الحرية- طلال الكفيري:
لا تزال أغلب قرى وبلدات السويداء” كالثعلة- الأصلحة- عرمان- سهوة الخضر – صلخد- عوس الخ”، ترزح وللأسف تحت وطأة واقع بيئي مزرٍ للغاية، نتيجة لمياه الصرف الصحي المتجمعة في الأراضي الزراعية لهذه القرى، أو في الأودية المارة وسطها، والمتتبع لهذا الواقع البيئي سيلحظ أنه أخذ في التفاقم يوماً بعد يوم، لعدم معالجة هذه المشكلة من قبل المعنيين في حكومة النظام المخلوع، الأمر الذي أبقاها هاجس الأهالي الأوحد في هذه القرى والبلدات.
تلويث للأراضي الزراعية
عدد من الأهالي أشاروا لصحيفتنا (الحرية) إلى أن مشكلة المياه الآسنة مُلازمة لهم منذ أكثر من عشرين عاماً، وعلى الرغم من المطالبات المتكررة لمعنيي المحافظة السابقين بضرورة إيجاد حلٍ جذري لهذه المشكلة، إلا أن الحلول لم تخرج وللأسف من قاعة الاجتماع للتنفيذ العملي، فأرض المحافظة حتى هذا التاريخ ما زالت خالية من محطات معالجة، وليقتصر العمل فقط على تنفيذ خطوط للصرف الصحي، وهي بالتأكيد خطوة منقوصة ما لم تقترن بتنفيذ محطات معالجة، لأن النهاية الحتمية لهذه المياه ستكون الأودية المغذية للسدود أو الأراضي الزراعية، التي تحولت إلى مصبات دائمة للمياه الملوثة، ما أدى إلى خروج عشرات الدونمات الزراعية من دائرة الإنتاج الزراعي، بسبب عدم مقدرة مالكيها من الفلاحين على فلاحتها وزراعتها، بينما المسألة الأخطر هي ما باتت تشكله هذه المياه من قلقٍ وإزعاج للأهالي، من جراء ما يصدر عنها من روائح كريهة وحشرات ضارة كالذباب والبعوض.
ولم يخفِ قاطنو هذه القرى والبلدات تذمرهم من هذا الواقع الذي تعود أسبابه إلى عدم قيام وزارة الموارد المائية في حكومة النظام البائد، بإحداث محطات معالجة في مدن المحافظة الرئيسية “السويداء- شهبا- صلخد”
ولسان حالهم يسأل؛ ما دامت خطوط الصرف الصحي والتي أنفق على تنفيذها مئات الملايين من الليرات لا تحمي البيئة من التلوث، فلماذا لا تكتمل هذه الخطوة بمحطات المعالجة لكون تنفيذ مشروعات للصرف الصحي من دون محطات معالجة كمن ينفخ في قربة مثقوبة ؟.
سقاية المزروعات
عدد من المهتمين بالشأن البيئي أشاروا لصحيفتنا (الحرية) إلى أن هذه المياه وبسبب ديمومتها أصبحت مصدراً إروائياً دائماً للخضر الصيفية، التي تُزرع ضمن الأراضي القريبة من وادي الثعلة، أو إلى الغرب من مدينة السويداء، كحال حي الجولان، وبالتالي الرمي بإنتاج هذه المزروعات في الأسواق المحلية، ليتم شراؤها من قبل المواطنين دون أن يُدرك هؤلاء مدى الخطورة التي تكمن بها، نتيجةً ما تحمله هذه الخضر المروية من المياه المُلوثة من أخطار على صحة مستهلكيها، ومنهم كذلك من يقوم بإرواء أشجاره المثمرة من هذه المياه.
ماذا يقول رؤساء الوحدات الإدارية؟
رئيس بلدية الثعلة مازن حسون ذكر لصحيفتنا (الحرية) أن مياه الصرف الصحي المُتجمعة بوادي الثعلة البالغ طوله حوالي ٢٠ كم والمار بعدة قرى في الريف الغربي، أدت إلى تلويث الأراضي الزراعية خاصة المحاذية للوادي، إضافة لتلويث هواء البلدة جراء الروائح الكريهة الناتجة عن هذه المياه والحشرات الضارة ولاسيما الذباب والبعوض، مضيفاً إن الحل الدائم لهذه المشكلة يكمن بإحداث محطة لمعالجة مياه الصرف الصحي غرب مدينة السويداء، وحالياً تقوم البلدية بإجراء حلٍ إسعافي يقضي بقيام البلدية برش مجرى الوادي بالأدوية، وهذا صراحة مكلف للغاية ويحّمل البلدية تكاليف عالية، وبالنسبة لسقاية المزروعات بمياه الصرف الصحي تمنى حسون تشكيل لجنة مهمتها مراقبة المزروعات المروية من مياه الصرف الصحي ليصار إلى حراثتها، والحيلولة دون دخولها الأسواق المحلية.
مدير الشؤون الفنية بمجلس مدينة السويداء المهندس حسام كيوان أشار إلى أن حل مشكلة الصرف الصحي على ساحة المحافظة بشكلٍ عام، يكمن بإحداث محطات معالجة في مدن المحافظة الرئيسية، مضيفاً: بالنسبة لمحطة معالجة مدينة السويداء فالدراسة معدة من قبل الوزارة المعنية منذ عام ١٩٨٨ إلا أن هذه الدراسة لم يعمل بها حينها، ما أدى إلى إعادة الدراسة عام ٢٠٠٩ مع العلم أن هذه الدراسة ولو تم تنفيذ المحطة كان باستطاعتها أن تغطي وارد الصرف الصحي حتى عام 2022، والتكلفة التقديرية للمحطة عام 2011 كان نحو مليار ليرة سورية بينما تكلفتها حالياً تفوق الـ 15 مليار ليرة.
مدير شؤون البيئة في السويداء المهندس رفعت خضر أشار إلى أنه نتيجةً للخطر المُحدق بالمسطحات المائية، ولاسيما الآبار الجوفية والينابيع والسدود، تقترح مديرية شؤون البيئة وبهدف حمايتها من التلوث، بالإسراع بإحداث محطات معالجة لمياه الصرف الصحي على ساحة المحافظة.