في عامها الأول بعد التحرير.. سوريا تحقق تقدماً في عالم الاقتصاد

مدة القراءة 6 دقيقة/دقائق

الحرية – ميليا اسبر:

حققت سوريا خلال عامها الأول بعد التحرير تقدماً اقتصادياً جيداً في كثير من الجوانب الهامة ابتداءً من تخفيض أسعار السلع والمواد، وانتهاء بالمشاركة في فعاليات ومعارض اقتصادية عربية ودولية، كل ذلك جعل منها محط أنظار الكثير من المستثمرين المحليين والأجانب، الأمر الذي سيؤدي في نهاية المطاف إلى نهوض الاقتصاد السوري وازدهاره ، لكن على الرغم من ذلك مازالت تواجه البلاد تحديات كبيرة تتطلب إصلاحات شاملة ودعمًا دوليّاً لتحقيق التعافي المستدام.

الخبير الاقتصادي فاخر القربي أوضح في تصريح لـ” الحريّة ” أنه بعد سقوط النظام البائد ، واجه الاقتصاد السوري صعوبات كبيرة في ظل الفوضى وتدمير البنية التحتية، لكن بدأت تظهر بعض الإنجازات الأولية مثل انخفاض أسعار السلع الأساسية وإلغاء ضريبة جمركة الهواتف بالتزامن مع بداية جهود لإعادة الإعمار عبر جذب الاستثمارات الخارجية والتركيز على القطاعين الزراعي والصناعي.

إنجازات اقتصادية

وأشار القربي إلى إنجازات اقتصادية أولية أهمها
1- انخفاض أسعار السلع حيث شهدت الأسواق انخفاضاً ملحوظاً في أسعار مواد مثل الموز والسكر والأرز، ما زاد من قدرة المواطنين على شرائها.

2- إلغاء جمركة الهواتف فقد تم إلغاء الضريبة المفروضة على الهواتف المستوردة، ما أدى إلى انخفاض أسعارها والتشجيع على شرائها.

3- الانفتاح على السوق مثل دخول سيارات حديثة بأسعار مقبولة.
4- بدء مكافحة المخدرات فقد تم ضبط مصانع ومستودعات ضخمة للمخدرات وزادت عمليات ضبط المهربين بالتعاون مع دول الجوار.

تحديات مستقبلية

القربي تحدث عن تحديات وآفاق مستقبلية أهمها
إعادة الإعمار والتي تُمثل تحديًا كبيرًا حيث تتطلب استثمارات ضخمة لإصلاح البنية التحتية المتضررة، إضاقة إلى تدهور الناتج المحلي والذي انكمش بشكل كبير منذ عام 2011 ولا يزال نصيب الفرد من الدخل القومي منخفضاً، مشيراً كذلك إلى أن البلاد تواجه تحديات طويلة الأمد مثل أزمة السكن والتغيرات الديموغرافية وإعادة بناء النسيج الاجتماعي، مؤكداً ضرورة الحاجة لإصلاحات شاملة في مجالات مثل النظام المالي والبيئة القانونية للاستثمار لتحقيق التعافي المستدام، لافتاً إلى أن الحكومة الجديدة تعمل على جذب رؤوس الأموال المحلية والأجنبية للمشاركة في مشاريع البنية التحتية ، وأيضاً دعم القطاعات الحيوية عن طريق إعادة تأهيل القطاعات الأساسية مثل الزراعة والصناعة من خلال تقديم تسهيلات ودعم استثماري، وكذلك تطوير التشريعات المالية والجمركية لتسهيل التجارة الخارجية وتشجيع الاستثمار.

القربي : التحولات الجارية سياسياً واقتصادياً لحظة حاسمة في تاريخ سوريا وفرصة لإعادة بنائها على أسس عميقة

تفعيل القطاع المالي

وذكر الخبير الاقتصادي أنه خلال عام واحد استطاعت الحكومة إعادة تفعيل القطاع المالي والنقدي وضخ الثقة به، فاستأنفت سوق دمشق للأوراق المالية التداول بعد 6 أشهر من التوقف، ما يشير إلى أن الاقتصاد السوري بدأ يتعافى، وأن سوريا تحولت من اقتصاد مركزي يديره القطاع العام واقتصاد الظل إلى اقتصاد قائم على الحرية الاقتصادية، مضيفاً أن الفرصة اليوم متاحة أمام البلاد لتحقيق نهضة اقتصادية شاملة خلال السنوات العشر المقبلة شريطة استمرار الإصلاحات واستقرار البيئة السياسية والأمنية، فالنمو المتوقع في القطاعين الزراعي والصناعي قد يسهم في تقليص البطالة وتحقيق الأمن الغذائي، كما أن فتح سلاسل التوريد وخطوط النقل تدريجياً سيعزز التجارة الداخلية والخارجية.

تجاوز مرحلة الإغاثة

ويرى القربي أنه في حال استمرت الاستثمارات الخليجية والتركية وتوفرت الشفافية والثقة لدى المانحين فقد تتمكن سوريا من تجاوز “مرحلة الإغاثة” والانتقال إلى مرحلة “التنمية المستدامة” وهذا يحقق انخفاضاً تدريجياً في معدلات التضخم والبطالة بالتزامن مع تحسن العملة الوطنية وانخفاض الاعتماد على الدولار، لاسيما أن مستقبل الاقتصاد السوري يعتمد أساساً على قدرة الحكومة على خلق بيئة سياسية مستقرة واستكمال مسار العدالة الانتقالية وضبط الأمن الداخلي، وأيضاً بناء مؤسسات كفوءة وشفافة، وتبقى إعادة تعريف هوية الاقتصاد السوري -كمجتمع منفتح قائم على اقتصاد السوق- مرهونة بجدية الحكم الجديد في محاربة الفساد وبناء الثقة والتفاعل النشط مع المجتمع الدولي.

الطريق لايزال طويلاً

ورغم إن الطريق لا يزال طويلاً حسب القربي فإن التحولات الجارية سياسياً واقتصادياً – تشير إلى لحظة حاسمة في تاريخ سوريا وفرصة لإعادة بناء البلاد على أسس جديدة ربما تكون الأعمق منذ الاستقلال، منوهاً بأن مستقبل سوريا يعتمد على قدرة الإدارة الجديدة على تحويل الانفتاح الدبلوماسي إلى شراكات إستراتيجية مستدامة والعمل على تجاوز الحسابات الإقليمية والدولية المعقدة واستثمار اللحظة الراهنة لبناء دولة قوية.

فرصة ذهبية

ونوه الخبير الاقتصادي بأن هناك ثمة تحديات عدة على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي في سوريا تجعل إدارة سوريا الجديدة تتمهل في ما يخص الفترة الانتقالية من بينها إعادة الإعمار واختيار الهوية الاقتصادية للدولة الجديدة، ولكن أمام كل ذلك تظل هناك فرصة ذهبية بين يدي القيادة الجديدة لإبراز الإنجازات الاقتصادية التي عملت عليها وما زالت في حين أنها تسلمت بلداً متهالكاً متهاوياً، فأي شيء يمكنها أن تضعه في هذا البلد من المال أو الإصلاحات الصغيرة سيبرز على أنه إنجاز اقتصادي، ما سيعزز من شرعيتها والحاضنة الشعبية لها والتفاف الجماهير حولها، خاتماً حديثه بالقول إن السوريين يترقبون المستقبل الجديد ويأملون الأفضل لهم ولبلدهم.

Leave a Comment
آخر الأخبار