الميسري في درعا.. موقع أثري مهم يحوز معالم منحوتة بعناية

مدة القراءة 4 دقيقة/دقائق

الحرية – وليد الزعبي:
وسط وادي الزيدي العميق الرافد الأساسي لوادي اليرموك، جنوب شرق مدينة درعا بحوالي ٤ كم، أهدت الطبيعة المكان نبعاً مائياً رقراقاً اسمه الميسري، كان يروي فيما مضى عشرات القرى والتجمعات السكانية، ومئات قطعان الماشية، ما جعله وفق ما ذكر أمين متحف درعا وائل كيوان لصحيفتنا الحرية، مركزاً لاستقطاب السكن البشري منذ فجر الحياة، ولا تزال دلائله ماثلة حتى الساعة في الكهوف والمغارات المنتشرة في محيط المنطقة العائدة للعصر الحجري القديم (الباليوليت)، ولفترات البرونز والفترة البيزنطية المبكرة، لافتاً إلى أن مغارات الموقع الأثرية تلك لا تزال بكراً وتحتاج التنقيب.
ولم يغفل أمين المتحف التطرق إلى الخربة الأثرية القائمة قبل انحناء الوادي للشرق على كتف سد درعا الشرقي، والتي تُظهر الأساسات المعمارية الضخمة والنماذج الفخارية الخاصة بها، أنها تعود لفترة البرونز (الألف الثالث قبل الميلاد).

كما بيّن كيوان أنه عند انحناء جسم الوادي من الشمال للجنوب وباتجاه الغرب، يقوم جرف صخري بازلتي مهم على امتداد نحو ٥٠٠ متر، حيث إن بعض صخوره منحوتة ومصقولة بعناية وحجارته مشذّبة الزوايا، فيما توجد أجران محفورة دائرياً، إضافة لوجود العديد من القطع الصوانية المصنعة كنصال وفؤوس ورؤوس نبال ومقاشط، وحوالي ١٧ جاروشة بحالة جيدة واثنتين مكسورتين، كذلك هناك مدقات ومقابض أسطوانية من حجر البازلت.

وركزّ أمين متحف درعا على الرسومات الموجودة على صخور الجرف، حيث إنها جدارية منفذة بأسلوب فني مبسط يعتمد على تحوير الشكل بخطوط خارجية غائرة بلطف، مع وجود نماذج قليلة تعتمد على تقنية التفريغ الكامل للشكل المراد تجسيده، وعلى ما يبدو أن فنانين على درجة كبيرة من المهارة قد نفذوا هذه الأشكال، علماً أنه لا يمكن الجزم بأن الحيوانات المرسومة على الصخر كانت موجودة في الطبيعة بالفعل، والذي حصل ما هو إلا محاولة للاستئناس بها ضمن أماكن الجلوس والاستقرار، وخاصةً أن الرسوم موجودة في تشكيلات أقرب ما تكون إلى مغارات مسقوفة لها ثلاثة أجنحة وسقف، وقد تكون هي (الدولمن) مدافن الألف الثامن إلى الخامس قبل الميلاد التي لها شواهد في العديد من دول أوروبا، واكتشفت نماذج منها في المنطقة الغربية من درعا باتجاه الجولان عند عين ذكر وتسيل.

وأشار كيوان إلى أن الوادي ينحني عدة انحناءات للشرق من الخربة الهامة آنفة الذكر وصولاً إلى خربة غرز وعدة خرب أثرية صغيرة قوامها صخور منحوتة وحجارة مصفوفة إلى جانب بعضها البعض، ومن أبرز ما يمكن الحديث عنه مغارتان تقوم إحداهما إلى غرب سجن غرز مباشرةً وهي مستطيلة الشكل وجدرانها مستوية، وإلى الجنوب منها تقوم الثانية وهي كبيرة وشكلها شبه مستطيل وتتألف من جناحين وجدرانها منحوتة بعناية وسقفها صواني وجدرانها كلسية بيضاء.

وحسب أمين المتحف فإن أعمال المسح والتنقيب في الموقع، كشفت وجود صخرة كبيرة عند زاويتها من الخارج عن صورة صغيرة لحيوان غير واضح قد يكون فيلاً صغيراً، بعد ذلك يوجد تقاطع لصخرتين منفصلتين تلتقيان من الأعلى على شكل رقم ٨، ولم يكن يظهر في القسم العلوي إلا بعض الخطوط، وبالتعمق بالحفر وتنظيف القسم العلوي جيداً اتضح أن القسم الجنوبي الغربي للصخرة الأولى يحمل تشكيلاً بديعاً لسبعة غزلان، لكنها تعرضت لتخريب عنيف وكسر على أمل أن يتم الترميم اللازم لها في المستقبل، ويوجد تحت القسم المكسور تشكيل لقطيع من خراف نفذت بأسلوب مبسط قوامه خطوط خارجية.

كما أظهرت التنقيبات الأثرية شكل حيوان كبير يظهر أنه خيل، إضافة لحيوان آخر رأسه متجه لأسفل وله ثلاثة قرون وعين وقدمان كبيرتان الأمامية أكبر من الخلفية، أما الصخرة الثانية التي تشابه الأولى ففيها عدة رسومات أغلبها متداخل، ولا سيما خيل رشيق يقوم تحته شكل لحيوان هو أقرب للثور، إضافةً لحيوان ثالث قد يكون جملاً مع حيوان آخر أسطوري المظهر، إضافة إلى العديد من الصخور المنحوتة، والتي تمثل رسومات لحيوانات أخرى متنوعة.

Leave a Comment
آخر الأخبار