المنجد مهنة عريقة تعبق برائحة التراث دفء البيوت القديمة

مدة القراءة 2 دقيقة/دقائق

الحرية- رنا الحمدان:

تفوح رائحة القطن والصوف الممتزجة بعبق الزمن، في زقاقٍ قديمٍ من السوق التجاري في مدينة طرطوس، هناك، خلف كومة من اللحف والمخدات الملونة، يجلس مفيد عبد الهادي منكس الرأس ليعيد الرونق لفرشة بخبرة اكتسبها من أكثر من نصف قرنٍ من العمل في مهنة التنجيد.
بدأ عبد الهادي مشواره عام 1972، حين كانت المهنة رائجة ومصدر رزق كريم لعشرات العائلات.
ومع مرور السنين، وظهور اللحف الصناعية وفرشات “الديكرون” الحديثة، انقرضت المهنة تدريجياً، حتى لم يبق اليوم في المدينة سوى محلين أو ثلاثة فقط ما زالوا يحافظون على هذا الإرث اليدوي.
ورغم طغيان الصناعات الحديثة، يؤكد عبد الهادي لصحيفة “الحرية” أن فرش الصوف والقطن لا تزال لها مكانتها الخاصة في قلوب كثيرين.
ويؤكد بابتسامةٍ تعبق بالرضا “الناس ما زالوا يحبون اللحف القديمة، يشعرون معها بدفء مختلف، فهي أوفر وأفضل صحياً من الصناعات الحديثة المصنوعة من مواد بترولية سريعة الاشتعال.”
وعن واقع المهنة اليوم، يضيف: “الإقبال متوسط، والحمد لله ما زلنا مستورين، هذه المهنة كانت رزقي ورسالة حياتي، وبفضلها ربيت أولادي الذين أصبحوا اليوم مهندسة معمارية، وصيدلانية، وحقوقياً تخرج بامتياز.”
بخيوط وأقمشة وأبر، يواصل عبد الهادي من محله الصغير حياكة ذاكرة جيلٍ كاملٍ من السوريين الذين ما زالوا يجدون في اللحاف اليدوي ملمس الطفولة ودفء البيوت القديمة، في زمنٍ تتسارع فيه الصناعات وتتراجع الحرف، يبقى مفيد عبد الهادي واحداً من حراس الحرفة الأصيلة، يخيط بخيوطه حنين الماضي ويصونه من الاندثار.

Leave a Comment
آخر الأخبار