الحرية- غيداء حسن:
يقول المثل: “من زرع حصد, ومن سار على الدرب وصل”. لكن يبدو أن مفردات هذا المثل تغيرت مع نسبة كبيرة من مزارعينا اليوم، ولاسيما للمحاصيل الإستراتيجية كالقمح، وخاصة البعل، إذ لم يكن طريقهم سهلاً ليوصلوها إلى بر الأمان، ونسبة كبيرة منهم للأسف لن تحصد إلا الخيبة.
الجهات المعنية قدمت للمزارعين مستلزمات الزراعة بالدّين الآجل، لكن فرحتهم لم تكتمل، فالجفاف قضى على نسبة كبيرة من الزراعات، وعلى آمالهم، وشحّ الأمطار فعل فعلته، ما سيوقعهم في مأزق سداد الديون وتأمين مردود مادي يساعدهم في تلبية مستلزمات المحصول القادم، أو حتى تأمين أدنى مستلزمات بقائهم، كون الزراعة جزءاً أساسياً من مداخيلهم الاقتصادية. ولا يخفى على أحد أن اعتماد النسبة العظمى من السكان على الزراعة كمصدر دخل رئيسي ووحيد.
وحتى من كان لديهم مصدر مائي بديل كالآبار وتمكنوا من ري محاصيلهم، ستترتب عليهم أعباء مالية كبيرة لقاء أجور الحصاد والنقل وغيرها، تضاف إلى تكلفة المحروقات المستهلكة للسقاية، وهم إلى اليوم لا يعلمون شيئاً عن تسعيرة القمح التي طال انتظارها أو حتى تسريبات بتوقعات عنها!.
مزارعونا اليوم في موقف لا يحسدون عليه من جراء ما حصل لمحاصيلهم الزراعية، وكثيرون منهم اضطروا إلى “تضمين” محاصيلهم لرعي الماشية بمبالغ بخسة قد لا تعوض جزءاً مما تكبدوه عليها، ولكنهم مضطرون من مبدأ “الرمد أسهل من العمى”، وباتوا بأمسّ الحاجة لحلول عاجلة تنتشلهم من خسائر مُنوا بها، كأن يتم تزويدهم بمستلزمات محصول صيفي يرمم بعض خسائرهم، ومازوت بسعر مدعوم يخفف عنهم تكاليف الري من الآبار الزراعية.. والأهم النظر في إعفائهم من الديون كما في البلدان المتقدمة، وإن لم يكن ذلك، فتأجيل سدادها إلى أن تكون ظروفهم مؤاتية ومحاصيلهم وفيرة في سنوات قادمة، لتشجيعهم على الاستمرار في الزراعة وعدم هجرهم لأراضيهم وتركها “بوراً”.
إذ ليس في ذلك فقط انتشال لهم من واقع مزرٍ حلّ بهم، وإنما انعكاس إيجابي على استمرار تأمين المواد الأساسية، والتخفيف قدر الإمكان من فاتورة استيرادها بالعملة الصعبة بما يستنزف مقدرات الدولة.. وما ينطبق على القمح ينسحب على غيره من المحاصيل..
فهل نرى ذلك قريباً؟