السياحة الريفية بين الصناعة والفرص..  وطلب بإعادة النظر بمرسوم  الاستملاك في ريف اللاذقية

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية – نهلة أبوتك:

يشكّل قطاع السياحة رافدًا اقتصادياً حيوياً يوازي أهمية الصناعة والزراعة، إذ يخلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، وينشط سلسلة خدمات محلية، ويُسهم في الإيرادات الوطنية عبر الضرائب والدخل من القطع الأجنبي عبر الوفود السياحية الوافدة إلى البلاد، ويجمع ريف اللاذقية إمكانات فريدة تمتد بين شريط ساحلي وغابات وجبال وسهول، ما يؤهّله لأن يصبح نموذجاً للسياحة الريفية المستدامة إذا ما أحسن تخطيطه وإدارته.

تطوير السياحة البيئية… مقومات واستدامة

تركز السياحة البيئية على الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، ومشاركة المجتمع المحلي في العائدات وصناعة القرار، ويوفر ريف اللاذقية لهذه السياحة مقومات نادرة، تشمل شواطئ ممتدة، جبال ومناخ متنوع، ينابيع وغابات، ومواقع أثرية قريبة، ما يتيح تقديم باقات سياحية متكاملة تجمع بين العلاج، التراث، البيئة، والترفيه، مع الاستفادة من العنصر البشري المحلي القادر على الابتكار والإنتاج.
وأكد مدير الإعلام في وزارة السياحة، عبد الله حلاق، أن الوزارة تضع الريف السياحي ضمن أولوياتها التنموية، من خلال دعم المبادرات الصغيرة، تحسين البنى التحتية، وتقديم التسهيلات للمشاريع الفردية التي تخلق فرص عمل وتنشط القرى، وأضاف إن الوزارة تعمل على تنظيم مهرجانات للتعريف بالمناطق السياحية في سوريا، وتطوير خطط للترويج السياحي داخلياً وخارجياً، وتشجيع الاستثمار في مختلف القطاعات، وتأهيل الكوادر السياحية لسوق العمل.

تحويل الإمكانات إلى أثر اقتصادي…

ولتحويل الموارد الطبيعية إلى أثر اقتصادي ملموس، شدد الخبير الاقتصادي الدكتور عبد الهادي الرفاعي على ضرورة مقاربة متعددة المحاور، أهمها إعادة النظر في بعض القوانين والقرارات، لا سيما المرسوم المتعلق بالاستملاك السياحي، الذي يشكل عائقاً أمام أي مبادرة تنموية أو استثمارية.
وأوضح الرفاعي أن إعادة النظر بمرسوم الاستملاك خطوة أساسية لنهوض الصناعة السياحية، وفتح المجال أمام المبادرات الصغيرة والمتوسطة، فالربط بين التشريعات والخطط الاقتصادية يفتح آفاق الاستثمار ويمنع جمود المشاريع الناتج عن قيود قديمة. وأضاف إن دعم المبادرات الفردية من خلال برامج التمويل المصغرة، الإعفاءات المؤقتة، والحوافز الضريبية للمبيت الريفي والمطاعم التقليدية، يسهم في إشراك الشباب والمجتمع المحلي، ويشجعهم على إقامة مشاريع صغيرة مستدامة.
وأشار الرفاعي إلى أهمية تطوير البنية التحتية والخدمات، وتحسين شبكات الطرق والمياه والصرف الصحي والكهرباء في القرى، إلى جانب تدريب الكوادر المحلية في الضيافة وإدارة الوجهات السياحية، باعتبارها حجر الزاوية لنجاح أي مشروع سياحي ريفي.

تنويع المنتجات السياحية..

ينبغي إنشاء مسارات للمشي في الطبيعة، رحلات تعليمية زراعية، سياحة علاجية في المناطق الجبلية، واستثمار المواقع التاريخية، لتقديم باقات سياحية متكاملة على مدار العام.

ربط السياحة بالاقتصاد المحلي..

أكد الرفاعي على أهمية دمج السياحة الريفية مع المنتجات الزراعية والخدمات البيئية، ما يحوّل الريف إلى رافد اقتصادي مستدام. وأوضح أن إدماج سلاسل الإنتاج مثل العسل، الأعشاب الطبية، والحرف اليدوية ضمن باقات سياحية متكاملة، يرفع دخل الأسر ويطور اقتصاد القرى بشكل مباشر وغير مباشر، ويضمن عجلة التنمية الريفية عبر مشاريع صغيرة ومتوسطة تعود بالنفع على السكان والدولة، وتحافظ على الطابع البيئي والتراثي للريف.

أبرز التحديات التي تواجه السياحة الريفية

تتمثل أبرز التحديات في ضعف الوصول إلى التمويل المناسب، غياب برامج تدريبية مستدامة للمجتمعات المحلية، وعدم وجود استراتيجية تسويقية موحدة تستغل قنوات السياحة المحلية والدولية بشكل فعال.

توصيات عملية لتنشيط السياحة الريفية

وشدد الرفاعي على أهمية مراجعة المراسيم المتعلقة بالاستملاك والسياحة ضمن فريق مشترك من الجهات الاقتصادية والمجتمع المدني، وإنشاء صندوق تمويل مصغر لدعم بيوت الضيافة والحرفيين الشباب مع آليات رقابية شفافة. وأكد على إقامة برامج تدريبية طويلة الأمد في الترويج وإدارة الوجهات السياحية مع شهادات معترف بها، وإطلاق خطة تسويق رقمية متكاملة تبرز التجارب الريفية المستدامة، موجهة إلى السياح العرب والأجانب والمحليين، مع التركيز على جميع المواسم لتقليل الموسمية.
وأضاف إن إشراك المجتمع المحلي في تصميم المشاريع يضمن توافقها مع أنماط الحياة والحفاظ على الموارد.
يستطيع ريف اللاذقية أن يصبح نموذجاً عملياً للسياحة الريفية المستدامة في الساحل السوري، شريطة ترجمة الإمكانات إلى سياسة واضحة، بنية تحتية متاحة، وتمويل ودعم قانوني ينتج مبادرات محلية.

Leave a Comment
آخر الأخبار