السياسات الزراعية تساهم في تأمين الأمن الغذائي.. ومطالب بضرورة رفع العقوبات عن الاقتصاد السوري

مدة القراءة 6 دقيقة/دقائق

الحريّة – ميليا اسبر:

تعد مرحلة ما بعد التحرير حاسمة في الاقتصاد السوري، وإن التوجهات الاقتصادية الجديدة التي يفرضها الواقع المحلي والدولي من جهة، والتوجه نحو انتهاج اقتصاد السوق الحر، وإعادة تفعيل الاتفاقيات التجارية الجديدة بعد عودة سورية إلى موقعها الطبيعي الاستراتيجي في المحافل الدولية، يتطلب واقعاً جديداً وتعديلاً في السياسات المعتمدة، والتي اتسمت بالضبابية والتخبط خلال فترة العهد البائد، حسب ما أوضحه مدير المركز الوطني للسياسات الزراعية في وزارة الزراعة المهندس رائد حمزة في تصريح خاص لصحيفة الحريّة.
ولفت إلى أنه انطلاقاً من ذلك، يأتي دور المركز الوطني للسياسات الزراعية، كونه جهة متخصصة في تحليل السياسات وتقييم أثرها على المستوى القطاع ومستوى الاقتصاد ككل ، وكذلك اقتراح السياسات البديلة بالتعاون مع كافة الجهات المعنية في وزارة الزراعة والوزارات الأخرى من أجل رسم سياسات وبرامج، تأخذ بعين الاعتبار أهمية معالجة المشكلات والتحديات التي تواجه القطاع الزراعي، إضافة إلى أهمية البناء على الانفتاح على دول الإقليم والمجتمع الدولي، وكذلك المنظمات الدولية كافة في بناء شراكات وتعاون، لينعكس على الواقع الزراعي، والاقتصاد الوطني.

تنفيذ الدراسات وفق خطة سنويّة

وأشار حمزة إلى أن المركز يستمر حالياً في تنفيذ الدراسات وفق خطة عمله السنوية، والتي تتضمن تنفيذ دراسات وأوراق عمل تتوافق مع مهام أقسامه البحثية وهي: قسم السياسات التجارية – قسم الغذاء والزراعة، وقسم التنمية الريفية، إضافة لدراسات مشتركة مع جهات خارجية كدراسة تنبؤية حول استراتيجية القطاع الزراعي في ظل التغيرات المناخية، مضيفاً : إنه يشترك بتنفيذها فنيّون من وزارة الموارد المائية، ومديرية الأرصاد الجوية بالتعاون مع مركز “أكساد”، إضافة إلى دراسة مشتركة حول نمذجة القطاع الزراعي التي تهدف إلى التنبؤ بسلوك المزارعين تجاه تعديل وإصلاح السياسات الزراعية.

تأمين الأمن الغذائي
و في جوابه عن سؤال عن دور السياسات الزراعية في تأمين الأمن الغذائي، بين حمزة أن دورها يركز على توفير السلع الغذائية بشكل مستدام ، وأيضاً التخفيف من الأزمات التي تؤثر على الإنتاج، كالتغيرات المناخية والأمراض والآفات وغير ذلك، والعمل على استقرار وخفض تكاليف الإنتاج، والحد من الأغذية المستوردة، من خلال زيادة إنتاج الأغذية المحلية، وخاصة الأغذية ذات القيمة الغذائية العالية، لافتاً إلى تحسين الأمن الغذائي الوطني والأسري، وذلك بالتزامن مع السياسات الأخرى،و لاسيما المتعلقة بالصحة والسلامة وقدرة الفرد على الاستفادة من الغذاء.

وفي سؤال آخر طرحته الحريّة، وهو كيف للسياسات الزراعية أن تساهم في دعم القطاع الزراعي؟  وهل رفع العقوبات جزئياً عن سوريا يمكن أن يساعد في ذلك؟ أجاب حمزة بأن سياسة الدعم تعد أحد أهم أركان السياسات الزراعية، وتهدف إلى تطوير وتنمية القطاع الزراعي لتحقيق زيادة في الإنتاج، وأيضاً توجيه الإنتاج نحو تلبية الطلب المحلي والخارجي، وتتمحور السياسات الزراعية بشكل عام التي تساهم في دعم القطاع على ركيزتين أساسيتين، هما زيادة الإنتاجية، وخفض التكاليف، ويتفرع عنها سياسات تصب في صالح هاتين الركيزتين، كسياسات التخطيط والخدمات المساعدة من إرشاد وبحوث علمية والتمويل وغيرها، مضيفاً: إن سياسات الدعم يجب أن تركز على تمكين المزارعين من امتلاك واستخدام التكنولوجيا الحديثة، وخاصة فيما يتعلق بمكننة العمليات الزراعية، وممارسة العمليات الزراعية الجيدة والذكية مناخياً لمواجهة التحديات المناخية التي يواجهها القطاع الزراعي حالياً.

دعم القطاع الزراعي

وذكر حمزة أنه يمكن للسياسات الزراعية المساهمة في دعم القطاع الزراعي، من خلال تطوير البحوث الزراعية التطبيقية التي تساهم في زيادة الإنتاج والإنتاجية كماً ونوعاً، ورفع كفاءة عوامل الإنتاج،و خاصة الأرض والمياه، وكذلك تسهيل الوصول إلى مصادر التمويل، إضافة إلى رقمنة القطاع الزراعي التي تستخدم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وبيانات الأنظمة البيئية لدعم تقديم المعلومات والخدمات للمزارعين في الوقت المناسب وتطويرها، منوهاً بضرورة تطوير عملية التصنيع والتسويق وزيادة القيم المضافة.
و أضاف: مما لا شك فيه أن رفع العقوبات عن الاقتصاد السوري سيساهم في تحقيق وتنفيذ الإجراءات الآنفة الذكر، فحظر التكنولوجيا يصعب عملية تطوير البحوث الزراعية، وأيضاً رقمنة القطاع الزراعي، كما سيساهم رفع العقوبات في تأمين مستلزمات الإنتاج، وتطوير التصنيع الزراعي وتسهيل التبادل التجاري وتحقيق قيم مضافة.

معوقات
وعن أبرز المعوقات التي تواجهها المديرية، ولا سيما في الظروف الحالية، بيّن حمزة أن المركز يحتاج إلى كوادر بشرية مؤهلة وأدوات تحليل وبنى تحتية، تمكن كادره من القيام بمهامه، يضاف لذلك بناء علاقات قوية مع المراكز البحثية المحلية والإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

وكشف أنه وفق توجهات الوزارة حالياً، يتم إعداد برنامج تدريبي لرفع كفاءة العاملين في المركز وفي مديريات أخرى، والذي سيبدأ تنفيذه قريباً ويتضمن ثلاث مراحل أساسية تبدأ من التدريب الأساسي على مبادئ الاقتصاد وعلم الإحصاء، ثم تدريب متخصص على منهجيات وأدوات تحليل السياسات، ومن ثم التدريب النوعي الذي يتناول التدريب النظري والعملي على منهجيات متقدمة لتحليل السياسات، لافتاً إلى أن المركز عانى كالكثير من المراكز البحثية والجامعات وغيرها من عدم الاستفادة من التطور التكنولوجي المستخدم في معالجة وتحليل البيانات بسبب العقوبات المفروضة على سورية، وأمل أن ترفع العقوبات عن استخدام التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي الذي حقق قفزة نوعية في مجال البحوث وتحليل البيانات مع سورية الجديدة.

Leave a Comment
آخر الأخبار