ملاذات إنقاذ اقتصادي واجتماعي… تأسيس جديد لتعزيز قطاع “مشروعات الفقراء” والمكونات الداعمة للتنمية

مدة القراءة 8 دقيقة/دقائق

الحرية – نهى علي:

يترقب الجميع اليوم أي تفصيل يجري إعداده بشأن مشروعات الإنقاذ الاقتصادي والاجتماعي، الأداة الأكثر فعالية بيد أي حكومة تسعى لإرساء قاعدة تنموية حقيقية تنطلق من بعد اقتصادي وتنفذ إلى أبعاد ومسارات متعددة على مستوى مكافحة البطالة والفقر وتوطين منظومة توازن تنموي متكامل.
المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، والأخرى الرديفة تحت مسمى “المشروعات الأسرية”، باتت الملاذ اليوم في التوجه نحو المصافحة الرسمية بين الحكومة مع المضمار التنموي بكل تفاصيله.
ويبدو أننا في سوريا بحاجة إلى مبادرة مدروسة للتعامل مع هذه المكونات المجتمعية الفاعلة.

منظومة

يربط الدكتور إيهاب اسمندر وهو الخبير الاقتصادي المتخصص، بين الوضع الاقتصادي وقطاع المشروعات الصغيرة، ويرى أن ثمة علاقة جدلية بينهما، فكما أن المشروعات الصغيرة تؤثر في الاقتصاد ككل؛ إلا أنها تتأثر به بشكل كبير.
لكن على الرغم من زيادة الصعوبات التي يواجهها قطاع المشروعات الصغيرة؛ وتراجع بيئة عمله مع غياب الجانب التخطيطي والسياساتي للحكومة؛ لا يمكن إغفال أهميته لدوره الحيوي في مواجهة خطر البطالة المتزايدة التي ستواجهها سوريا في الفترة المقبلة (في دراسة سابقة لي؛ مع كل 1000 مشروع صغير تنخفض البطالة 1%).
كما أنها صاحبة النصيب الأكبر من التعويل، إذ لا يمكن التعويل على الاستثمارات الأجنبية لخلق فرص عمل في ظل غياب معالم الدولة الأساسية، كما أن الوضع غير مناسب لانتظار استثمارات خارجية بشكل فعّال خلال المدى المنظور.

على نطاق واسع

ومن وجهة نظر الدكتور اسمندر فثمة إمكانية لإطلاق المشروعات الصغيرة في جميع المناطق السورية سواء المدينة أو الريف ما يعني دورها في التنمية المتوازنة.
إلى جانب ملاءمتها لمختلف الشرائح العمرية والتعليمية؛ وفي كثير من الحالات يمكن استيعاب ذوي الإعاقة في أعمال داخل المشروعات الصغيرة.
كما أن ثمة مثقّلاً يعزز من أهمية الدور المنتظر للمشروعات الصغيرة وهو انخفاض تكلفة الاستثمار فيها (حيث يمكن إطلاق مشروع صغير في سوريا بما لا يتجاوز 1500 دولار).
كما أن هذه المشروعات تقام بالقرب من أماكن سكن أصحابها، فهي تخفف عنهم تكاليف النقل إلى مكان العمل.
إلى جانب أن المشروعات الصغيرة تشجع ثقافة الاعتماد على الذات والتفكير الإيجابي لمواجهة مشكلات الحياة (بخلاف العمل الوظيفي)..وتسهم بتوفير إنتاج صناعي وزراعي يحتاجه الاقتصاد السوري؛ وتوفير منتجات تصديرية.

خريطة متكاملة

الأهم هنا هي النقطة المتعلقة بتفعيل قطاع المشروعات الصغيرة في الفترة المقبلة في سوريا، وبسرد علمي ممنهج يرسم الدكتور اسمندر في تصريح لصحيفتنا “الحرية” خريطة طريق لإنعاش المشروعات الصغيرة.
تبدأ بإطلاق خطة اقتصادية حكومية تتضمن آليات التحول لاقتصاد السوق الحر. ثم اتباع سياسات اقتصادية ومالية ونقدية؛ تتواءم مع احتياج الاقتصاد السوري. والتوقف عن اتباع سياسات نقدية متحفظة وانكماشية.
إلى جانب تسهيل إجراءات ترخيص وتسجيل المشروعات الصغيرة وتقليل الاشتراطات المطلوبة في هذا الإطار.
وتعزيز مبدأ الشمول المالي وتوسيع نطاق الخدمات التي تتضمن التسهيلات المطلوبة للسوريين الراغبين بإقامة مشروعات صغيرة خاصة بهم.
إضافة إلى إطلاق برامج دعم لأسعار فائدة القروض المقدمة للمشروعات الصغيرة.. وتنظيم حملات توعية لأهمية المشروعات الصغيرة بالنسبه للشباب، وإتاحة التأهيل الفني والإداري لمن يرغب منهم في إقامة مشروع خاص به.. وزيادة عدد الجهات والمؤسسات المختصة برعاية المشروعات الصغيرة..
وتأسيس حاضنات أعمال ومراكز مؤهلة لإطلاق المشروعات في مختلف المناطق السورية.
مع ذلك؛ وكما أشرنا في البداية – الكلام للدكتور اسمندر – فإن الحالة الاقتصادية وطريقة التعاطي الحكومي معها؛ لها دور كبير في حجم النتائج المتوقعة من قطاع المشروعات الصغيرة في سوريا.

