الحرية- دينا عبد:
يعيش الأولاد في مراحل عمرية مبكرة مشاعر فشل وإحباط مشابهة تماماً لما يمر به الكبار، لكن الفرق أنهم يتعاملون معها بقبول ورضا بعيداً عن التعقيدات، وعلى الرغم من أن بعض التجارب قد تبدو بسيطة في نظر الكبار، إلا أنها تترك أثراً عميقاً في قلوب الأطفال وعقولهم.
حالة إحباط
يعيش جود (10 أعوام) تحدياً يومياً مع مادة الرياضيات، إذ يجد صعوبة في فهمها، الأمر الذي يجعله يشعر بالإحباط عند دخول كل حصة درسية.
يتحدث بحزن عن تجربته مبيناً أن والدته كثيراً ما تؤنبه على عدم استيعابه، معتبرة أن المسائل بسيطة ويمكن حلها بسهولة وكثيراً ما تطرح عليه السؤال: أين يكون عقلك عندما تشرح لك المعلمة الدرس؟.
هذا الإحباط الذي شعر به جود لم يكن مجرد شعور عادي، (كما تشرح الأم) بل تطور معه ما جعله يعتقد أنه كسول في المادة أو غير ذكي بما يكفي، ما أثر بشكل كبير على ثقته بنفسه؛ إلا أنها بمساعدة المرشدة النفسية والمحيطين بها واستعانتها بمدرس خصوصي استطاع ابنها استعادة ثقته بنفسه وبدأ يحل المسائل تدريجياً لوحده ودون مساعدة أو تدخل من أحد.
تقبل الفشل
ناريمان أحمد -معلمة حلقة أولى- أشارت إلى أنه عندما يفشل الطفل في تحقيق هدف ما، فيجب على الأهل تقبّل النتيجة مهما كانت والابتعاد عن المثالية، فالطفل بالنهاية إنسان ومن الطبيعي أن يمر بمثل هذه الأمور لذلك، علينا البحث عن طرق تحوّل الفشل إلى طاقة وتحد مع تعزيز الثقة بالنفس حتى لا يخجل من إحباطه، والاستعانة بمن يثق بهم كالجد والجدة حتى يعبر عن الشعور داخله، وتركه يبكي أو تفريغ ما ينتابه من حزن أو غضب، والعمل على رفع معنوياته من خلال كتابة قائمة بإنجازات الطفل وصفاته التي تمده بالقوة.
قراءة المرحلة العمرية
من جهتها المرشدة الاجتماعية في مديرية تربية دمشق إلهام محمد، أوضحت بحديثها لصحيفة “الحرية” أنه من الضروري قراءة المرحلة العمرية بطريقة صحيحة ومعرفة احتياجات كل مرحلة عند الفئة العمرية الصغيرة لأنهم يحتاجون لمعرفة خطوات العمل المطلوب ويتطلب من الأهل التشجيع والدعم عن كل خطوة يقومون بها، إذ إن الدعم والتشجيع يزيدان من خطوات النجاح ويعززها ويشعر الطفل من خلالها بالإنجاز وهذا يساعد في تخفيف الإحباط لديه؛ وكذلك من الضروري الابتعاد عن المقارنات بين الأقران أو الأقارب أو الأصدقاء، والتركيز على نقاط الضعف، لأن هذا يؤدي إلى مشاعر سلبية عند الطفل ويؤدي إلى التشتت وعدم التركيز، لذلك تربية هذه المشاعر لديه في المنزل تجعله يشعر بالإحباط عند حصوله على علامة منخفضة، ويبدأ بمشاعر الخوف من ردة فعل الأهل والعقوبة المنتظرة، وهذا يجعله شارد الذهن مع فرصة لتزايد الإخفاقات.
وفيما يتعلق بالإخفاقات الدراسية والاجتماعية أكدت محمد بأنهما مترابطان إذ إن عدم القدرة على تكوين أصدقاء وحياة اجتماعية جيدة، تجعل الطفل يفكر أنه غير مرغوب ولديه نقص ما، وهذا يؤدي إلى التراجع الدراسي والعكس صحيح، الإخفاقات الدراسية تجعل الأصدقاء ينفضون من حول الطفل لاسيما أن بعض الأسر تزرع في عقول أبنائها الابتعاد عن بعض الأطفال وخاصة إن لم يكونوا مجتهدين.
وأخيراً، تؤكد محمد أن المرحلة العمرية الصغيرة مهمة لأن عدم تدارك مسببات الإحباط تسهم في بناء شخصية لديها تدنٍ في مفهوم الذات، وإخفاق في الحياة العملية.