الحرية – محمد فرحة:
قيل: إن حركة الأسواق النشطة وغير النشطة هي مقياسوتعبير عن الواقع الاقتصادي الذي يعيشه الناس، وعن ذلك يقول الجاحظ: هو لسانُ المدينة، فيهترى الناس وتعرف واقعهم الاقتصادي وتعرف حالهم ما إن كان جميلاً أم سيئاً وتعيساً.
لكن ما هو ملاحظ اليوم في أسواقنا تنافس الباعة في بيع منتجاتهم، والتي جلّها منتج غير سوري، باستثناء الخضروات والفواكه وما عداها تبقى بضاعة وافدة إلينا من دول الجوار.
ومن الملاحظات الهامة، التي يراها المتمعن غياب الإقبال الكبير الذي كان سائداً قبل شهر ونصف الشهر من الآن،لدرجة بتنا نراه يوماً فوق، أي جيد، وعشرة أيام غير جيد.
ما يعني حسب وصف الجاحظ، حركة السوق ليست جيدة، وهذا يكشف الواقع الذي يعيشه المواطن في هذه الأيام وهو الواقع غير الجيد بالمطلق.
وسنقدم في هذا السياق بعض الأمثلة فيما يتعلق بالجانبين، ففيما يخص الحاجات الضرورية جدا،ً مثل الخضراوات، كالبندورة والبطاطا وغيرهما، فهي من الحاجات الضرورية، وخاصة في شهر الخير شهر رمضان، إذ تشهد هذه الأسواق حضوراً جيداً رغم تفاوت أسعارها وتذبذبها، وكذلك أسعار الفروج الذي هبط بشكل ملحوظ ولم يسبق له مثيل، إذ يباع من أرض المدجنة بـ٢١ ألف ليرة للكيلو، وهو الذي تعدّى الـ٢٩ ألف ليرة في فترةٍ من الفترات، وفقاً لحديث باسل الجبيلي صاحب محل لبيع الفروج، منوهاً بأن حركة البيع في هذا الخصوص أكثر من جيدة.
في سوق البسطات على الأرصفة شاب يجلس على كرسيه، عرفت من خلال ثباته وعدم حركته من على الكرسي أنه من ذوي الاحتياجات الخاصة، سألته كيف هي حركة البيع لديك، فأجاب: الحمد لله جيدة وعلى قدر حالنا ولم يدعني أكمل الشق الآخر من السؤال، ما إن كان ما يبيعه من مواد غذائية يسد حاجته، فأوضح أنها تسد حاجة أسرته المكونه منزوجته وولدين.
فقد قدم لنا درساً لم نكن لنتعلمه من أساتذتنا في مدارسنا، مؤداه أن الحياة جميلة عندما نقنع بما رزقنا به الله.
في هذه الأثناء، كان العديد من المستهلكين يشترون منه لسببين،الأول جبر الخاطر والثاني لحسن تعامله مع الناس دون أن يغادر كرسيه.
وفي أسواق أخرى، لم نر إقبالاً، وحدهم البائعون يتحدثون مع بعضهم، حيث أوضح أحدهم، واسمه سهيل محمد أن السوق لا يشكو من قلة العرض أبداً، فكل ما يحتاجه المستهلك متاح، لكن لا يوجد سيوله نقدية، فبالكاد البعض يستطيع تأمين ثمن ربطة الخبز.
وزاد على ذلك بأن الناس اليوم لا يشكون من غلاء المواد، وإنما من عدم وجود المال وفقاً لتعبيره.
نختم بما كان قد أشار إليه رئيس شعبة الرقابة التموينية في مصياف المهندس باسل حسن قبل أسبوعين، بأن
أسعار الفروج والبيض ستنخفض، في حين قد ترتفع بعض الخضراوات، وهذا ما يحصل فعلاً، فسعر كيلو البندورة اليومين الثمانية آلاف والعشرة آلاف ليرة، وهي التي كانت بأربعة آلاف ليرة.
الخلاصة: ما قاله الجاحظ هو الصواب وعين الحقيقة، لجهة أن الأسواق مقياس للحركة الاقتصادية وتبيان مدى
واقع معيشة المواطن، مع الإشارة إلى عدم انضباط هؤلاء الباعة لجهة تنظيف المكان الذي يشغلونه، وكل رمضان والقارئ والوطن بألف خير.