رؤيا

في السياق ذاته.. وجواباً على سؤال حول ما على الحكومة فعله لإنعاش المشروعات الصغيرة، توجد لدى محمد عبد الباسط القدح رئيس الاتحاد العربي للأسر المنتجة والصناعات الحرفية والتقليدية، في حديثه لصحيفة “الحرية”، رؤية شاملة بخصوص هذا النوع من المشروعات.
ويبدأ القدح الحديث بالإشارة إلى أن الاتحاد العربي للأسر المنتجة والصناعات الحرفية والتقليدية هو منظمة عربية متخصصة في تقديم الدعم والمساعدة لقطاع الأسر المنتجة والصناعات الحرفية والتقليدية في الدول العربية كافة.
وهو منظمة مستقلة إدارياً ومالياً يعمل ضمن نطاق جامعة الدول العربية وفي إطار مجلس الوحدة الاقتصادية العربية ويخضع لأنظمة الاتحاد وقوانين وأنظمة جامعة الدول العربية ويتمتع موظفو الاتحاد ورئيس وأعضاء رئاسة الاتحاد بالحصانة والمزايا المقررة في اتفاقية مزايا وحصانات مجلس الوحدة الاقتصادية العربية بمعنى أن الاتحاد ليس منظمة سورية أو اتحاد سوري وإنما مستضاف كاتحاد مقره

دمشق سوريا.
ويضيف إن الاتحاد يتبنى فرص التمويل الممنوحة واعتماد صيغ التمويل المتاحة وتوفير فرص أوسع للتمويل والاستثمار في المشاريع الأسرية والصناعات الحرفية والتقليدية عن الصناديق العربية والمؤسسات التي تعنى بالتمويل ودعم المشاريع الصغيرة المتناهية الصغر وتنفيذها لهذا الهدف اتخذ الاتحاد خطوات لبناء شراكات إستراتيجية وتوقيع اتفاقيات ومذكرات للتعاون المشترك مع مؤسسات تمويل بهدف تمويل المشاريع الصغيرة المتناهية الصغر فيما يخص دعم العاملين في هذه المشاريع الأسر المنتجة والصناعات الحرفية والتقليدية.

تجربة

ويشير القدح إلى تجربة مصرف الإبداع للتمويل الصغير في سوريا..
إذ تقوم المكاتب الإقليمية التابعة للاتحاد في الدول العربية، بجهود حقيقة لبناء شراكات إستراتيجية مع المصارف والصناديق المعنية بتقديم وتوفير التمويل لهذه المشاريع حتى يتمكن الحرفية والأسر المنتجة الإقلاع بمشاريعهم والبدء بالإنتاج أو تطويره وتحسين نوعيته، وهذا يشكل حافزاً لهم ويعتبر من التسهيلات التي يقدمها الاتحاد وصولاً إلى بيع منتجاتهم من خلال إقامة المعارض المحلية أو الإقليمية أو العربية والدولية سواء كان في سوريا أو في أي بلد عربي آخر لأن أنشطة الاتحاد تستهدف كل الدول العربية وليس سوريا فحسب.

ضد البطالة والفقر

إن دعم هذه المشروعات يسهم في  القضاء على البطالة أو التخفيف منها من خلال توفير فرص العمل.. وتوفير الدخل للعاملين في المشاريع الأسرية أو الصناعات الحرفية والتقليدية بمعنى تمكينهم اقتصادياً واجتماعياً وتحويلهم من أشخاص يعتمدون  على تلقي المساعدات، إلى أشخاص وديانات تعتمد على نفسها (منتجة) تسهم في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
هذا إلى جانب زيادة الناتج القومي من خلال ما تقدمه الأسر المنتجة وأصحاب الصناعات الحرفية والتقليدية من منتجات وبيعها في الأسواق والمعارض المحلية والإقليمية والعربية والدولية.

رافد تنموي

ومن وجهة نظر رئيس الاتحاد.. تعد المشروعات الصغيرة المتناهية الصغر والمتوسطة رافداً كبيراً وأساسياً للقطاعات الاقتصادية في الدولة وهذا يدخل في صميم عمل الاتحاد لأنه أحد أهدافه، ليس على المستوى الوطني سوريا وإنما في الدول العربية كافة، من خلال الممثليات الإقليمية المرخصة جميعها ما ينبغي تفعيل هذه المشروعات بأنواعها لعدة أسباب.

تفعيل

يرى القدح أن تفعيل الحكومة السورية الجديدة في المرحلة الانتقالية وإنعاش المشروعات الصغيرة لأهمية دورها في الجانبين الاقتصادي والاجتماعي ولا سيما في ظل هذه المرحلة التي تشهدها سوريا.
ويضيف: نحن كاتحاد عربي يعمل في إطار مجلس الوحدة الاقتصادية العربية هذا من مسؤولية الحكومة السورية الانتقالية وهو أمر جدير بالاهتمام والعمل عليه لأهميته في إنعاش الاقتصاد.
وتوجد في سوريا الهيئة العامة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة تابعة لوزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية من مهامها رعاية ودعم وتقديم التسهيلات المحفزة لهذه المشاريع ونجاحها وتعزيز مساهمتها في الاقتصاد الوطني السوري،
ونحن كاتحاد ندعم ذلك لكن يبقى هذا شأن سوري ومن اختصاص الهيئة ووزارة الاقتصاد السورية كون مظلتنا عربية وسوريا إحدى الدول المستفيدة من خدمات الاتحاد شريطة إزالة كل المعوقات أمام أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة ومنها الفوائد العالية والإجراءات الطويلة والمعقدة.

Leave a Comment
آخر الأخبار