وهم الثراء السريع.. قصصٌ من خلف الشاشات تكشف حقيقة تطبيقات ربح المال عبر الإنترنت

مدة القراءة 5 دقيقة/دقائق

الحرية- إلهام عثمان:

في وقت تتزايد فيه الحاجة إلى مصادر دخلٍ إضافية في ظل الأزمة الاقتصادية، انتشرت تطبيقات ربح المال عبر شبكات التواصل الاجتماعي والتي تُبهر البعض بوعودها البراقة بالثراء السريع، وتُغريهم بفرصٍ تبدو سهلةً ومربحة.
وخلف هذه الواجهة اللامعة، تكمن قصصٌ حقيقيةٌ لأفرادٍ نسجوا أحلامهم على خيوطٍ رقمية، بعضها تحقق، وبعضها الآخر تبخر ليترك وراءه حسرة الخسارة، وهنا لابد من أن نغوص في عالم هذه التطبيقات، لكشف المستور، ولنستمع إلى أصواتٍ من خلف الشاشات.

الوعود الكاذبة

سارة، شابةٌ في مقتبل العمر، كانت تبحث عن فرصةٍ لزيادة دخلها لمواجهة أعباء الحياة، ووقعت عيناها على إعلانٍ لتطبيقٍ يُبشر بأرباحٍ خياليةٍ مقابل مهام بسيطة تقول: بدأتُ بحماسٍ كبير وكنتُ أقضي ساعاتٍ طويلةً على التطبيق أُكمل المهام وأُشاهد الأرباح تتزايد على الشاشة. لكن، عندما حاولتُ سحب أموالي، اكتشفتُ أن كل شيءٍ كان وهماً وتضيف: لقد خسرتُ وقتي وجهدي والأهم، خسرتُ ثقتي.

– الخالد: علامات تحذيرية واضحة وضغوطٌ للإيداع المبكر وصعوبةٌ في سحب الأموال

واجهات مضللة

وهنا كشف خبير الأمن السيبراني وليد الخالد ومن خلال حديثه مع “الحرية” أن هناك تطبيقات كثيرة في حقيقة الأمر ما هي إلا واجهاتٍ مُضللة تُظهر أرباحاً وهمية لكن بالمقابل هناك علامات تحذيرية واضحة يجب أن يدركها المستخدم مثل وعود بأرباحٍ غير واقعية، ضغوط للإيداع المبكر، وصعوبة في سحب الأموال، وهنا ينوه الخالد أنه يجب على المستخدمين دائماً التحقق من مصداقية التطبيق ومراجعة تقييماته قبل الانخراط فيه.

من البطالة إلى العمل الرقمي المرن

على النقيض تماماً، يروي علي.ع ، شابٌ فقد وظيفته التقليدية، تجربته الإيجابية بعد فترةٍ من البطالة، ويقول: وجدتُ في تطبيقات العمل الحر عبر الإنترنت فرصةً حقيقية، حيث بدأتُ بمهام بسيطة ثم طورتُ مهاراتي في التصميم والكتابة أما الآن أعمل كمستقلٍ بدوامٍ مرن وأُحقق دخلاً يُمكنني من إعالة نفسي وأسرتي.

– الخالد: يجب التحقق من مصداقية التطبيق ومراجعة تقييماته

وهنا نجد أن قصة علي تُجسد الوجه الآخر لهذه الظاهرة، حيث إن تطبيقات العمل الحر، عند استخدامها بذكاءٍ ومهارة، يمكن أن تُصبح مصدراً للدخل المرن، لاسيما أنها قد تُساهم في تطوير المهارات، هذا ما بينه الخبير الاقتصادي سالم الخن، لافتاً إلى أن الأمر يتطلب صبراً، ومثابرةً، وقدرةً على التكيف مع متطلبات السوق الرقمي المتغيرة.

– الخن: اقتصاد الظل الرقمي يعتمد على مهام مؤقتةٍ ورقمية

اقتصاد الظل الرقمي

بين تحديات مفروضة وحقوق غائبة تبرز لنا قصص النجاح والفشل كنموذج متناقض تماماً تترجم على أرض الواقع، هذا ما كشف عنه الخن، وأنه من هذه النقطة بالتحديد ينمو ما يُمكن تسميته بـ”اقتصاد الظل الرقمي”، والذي يعتمد على مهام مؤقتةٍ ورقمية، ويُقدم فرصاً.. ولكنه يُثير أيضاً تساؤلاتٍ حول حقوق العاملين فيه حسب رأي الخن.

– الخن: عالمٌ مُعقدٌ يجمع بين الفرص الحقيقية والمخاطر الكامنة

سوق العمل

كما أشار الخن إلى أن هذه التطبيقات تُعيد تشكيل سوق العمل، وتُقدم مرونةً غير مسبوقة، وهنا يحذر قائلاً: يجب أن لا ننسى أن هؤلاء العاملين غالباً ما يفتقرون إلى الضمانات الاجتماعية والحقوق العمالية الأساسية، لذا نحتاج إلى تنظيم أكبر لهذا القطاع لضمان عدالة الفرص وحماية المستخدمين.

رحلةُ تطورٍ مستمرة

من جهته أكد الخالد أن تطبيقات ربح المال، لم تعد تقتصر على ملء الاستبيانات البسيطة، بل تطورت لتشمل مهمات تتطلب مهاراتٍ أكثر تعقيداً، مثل التصميم، والبرمجة، والتسويق الرقمي، وحتى الاستثمار في العملات الرقمية.
في حين أفاد الخن، بأن الغد يحمل المزيد من الابتكارات كظهور نماذج عملٍ جديدةٍ تعتمد على الذكاء الاصطناعي، وتتطلب مهاراتٍ متقدمة، وهنا يجب على الأفراد مواكبة هذه التطورات، والاستثمار في تطوير مهاراتهم الرقمية.

نحو استخدامٍ واعٍ للتكنولوجيا

وبين الحذر والطموح ختم الخن حديثه: بأن عالم تطبيقات ربح المال عبر الإنترنت هو عالمٌ مُعقدٌ، يجمع بين الفرص الحقيقية والمخاطر الكامنة، وهنا يتطلب الأمر من المستخدمين وعياً كبيراً، وقدرةً على التمييز بين الحقيقة والوهم، واستثماراً في تطوير المهارات، فالتكنولوجيا، في جوهرها، أداةٌ يمكن أن تُستخدم للخير أو للشر، ويبقى السؤال: كيف نستخدمها بحكمةٍ لتعزيزها؟

Leave a Comment
آخر الأخبار