الحرية- يسرى المصري:
لا وقت للتطير والتشاؤم ورجم الحظ فأمام السوريين الكثير من المهام الإستراتيجية التي لا تحتمل التأجيل أو التسويف ولا بد من إنجازها مهما كانت الظروف على مبدأ إصلاح أعطال الطائرة من دون أن تهبط إلى الأرض ..!
وتحت القصف فيما تتساقط من الأجواء المشتعلة بقايا الصواريخ والمسيّرات المستخدمة في الحرب يخشى البعض من تزايد التحديات المعيشية التي تدخل المواطن السوري في مطب الرمال المتحركة .
سوريا تستمر في النهوض والحكومة تعمل بكل الاتجاهات وهذا ليس من باب المديح لكن على أرض الواقع التنسيق مستمر ومتناغم بين وزارات المالية، والصناعة والتجارة والتموين، والنقل، ودائرة الجمارك العامة، بهدف تسهيل حركة العبور وانسياب البضائع دعماً للتبادل التجاري بين دول الأقليم .وتعزيز الاقتصاد المشترك، وتنشيط حركة النقل والتجارة البينية.
بالمقابل يدرس المعنيون عدة سيناريوهات مع احتمال حدوث تداعيات إذا ارتفعت أسعار الطاقة بشكل حاد.
ويحذر المراقبون من ارتفاع التضخم وأسعار السلع والخدمات في الأسواق وكما يبدو فإن المهام الإستراتيجية لإعادة الأعمار لا تقبل التأجيل لاسيما مع العودة الطوعية لآلاف الأسر المهجرة.
وتلفت أوساط اقتصادية مختصة أن الحكومة باشرت بوضع إجراءات احترازية وخطة طوارئ مستعجلة لاحتواء التداعيات ترافقت مع إعلان كل من دمشق وعمان عن تخفيض الرسوم المفروضة على الشاحنات والبرادات السورية الفارغة والمحمّلة التي تمر في الأراضي الأردنية، بما ينعكس إيجابا على التبادل التجاري بين البلدين، وبين دمشق وباقي دول الخليج العربي.
وفي قراءة تحليلية للتصريحات فإن الحكومة بصدد إجراءات تهدف الى الامتصاص المرحلي لارتفاع أسعار مشتقات الطاقة، أي أسعار الوقود وحوامل الطاقة، للحد من مستوى التضخم المستورد ومن المستوى العام لأسعار السلع والخدمات في الأسواق السورية. مع تفعيل أدوات التدخل الإيجابي إن لجهة تدخل المصرف المركزي لحماية الليرة السورية وحشد جهود المصارف لتأمين السيولة للمنتجين والمستهلكين، أو لجهة إعطاء منحة عاجلة تشمل كل شرائح المجتمع الهشة.
ورغم التحديات تبرز إيجابيات محفزة للاقتصاد قد تؤدي إلى عدم تراجع النشاط الاقتصادي ككل وخاصة السياحة التي شهدت عودة حميدة للمغتربين والجاليات العربية قبل عيد الأضحى، واستمرار خطوط الإمداد وشبكات النقل البري خاصة مع الأردن والعراق، ومن لبنان أو تركيا في اتجاه دول الخليج العربي وبالاتجاه المعاكس، ما يخفف من إغلاق طرق حيوية لكل دول المنطقة.
كما تتم إعادة جدولة لمجمل زيارات الوفود الاقتصادية وملتقيات الاستثمار العربية ومع تركيا التي كانت مقررة منذ أسبوعين وتم تأجيلها بسبب إغلاق المجال الجوي في عدة دول في الإقليم، وخاصة المجاورة لسوريا، إلا أن ذلك حسب المتوقع لن يكبح إلا مؤقتاً، الديناميكية الدولية والإقليمية الإيجابية تجاه سوريا، التي سادت بعد رفع العقوبات منذ شهر.
وبفضل الديناميكية الجديدة تعمل غرف الصناعة والتجارة على اعتماد خطة دعم للمنتجين والمستهلكين على حد سواء، للحد من ارتفاع أسعار السلع وخاصة تلك التي تدخل في إنتاجها سلع ومدخلات وسيطة مستوردة بما فيها مشتقات الطاقة، وذلك بهدف تأمينها ونقلها لإمداد السوق الداخلي.
وتدرس وزارات الاقتصاد والمالية والنقل خطة طوارئ تراعي حماية المُنتج المحلي فعلياً عبر إجراءات جمركية مستعجلة كإلغاء كافة الرسوم على السلع الوسيطة ومستلزمات الإنتاج الصناعي والزراعي ورفع للرسوم على المستوردات الكمالية، والصناعات الغذائية ككل.
وتحذر الأوساط الاقتصادية من الآثار السلبية لاستمرار الحرب التي تشعل قلب العالم بما يعني استمرار تعطل حركة الإمدادات بين دول الاقليم، وخاصة مع احتمال إغلاق مضيق هرمز والمجالات الجوية للشحن الدولي تجاه دول الإقليم وبين دول المنطقة.
لم يعد أحد ينتظر الظروف الملائمة التي قد تأتي وقد لا تأتي وانتهى عهد انتظار غودو اليوم بات القبطان هو من يسخر الظروف مستعيناً بمدد لايعد ومتخذ من الأسباب وسيلة لتطويع الرياح العاتية وإيصال السفينة الى مرساها الآمن .