الحرية – مها سلطان:
مرة أخرى.. حرصت الإدارة الأميركية على التمهيد لزيارة ناجحة للرئيس أحمد الشرع إلى واشنطن، والمقررة بعد غد الإثنين، حسب المُعلن.
وتجلى الحرص هذه المرة بالنفي الرسمي الذي أصدرته الإدارة الأميركية بخصوص ما جاء في تقرير وكالة رويترز (الأربعاء الماضي) حول استعدادات أميركية لإقامة قاعدة عسكرية قرب دمشق.
جاء ذلك مباشرة عقب تصويت مجلس الأمن مساء الخميس على رفع اسم الرئيس الشرع من قائمة العقوبات (ووزير الداخلية أنس خطاب).
– تأكيد وتجديد
كان واضحاً أن الإدارة الأميركية أرادت أن يكون للنفي ثقله فعمدت إلى نشر تصريحين مهمين متزامنين تقريباً، الأول على لسان أحد مسؤوليها، والثاني عبر بيان لوزارة الخارجية، مؤكدة زيف تقرير رويترز، من جهة.. ومن جهة ثانية أن سوريا بقيادة الرئيس الشرع تفي بالتزاماتها في مكافحة الإرهاب والمخدرات وتدمير ما تبقى من أي أسلحة كيميائية.
ولأن العلاقات الأميركية – السورية في أحسن حالاتها، أو لنقل تسير وفق أفضل الاحتمالات والفرص المستقبلية، ولا شيء يعكر صفوها، فإن الولايات المتحدة لا تحتاج قواعد عسكرية ولا مراكز تنسيق، وهذا بالضبط ما ركز عليه تصريح مسؤول أميركي لموقع «العربية نت» اليوم.
المسؤول الأميركي قال إن بلاده لا تخطط أصلاً لإنشاء أي مركز تنسيق، لأن المهام القائمة في سوريا، سواء المتعلقة بمكافحة تنظيم “داعش”، أو القضايا المتصلة بسورية و”إسرائيل” لا تتطلب إنشاء أي مركز تنسيق، وأضاف: واشنطن تركز على دعم جهود مكافحة تنظيم داعش.. هدفنا الرئيسي ضمان عدم عودة هذا التنظيم الإرهابي وعدم تحوله إلى تهديد جديد.
وكان تقرير «رويترز» ادعى أن القاعدة العسكرية (أو مركز التنسيق العسكري) الذي تستعد الولايات المتحدة لإنشائه قرب دمشق، هدفه الاشراف على سير الترتيبات بين سوريا و”إسرائيل”، بمعنى مراقبة سير الاتفاق الأمني الذي يتم التفاوض عليه، حسب المتداول. وقال المسؤول الأميركي: هذا التقرير لا يمتُّ للحقيقة بصلة.
– التحول الأميركي
قبل ذلك، نفت سوريا نفياً قاطعاً ما جاء في تقرير «رويترز»، وقال مصدر مسؤول في وزارة الخارجية: إن المرحلة الراهنة تشهد تحولاً في الموقف الأمريكي باتجاه التعامل المباشر مع الحكومة السورية المركزية، ودعم جهود توحيد البلاد ورفض أي دعوات للتقسيم.
وأضاف: إن العمل جارٍ على نقل الشراكات والتفاهمات التي كانت اضطرارية مع أجسام مؤقتة إلى دمشق، ضمن إطار التنسيق السياسي والعسكري والاقتصادي المشترك.
واختتم المصدر تصريحه بالتأكيد على أن سوريا في عهدها الجديد ماضية بثبات نحو ترسيخ الاستقرار وتعزيز التعاون القائم على السيادة الوطنية والاحترام المتبادل.
ما جاء على لسان المصدر هو أكبر وأبعد من مجرد نفي، إنه رسالة واضحة وتحذير، في الوقت نفسه، لمن يعنيه الأمر (أطراف معروفة وصفها المصدر بالأجسام المؤقتة) إن الحكومة المركزية في دمشق هي الأساس وهي المنطلق لأي علاقات وسياسات خارجية، فالعلاقات بين الدول تبنى بين العواصم وقياداتها وليس مع الأطراف والكيانات.
– الزيارة واللقاء
ولمزيد من التمهيد والتأكيد على أن سوريا بقيادتها الجديدة، هي ما تنشده واشنطن، زامنت الإدارة الأميركية تصريحات مسؤولها (آنفة الذكر) مع بيان أوضح لخارجيتها، أكدت فيه أن «الحكومة السورية الجديدة بقيادة الرئيس الشرع تبذل كل جهد ممكن للوفاء بالتزاماتها في مكافحة الإرهاب والمخدرات وتدمير أي أسلحة كيميائية متبقية وتعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي».. «وتحديد موقع الأميركيين المفقودين».
وأشار بيان الخارجية الأميركية أن رفع العقوبات في مجلس الأمن مساء الخميس الماضي جاء «اعترافاً بالتقدم الذي أحرزته القيادة السورية».
وكان الرئيس ترامب أشاد بصورة لافتة بالرئيس الشرع، خلال تعليقه قبل أيام على زيارته المرتقبة لواشنطن، مؤكداً اللقاء معه، وقال: سوف نلتقي، أعتقد أنه يقوم بعمل جيد للغاية، إنها منطقة صعبة، وهو رجل قوي، لقد انسجمت معه بشكل جيد جداً، وقد تحقق الكثير من التقدم مع سوريا.
الإثنين..الحدث الفارق
كل ما سبق يدخل في إطار حرص أميركي واضح على نجاح الزيارة واللقاء، وهما منذ الإعلان عنهما- قبل نحو 10 أيام- محل تركيز شديد إقليمي دولي، حيث سيشكل يوم الإثنين المقبل حدثاً فارقاً، على مستوى كل من سوريا والولايات المتحدة على حدة، من جهة.. وعلى المستوى الثنائي من جهة ثانية.. وعلى مستوى المنطقة من جهة ثالثة. يأتي ذلك فيما تتسابق التحليلات والتوقعات في رسم سيناريوهات عدة لما قد يخرج عن لقاء الرئيسين الشرع وترامب.