كيف يمكن تحويل الأزمات إلى فرص واعدة للنهوض الاقتصادي في سوريا؟

مدة القراءة 3 دقيقة/دقائق

الحرية – فادية مجد:

عانت سوريا لسنوات طويلة من واقع اقتصادي بالغ الصعوبة، تفاقم في ظل النظام البائد نتيجة العقوبات الدولية التي فرضت عليها، والتي أدت إلى شلل حركة الإنتاج، وضعف البنية التحتية.

واليوم وبعد أن تم رفع تلك العقوبات،  يبرز سؤال جوهري وهو.. هل تستطيع سوريا أن تحول هذه التحديات المتراكمة إلى فرص حقيقية للنهوض الاقتصادي؟، وهل تمتلك الأدوات والرؤية اللازمة لاستثمار مواردها الطبيعية في بناء مستقبل أكثر استقراراً وازدهاراً؟

تحديات متراكمة

المستشار والأكاديمي زياد أيوب عربش أكد لـ”الحرية” أن سوريا تواجه تحديات اقتصادية عميقة ومتراكمة، جاءت نتيجة سنوات طويلة من الحرب التي ألحقت دماراً واسعاً بالبنية التحتية، وأثرت بشكل مباشر على مختلف القطاعات الإنتاجية والخدمية، وفاقمت من معدلات البطالة والفقر، وأضعفت الناتج المحلي الإجمالي.

وأضاف عربش: هذه التحديات باتت أكثر تعقيداً في ظل موجة جفاف غير مسبوقة تضرب البلاد، ما زاد من الضغط على القطاع الزراعي الذي يعد من الأعمدة الأساسية للاقتصاد السوري.

فرص للنهوض

وأشار عربش إلى أنه رغم  الظروف الصعبة، لا تزال هناك فرص واعدة للنهوض الاقتصادي، شريطة أن يتم استثمارها بشكل مدروس واستراتيجي، فسوريا تمتلك موارد طبيعية غنية ومتنوعة، أبرزها الأراضي الزراعية الخصبة، والثروات الباطنية مثل النفط والغاز والفوسفات، إلى جانب إمكانات كبيرة في مجال الطاقة المتجددة، وخاصة الطاقة الشمسية، كما أن الموقع الجغرافي لسوريا، الذي يربط بين آسيا وأوروبا، يمنحها ميزة تنافسية يمكن تحويلها إلى مركز لوجستي إقليمي يخدم حركة التجارة والنقل في المنطقة.

وشدد عربش على أن النهوض الاقتصادي لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال مجموعة من الإجراءات المتكاملة، تبدأ بجذب الاستثمارات الأجنبية والعربية، وتعزيز الحوكمة والشفافية، وإصلاح المؤسسات الاقتصادية بما يضمن بيئة أعمال مستقرة ومحفزة للنمو.

شروط التعافي الاقتصادي

ولفت إلى أهمية الاستثمار في الزراعة الذكية، عبر إدخال تقنيات حديثة مثل الري بالتنقيط، واستخدام الأقمار الصناعية لمراقبة المحاصيل وتحسين الإنتاجية، ما يساهم في رفع كفاءة القطاع الزراعي وتقليل الهدر في الموارد.

وأن استغلال الموارد الطبيعية يجب أن يتم وفق رؤية تنموية شاملة، تضمن تحويل هذه الثروات إلى منتجات صناعية ذات قيمة مضافة، بدلاً من تصديرها كمادة خام، وهو ما يتطلب تطوير الصناعات التحويلية المرتبطة بها، وتوفير البنية التحتية اللازمة لذلك.

موضحاً أن تعزيز التجارة الإقليمية يتطلب تحسين شبكات النقل والتخزين، وربط مناطق الإنتاج بالأسواق المحلية والدولية، بما يقلل من الخسائر ويزيد من القدرة التنافسية للمنتجات السورية.

وختم عربش كلامه بالإشارة إلى أن تحويل هذه الفرص إلى نهوض فعلي يستوجب إعادة الاستقرار الأمني والسياسي، وإصلاح المؤسسات الحكومية والاقتصادية لضمان بيئة مستقرة وجاذبة، وتنويع القطاعات الاقتصادية بين الزراعة، الصناعات التحويلية، والخدمات، مع تطوير الصناعات الصغيرة والمتوسطة، وجذب الاستثمارات الأجنبية والعربية والدولية من خلال تعزيز الشفافية والحوكمة، وتطوير البنية التحتية للنقل والتخزين لربط الإنتاج بالأسواق وتقليل الخسائر، والتركيز على تنمية الموارد البشرية المؤهلة والقادرة على حمل أعباء التنمية، من خلال برامج تدريبية ومهنية تواكب احتياجات السوق وتدعم الابتكار وريادة الأعمال.

Leave a Comment
آخر الأخبار