الحرية – إخلاص علي:
تحوّلت منازل السوريين إلى صناديق مالية لمدّخراتهم وأموالهم بعد أن تبنّى مصرف سوريا المركزي سياسة حبس السيولة في البنوك والتشدّد النقدي، بهدف مكافحة التضخم الجامح منذ أكثر من شهرين.
وبحسب خبراء اقتصاديين أدت تلك الإجراءات والقرارات إلى إلحاق الضرر بالاقتصاد الوطني ولا بد من مراجعة تلك السياسات إنهاءً لمرحلة مضت واستعداداً لأخرى مقبلة.
حجم النقد مرتبط بالسلع
وحول ما يجري في السوق النقدية وما يجب أن يحصل قال عميد كلية الاقتصاد في جامعة دمشق الدكتور علي كنعان في تصريح لصحيفة “الحرية”: يتوازن النقد مع الإنتاج في الاقتصاد الوطني حيث تقوم الحكومات في جميع دول العالم بطباعة النقود استناداً إلى حجم الناتج المحلي الإجمالي بمعنى ، كم هي المبالغ اللازمة لتصريف السلع والخدمات المنتجة خلال سنة، وبناء عليه يتحدد حجم الكتلة النقدية في الاقتصاد الوطني حيث يساهم النقد بتسريع تصريف السلع والخدمات فيلعب دوراً في زيادة معدل النمو الاقتصادي فكلما ازداد حجم النقود يزداد تصريف السلع والخدمات ويمكن أن نذهب باتجاه الرواج الاقتصادي، وإذا كانت النقود الموجودة أكبر من الحاجة فيحصل التضخم أما إذا كانت أقل من الحاجة فيحصل الركود، لذلك على البنك المركزي والحكومة أن يقرروا المبالغ اللازمة بدقة حتى لايذهب الاقتصاد باتجاه الركود ما يؤثر على كفاءة وإنتاجية الاقتصاد الوطني والاستقرار العام للأسعار .
دعم بالتجميد
وتابع كنعان ماحصل لدينا في الاقتصاد السوري، أن كمية السيولة قليلة والبنك المركزي يتبع منذ فترة طويلة سياسة تجفيف منابع السيولة للحفاظ على استقرار سعر الصرف ، أي تم دعم سعر الصرف عن طريق تجميد و سحب الأموال ما ألحق ضرراً بالاقتصاد الوطني، ودفع به نحو الركود حيث أدى تخفيض السيولة بين أيدي المواطنين إلى نقص عمليات الشراء وانخفاض حجم الاستثمارات ، ومع سقوط النظام ونجاح الثورة السورية استمرت إدارة البنك المركزي بهذه العملية معتبراً أن هذا السياسة لاتجوز في الاقتصاد الوطني، حيث يؤدي حبس منابع السيولة إلى إستخدام الصناديق الخاصة بدل البنوك ما يُخرج النقد ويحجبه عن الدورة الاقتصادية وبالتالي يحصل الركود كما هو الحال الآن.
وأضاف كنعان: على البنك المركزي إلغاء كل هذه القرارات، والسماح للأفراد بالسحب والإيداع حتى لا يتدهور سعر الصرف إلى الشكل الذي وصل إليه حالياً، كما عليه أن يحصر تصريف الدولار بشركات الصرافة والبنوك ويضرب بيد من حديد المضاربين في السوق.
وأردف عميد كلية الاقتصاد: مهمة البنك المركزي الحفاظ على استقرار سعر الصرف، وليس رفعه حيث إن رفع قيمة العملة الوطنية يؤدي لزيادة الاستيراد وبالتالي خروج النقد الأجنبي للخارج، والأفضل هو تشجيع الصناعة الوطنية لتأمين الخدمات للمواطنين وبالتالي الحفاظ على القطع الأجنبي لدى الاقتصاد الوطني.
تأمين السيولة أساس الاستثمار
وفيما يخص عودة المستثمرين السوريين والاستثمارات الخارجية قال كنعان: على البنك المركزي أن يستعد للمرحلة القادمة، التي تمثل إعادة إقلاع الاقتصاد السوري من جديد ما يتطلب وجود سيولة بالليرات السورية، التي يحتاجها المستثمر عند تبديل عملته الأجنبية لإقامة المنشأة وشراء المواد الأولية ودفع الأجور .
وختم كنعان: إذا فتحنا باب الاستثمار الخارجي سيعود جزء كبير من المستثمرين السوريين بأدنى الحدود ١٠% منهم، وإذا قدّرنا أن للمستثمرين السوريين في الخارج ٢٥٠ مليار دولار فعودة ١٠ % منهم يعني ٢٥ مليار دولار وهذه كفيلة لإنعاش الاقتصاد الوطني.