعتبار للمنتج المحلي ويمنحه الأفضلية في السوق الوطنية.
ويؤكد فريج أن وقف الاستيراد في موسم الإنتاج يعزز من عمليات التسويق الداخلي ويقلل من الفائض، لاسيما أن كثيراً من المحاصيل كانت تُهدر أو تُباع بأسعار زهيدة لا تغطي التكاليف، وهو ما دفع بعض الفلاحين إلى ترك أراضيهم أو تقليص المساحات المزروعة.
ارتياح زراعي… ومخاوف شعبية
في المقابل، يثير القرار جدلاً بين المنتجين والمستهلكين، ففي حين عبّر عدد من الفلاحين وأعضاء غرف الزراعة عن ارتياحهم لهذا التوجه، معتبرين أنه خطوة في الاتجاه الصحيح نحو إنصاف المزارع، عبّر بعض المستهلكين عن تخوفهم من احتمال ارتفاع الأسعار أو تراجع تنوع المعروض في الأسواق.
ويعلق الدكتور فريج على هذه المخاوف بالقول: إن المحاصيل المشمولة متوفرة محلياً بكميات كبيرة، ولا مسوغ لأي ارتفاع حاد في الأسعار، المطلوب فقط هو تفعيل دور الرقابة التموينية لضبط الأسواق، ومنع أي محاولة للاحتكار أو التلاعب بالسعر بحجة منع الاستيراد.
كما شدد على أن فتح باب الاستيراد يجب ألا يكون هو الحل كلما ظهرت فجوة مؤقتة، بل يجب دعم قدرة المنتج المحلي على سد الفجوات وتحقيق الاكتفاء الذاتي بجودة وسعر مناسبين.
حماية الزراعة لا تكفيها خطوة واحدة
ورغم الإشادة بالقرار، يتفق أغلب الخبراء على أن حماية الزراعة السورية تحتاج رؤية متكاملة، لا تقتصر على منع الاستيراد في أوقات معينة، بل تتطلب العمل على محاور متعددة تشمل: تأمين مستلزمات الزراعة بأسعار مدعومة،
تخفيض تكاليف الإنتاج، تطوير أساليب التخزين والنقل والتسويق، وفتح أسواق خارجية لتصريف الفائض.
ويختم فريج بالتأكيد على أن نجاح أي سياسة زراعية مرتبط بمدى جاهزية المؤسسات المعنية لتنسيق جهودها، قائلاً:
المنتج السوري قادر على المنافسة إذا توافرت له بيئة عادلة، ومن دون بنية إنتاجية وتسويقية سليمة، لن نتمكن من الاستفادة الحقيقية من وفرة المحاصيل ولا من حماية أمننا الغذائي.