الحرية – رنا بغدان :
شمخ “نصب السيف الدمشقي” مطلًّا على ساحة الأمويين لأول مرة، محتضناً أعلام الدول المشاركة في معرض دمشق الدولي في دورته السابعة، ليغدو من أبرز الرموز الدمشقية العريقة الثقافية والتراثية والحرفية.. وليكون شاهداً تاريخيّاً على الحدث، وهوية بصرية راسخة في ذاكرة السوريين، واتُّخذ شعاراً للتلفزيون السوري سابقاً، كما تصدّر العديد من المنشورات والملصقات والطوابع البريدية الخاصة بمعرض دمشق الدولي على مدار عشرات السنين.
وقد تم إنشاء هذا النصب بطول 40 متراً وعرض 17 متراً، في الفترة ما بين عامي 1958 و1960، كجزء من خطة لتوسعة موقع معرض دمشق الدولي القديم، الذي يُعتبر من أقدم المعارض الدولية في الشرق الأوسط، وافتُتح رسميّاً مع الدورة السابعة للمعرض عام 1960. وكان في الأصل منصة لأعلام الدول المشاركة في المعرض، والتي كانت تتغير كل عام بحسب الدول المشاركة، قبل أن يُعاد تصميمه لاحقاً في عام 1998 ليصبح من أبرز معالم دمشق. وقد عُرِف في البداية باسم “عمود الوحدة” و”عمود المعرض”، قبل أن يُطلق عليه اسمه الحالي “نصب السيف الدمشقي”.
ويشير الباحث عماد الأرمشي إلى أن قرار بناء النصب صدر عن “قصر القبة” في القاهرة، وبتوقيع جمال عبد الناصر، رئيس الجمهورية العربية المتحدة (الإقليم الشمالي/ سوريا، والإقليم الجنوبي/ مصر)، وذلك لبناء نصب تذكاري في ساحة الأمويين بدمشق على هيئة السيف الدمشقي الشهير، ولذلك أطلق عليه بعض أهل الشام في تلك الفترة اسم “عمود الوحدة” (نسبةً للوحدة بين سوريا ومصر بين عامي 1958 و1961).
ويضيف الأرمشي: إن تصميمه الأولي يعود للمهندس هشام المعلم، وتنفيذه إنشائيّاً للمهندس عاطف السيوفي، تحت إشراف المهندس سامي قدح، علماً أن المهندس عبد المحسن القضماني هو من وضع اللمسات الأخيرة للتصميم النهائي حين كان في مصر عام 1960، في مكتب المهندس عاطف السيوفي أثناء الوحدة بين سوريا ومصر، فيما يعود تنفيذ الهيكل الحديدي داخل السيف للحرفي حسن سعدو.
شُيِّد النصب خلال التوسعة التي طالت منطقة سوق البيع وشلالات المياه، وتزامناً مع دورة معرض دمشق الدولي السابعة، وعُرف منذ بداية تشييده بأنه منصة أعلام الدول المشاركة في معرض دمشق الدولي، والتي صُنعت من البلاستيك الشفاف بداخله، وكانت تتغيّر كل عام بحسب الدول المشاركة.
ويتألف النصب من واجهتين متقابلتين ضمن هيكل أسمنتي ضخم على شكل سيف، الغربية منها تطل على ساحة الأمويين، والشرقية تشرف على منطقة سوق البيع وإحدى بوابات المعرض سابقاً، وكانت تُسمّى بوابة الأمويين.
وبانتقال معرض دمشق الدولي إلى مقره الجديد في مدينة المعارض على طريق المطار الدولي عام 2003، فقد النصب وظيفته الأساسية بحمل أعلام الدول المشاركة. وفي عام 1998، تمّ تكليف الفنان إحسان عنتابي والنحات مصطفى علي بتجديد واجهتي النصب اللتين صممهما الفنان عبد القادر أرناؤوط، فاستُخدم الزجاج المعشق، واستُبدلت فكرة الأعلام بالأشكال الهندسية المجرّدة بشكل زخرفي فني جميل يمزج بين النار والوردة الدمشقية، ضمن تشكيلات هندسية غير متماثلة تعكس التفاعل بين الجمال والقوة، ليكون هذا النصب واحداً من أهم وأكبر واجهات الزجاج المعشق في العالم.
ومؤخراً، وبهدف استعادة جمالية النصب، قامت محافظة دمشق في مطلع عام 2025 بإعادة تأهيله من جديد، وأشرفت على أعمال صيانته وتأهيله وتركيب نظام إنارة خاص به، وقامت ورشات مديرية الحدائق بإعادة تأهيل المساحة الخضراء التي تحيط به، ووضع سور لحمايته.